المسكن الهم الأول بكردستان العراق

بنايات سكنية
undefined

 
ناظم الكاكي ـ السليمانية

اضطر الشاب الكردي دلير بختيار علي -الذي يعيش في مدينة السليمانية بكردستان العراق ويعمل مهندسا مدنيا- إلى تأجيل زواجه بعد عقد قرانه منذ نحو عام لأنه لم يعثر على سكن يناسب قدراته المالية.

يقول دلير للجزيرة نت "دخلي الشهري 1600 دولار، لكن السكن إما أن يكون غير متوفر أو أن يكون الإيجار باهظا"، ويعبر عن تشاؤمه بالمستقبل مشيرا إلى أنه قد يضطر إلى تأجيل زواجه لسنوات.

حالة هذا الشاب الذي التقته الجزيرة نت في السليمانية -العاصمة الثقافية والتجارية لكردستان العراق- ليست الوحيدة في الإقليم، فمثله الكثير من الشباب الذين تقف أزمة العثور على مسكن مناسب حائلا أمام إتمام زواجهم.

وتتضاعف الأزمة مع انتعاش الأوضاع الاقتصادية في الإقليم وارتفاع مستوى دخل الأسرة، الذي يتراوح بين 500 و1000 دولار أميركي، حيث إن أسعار العقارات وإيجارات المساكن تسجل هي الأخرى معدلات مرتفعة وغير مسبوقة في مدن وبلدات الإقليم كافة.

وبالرغم من بناء آلاف الوحدات السكنية التجارية من قبل الشركات المستثمرة في القطاع العقاري بمحافظات الإقليم الثلاث (أربيل، السليمانية، دهوك) خلال العقد الماضي فإن أزمة السكن لا تزال متفاقمة وتستفحل باستمرار، نظرا لغلاء أسعار بيع تلك الوحدات، التي تتراوح بين 100 و250 ألف دولار.

وهي مبالغ يستحيل تأمينها من قبل أصحاب الدخل المحدود، الذين يشكلون أغلبية سكان إقليم كردستان الذي يناهز عدد سكانه خمسة ملايين نسمة بحسب الإحصاءات شبه الرسمية.

ويبلغ عدد الأسر المستأجرة في الإقليم أكثر من 70 ألف أسرة، منها نحو 20 ألف أسرة في محافظة السليمانية، طبقا لإحصاءات "جمعية الأسر المستأجرة" في الإقليم.

‪عبد الله حسن: العرض أصبح منعدما‬ (الجزيرة)
‪عبد الله حسن: العرض أصبح منعدما‬ (الجزيرة)

أسباب الأزمة
ويقول عبد الله حسن خضر وهو صاحب مكتب للعقارات في حي سروري بمدينة السليمانية "إن المساكن المعروضة للإيجار أصبحت منعدمة تماما وإن وجدت بالصدفة فإن إيجارها لا يقل عن 500 دولار شهريا، بالنسبة لمسكن متواضع مؤلف من غرفتين وصالة".

وعزا خضر في حديثه للجزيرة نت أسباب الأزمة إلى الزيادة المضطردة في عدد الشباب المتزوجين حديثا، وغلاء أسعار العقارات والمساكن التي تبنيها الشركات الاستثمارية، وهجرة القرويين نحو المدن جراء ضعف الخدمات وفرص العمل في قراهم.

ويضيف إلى تلك الأسباب أيضا عودة المواطنين المغتربين من الدول الأوروبية، واستمرار تدفق اللاجئين الإيرانيين والسوريين نحو الإقليم، علاوة على الزيادة المستمرة في عدد الأسر القادمة من محافظات وسط وجنوب العراق بسبب تردي الأوضاع الأمنية والخدمية هناك.

وفي حي رزكاري أكد رفيق رسول وهو صاحب مكتب للعقارات أن أسعار بيع الأراضي والمساكن مرتفعة جدا في مدن الإقليم بل إنها تعد أغلى من أسعارها في دول المنطقة كافة، وربما في دول الخليج العربي أيضا.

‪مجمع سكني بالسليمانية‬ (الجزيرة)
‪مجمع سكني بالسليمانية‬ (الجزيرة)

الدور الحكومي
وأضاف "ومع ذلك فإن عمليات بيع وشراء العقارات والأراضي تكاد تكون متوقفة في السليمانية منذ نحو عامين بسبب غلاء أسعارها رغم شح الطلب عليها، حتى إن أصحاب بعض مكاتب العقارات اضطروا إلى إغلاق مكاتبهم ومزاولة مهن أخرى".

وبشأن تصوره للحل قال إن الحل الوحيد للتغلب على أزمة السكن العويصة، هو أن تبادر حكومة الإقليم إلى بناء وحدات سكنية وتوزيعها على المستأجرين من ذوي الدخل المحدود بأسعار مدعومة وبأقساط مريحة.

وكانت مديرية الإحصاء في السليمانية قد وزعت الشهر الماضي، استمارات تتضمن سلسلة طويلة من الشروط على 22 ألف أسرة للحصول على وحدات سكنية في مجمع مؤلف من خمسة آلاف وحدة سكنية بنته الحكومة مؤخرا لتوزيعها على الموظفين وأصحاب الدخل المحدود، وأكد وزير الإعمار في الإقليم كامران أحمد أن بناء هذا العدد من المساكن في محافظات الإقليم سنويا كفيل بالتغلب التدريجي على أزمة السكن في غضون العقد القادم.

المصدر : الجزيرة