مزارعو فلسطين يخسرون مرتين

المواطنون يتركون اغنامهم ترعى محاصيلهم الزراعية من الخضروات في ظل تدني اسعارها- الجزيرة نت5
undefined

عاطف دغلس-نابلس

كان خيار المزارع حمدان سليمان بلاونة (70 عاما) من قرية النصارية في الأغوار الفلسطينية صعبا عندما قرر إطلاق أغنامه لترعى محصوله من الكوسا والباذنجان وغيرها من الخضراوات التي يزرعها في أرضه طلبا لكسب الرزق والكف عن سؤال الناس.

فهذا لم يعد خيارا بالنسبة لبلاونة بعدما تراجعت أسعار خضراواته كغيره من المزارعين بالمكان ومحيطه لأدنى مستوياتها.

ووصل سعر صندوق الباذنجان الذي يزن نحو عشرة كيلوغرامات إلى أقل من دولار أميركي، بينما وصل نظيره من الكوسا الذي يزن حوالي 15 كيلوغراما لما يعادله أو أكثر بقليل.

ويقول بلاونة للجزيرة نت، إنه تكلف نحو أربعة آلاف دولار في زراعة ثمانية دونمات (الدونم يساوي ألف متر مربع) بهذه الخضراوات "ولم أجن من المحصول سوى أقل من نصف التكلفة دون ربح".

وأضاف أنه يدفع جزءا كبيرا من ثمن المحصول للمياه والأسمدة وأجرة العمال، ويتكلف مبالغ أخرى ثمنا للنقل لسوق الخضار بنابلس ويدفع أيضا مقابل تسويقه لبضاعته.

هلاك المحصول
وأشار بلاونة إلى أنه اضطر لبيع نحو مائة من أغنامه على فترات متفاوتة لسد العجز والديون المتراكمة عليه، وترك ما تبقى منها لترعى أرضه الزراعية "ومثلي يفعل أهالي القرية، وبهذا نوفر إطعام الماشية ولا نتحسر على الأسعار المتردية".

‪الحاج حمدان سليمان: اضطر لبيع نحو مائة من أغنامه على فترات متفاوتة لسد العجز والديون المتراكمة عليه‬ (الجزيرة)
‪الحاج حمدان سليمان: اضطر لبيع نحو مائة من أغنامه على فترات متفاوتة لسد العجز والديون المتراكمة عليه‬ (الجزيرة)

ومثل الحاج سليمان أقدم الشاب هيثم عودة (25 عاما) على تقطيع دونمين من كروم العنب بعدما تدنت أسعاره بسبب بضائع المستوطنات الأرخص ثمنا.

وفي الوقت الحالي لا يفكر عودة إلا بطريقة يسترد بها جزءا من أمواله التي أنفقها على هذا المشروع التي تجاوزت أربعة آلاف دولار "عبر الزراعة بطرق مماثلة للزراعة بالمستوطنات داخل بيوت بلاستيكية توفر جودة عالية ونضوجا قبل الموسم".

ولم يخف المزارعون وجود تفاوت في الأسعار بل واعتدالها والقبول بها بعض الشيء أحيانا، لكنهم يُجمعون أن ذلك "يكون لفترة قصيرة وليس لصالح كل الزراعات".

بضائع المستوطنات
وتعد بضائع المستوطنات هي الخطر الأكبر الذي يحدق بالمزارعين، إضافة لقلة الدعم الحكومي، علاوة عن تلاعب التجار بالأسعار وابتزازهم للمزارعين، كما يقول مسعدة البلوي الناشط في الدفاع عن المزارعين بالنصارية.

وأضاف للجزيرة نت أن غياب الرقابة على منتجات المستوطنات، وإحاطة الأغوار "سلة غذاء فلسطين" بالحواجز العسكرية الإسرائيلية، وغياب التسويق للإنتاج الفائض، كلها عوامل تهدد الزراعة الفلسطينية.

البلوي: بضائع المستوطنات هي الخطر الأكبر الذي يحدق بالمزارعين إضافة لقلة الدعم الحكومي (الجزيرة)
البلوي: بضائع المستوطنات هي الخطر الأكبر الذي يحدق بالمزارعين إضافة لقلة الدعم الحكومي (الجزيرة)

كما أن غلاء أسعار الأسمدة والمياه أيضا يتهدد معظم الزراعات، إضافة لتأخر وزارة الزراعة برد أموال الضريبة للمزارعين لسنوات بدلا من دفعها سنويا.

ونتيجة ذلك تراجع عدد المزارعين وقلّ الإنتاج مقارنة بالسابق "وتحولت أراض كثيرة للأسر الغنية التي جعلت منها مزارع خاصة وأماكن للترفيه والتنزه".

ويقول التاجر مهند عبد الرحيم من نابلس إن هذا حال السوق، فأحيانا تصلهم البضائع غالية وأحيانا أخرى رخيصة "وهذا ليس ذنبنا والمطلوب دعم المزارع بأرضه".

باب التصدير
من جهته نفى وزير الزراعة الفلسطيني وجود بضائع ومنتجات زراعية من المستوطنات، وقال إنهم يعملون على محاربتها بكل الطرق منذ سنتين على الأقل.

وأكد في حديثه للجزيرة نت عدم وجود رخص بأسعار المزروعات، وقال إنه لا يوجد فائض بالإنتاج، وتابع أنه يتم تصدير العديد من الشاحنات من مختلف البضائع يوميا "وهذا قلل الفائض وحسّن الأسعار"، ودعا المزارعين الذين يواجهون كسادا في إنتاجهم للتوجه للوزارة لمساعدتهم على تسويقها.

ويحصل المستوطن الإسرائيلي بالضفة على 900 لتر يوميا مقابل 30-60 لترا يوميا للفلسطيني، وهذا ما أوصل حجم الإنتاج الاقتصادي للمستوطنات إلى نحو سبعمائة مليون دولار سنويا، وفق خالد منصور مدير الإغاثة الزراعية بنابلس.

المصدر : الجزيرة