جدل بالجزائر حول تصريحات لزعيم حزب الأغلبية

المقر المركزي لحزب جبهة التحرير الوطني
undefined

ياسين بودهان-الجزائر

أثارت تصريحات أدلى بها الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني الجزائري عمار سعيداني جدلا واسعا بين الأوساط السياسة، نظرا لخروجها عن المألوف وتجاوزها لمبدأ التحفظ وفق الكثير من المتابعين.

وكان سعيداني -الذي يقود حزب الأغلبية البرلمانية- تحدث في مقابلة مع رويترز عن سعي الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة لتمدين الحياة السياسية من خلال إبعاد المؤسسة العسكرية خاصة جهاز المخابرات عنها.

وبينما رحبت أحزاب الموالاة بهذه التصريحات، ذهب أغلب المحللين إلى أنها قوية وتجاوزت مبدأ التحفظ السياسي باعتبار سعيداني أول مسؤول يدلي بحديث من هذا النوع، في حين عدتها المعارضة تسويقا لترشح بوتفليقة لعهدة رابعة فقط.

البوليس السياسي
ويرى رئيس تحرير يومية الوطن الناطقة بالفرنسية فيصل مطاوي أن تصريحات سعيدان تثير علامات استفهام وتعجب، لأنها صادرة عن مسؤول في حزب كان ولا يزال لعبة في أيدي البوليس السياسي، حسب تعبيره.

‪مطاوي ربط تصريحات سعيداني بترشح بوتفليقة لعهدة رئاسية رابعة‬ (الجزيرة)
‪مطاوي ربط تصريحات سعيداني بترشح بوتفليقة لعهدة رئاسية رابعة‬ (الجزيرة)

ويضيف أن حزب جبهة التحرير الوطني يفتقد للاستقلالية في قراراته وفي التعيينات التي يجريها في مختلف المناصب، حيث يتعين حصول موافقة جهاز المخابرات عليها، على حد قوله.

وحسب مطاوي، فإن سعيداني بدا وكأنه يشعر بأن له الحرية في إطلاق مثل هذه التصريحات، لكنه تساءل "هل ما قاله صحيح أم مجرد مناورة؟"

ويشدد مطاوي على أن المخابرات الجزائرية تتدخل في كل شؤون السياسة، وأن سعيداني يدرك ذلك جيدا رغم نفيه له في مناسبات سابقة.

وتساءل مطاوي عما إذا كان جهاز المخابرات يسعى لتلميع صورته عبر تصريحات سعيداني بعدما حدث في المنطقة العربية، خاصة في دول الجوار مثل تونس وليبيا.

ويذهب إلى أن تصريحات الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني تعطي الانطباع بأن جهاز المخابرات الجزائرية لا يتدخل في أي شيء، وأنه أصبح ضحية لنظام الرئيس بوتفليقة.

ويقول إنه كان حريا بسعيداني أن يتحدث سابقا عن تحييد العسكر عن السياسة ما دام يؤمن بأن هذا التوجه ضروري لتغيير الأوضاع في البلاد.

حرب نفسية
بيد أن مطاوي يربط تصريحات سعيداني والحديث عن تحييد العسكر عن المشهد السياسي بما سماه الحرب النفسية، بمناسبة اقتراب الانتخابات الرئاسية المقررة العام القادم، خصوصا في ظل الحرص على الدفع ببوتفليقة للترشح لعهدة رئاسية رابعة.

‪تواتي: الحديث عن تمدين السياسة محاولة لصرف الأنظار عن المشاكل الحقيقية‬ (الجزيرة)
‪تواتي: الحديث عن تمدين السياسة محاولة لصرف الأنظار عن المشاكل الحقيقية‬ (الجزيرة)

من جانبه يرى رئيس حزب الجبهة الوطنية المعارض موسى تواتي أن التغييرات التي طالت المؤسسة العسكرية وخصوصا جهاز المخابرات تدخل في إطار صلاحياتها الدستورية وتأتي ضمن مشروع احترافية الجيش.

ويضيف تواتي -في حديث للجزيرة نت- أن التغييرات التي طالت الجيش الجزائري طبقت وفق ما يراه الرئيس بوتفليقة مناسبا.

لكن تواتي رأى أن هذه التغييرات جاءت متأخرة، قائلا إن بوتفليقة كان بإمكانه إبعاد الجيش عن السياسة في عهدته الرئاسية الأولى إذا كان يؤمن بذلك.

ويخلص تواتي إلى أن الحديث عن تمدين الحياة السياسة في الجزائر مجرد محاولة لصرف الأنظار عن المشاكل الحقيقية، والملفات الكبرى من قبيل التحديات الاقتصادية والاجتماعية وتسيير المال العام.

وقد اتصلت الجزيرة بالأمين العام لجبهة التحرير عمار سعيداني لتوضيح وجهة نظره والرد على المعارضة، لكنه رفض التعليق على الجدل الذي أثارته تصريحاته.

المصدر : الجزيرة