نتنياهو يستغل كيماوي سوريا لتشكيل حكومته

الإعلام الإسرائيلي يقرع طبول الحرب على السلاح الكيماوي بسوريا
undefined

محمد محسن وتد-أم الفحم

اختار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو توقيت إطلاق المفاوضات لتشكيل تحالف حكومته المقبلة ليلوح مجددا بالفزاعة الأمنية والمخاطر الوجودية المحدقة بإسرائيل، حين وظف الأسلحة الكيماوية السورية في مسعى للاستعانة بأزمات خارجية وما يجري بدول الجوار لرص الصفوف من حوله تحت مظلة "الإجماع القومي الصهيوني".

وانتدب نتنياهو مستشاره للأمن القومي يعقوب عميدرور إلى روسيا للتباحث مع القيادة السياسية والعسكرية بشأن التطورات في سوريا وتداعيات سلاحها الكيماوي، ولنقل مواقف تل أبيب وقلقها حول مصير هذه الأسلحة، وذلك بالتوازي مع تكثيف التنسيق مع الإدارة الأميركية والاطلاع على برامجها العسكرية لمواجهة احتمالات تسرب الأسلحة الكيماوية إلى منظمات "إرهابية".

‪يديعوت أحرونوت تتحدث عن
‪يديعوت أحرونوت تتحدث عن "جبهة متفجرات" في إشارة إلى سوريا‬ (الجزيرة)

تأهب وتجنيد
ومن جانبه، انساق الإعلام الإسرائيلي وراء تلويح نتنياهو وأخذ يقرع طبول الحرب على الأسلحة الكيماوية السورية باعتبارها خطرا وجوديا، وتجند الإعلام حين رفع نتنياهو حالة التأهب بتل أبيب خشية نقل هذه الأسلحة إلى حزب الله والجماعات الإسلامية "الإرهابية"، مع ترويج أنباء عن تصاعد وتيرة المعارك بين الجيشين النظامي والحر حول مستودعات الأسلحة الكيماوية، مما دفع وزارة الدفاع إلى نصب بطاريتين لمنظومة القبة الحديدية في حيفا والجليل.

ويجمع محللون على أن تل أبيب ترقب منذ اندلاع الثورة السورية تطورات الأحداث، خصوصا أن تقديرات إسرائيل تشير إلى أن بحوزة النظام السوري قرابة ألف طن من الأسلحة الكيماوية، وعليه فإن توجيه ضربة عسكرية إلى مستودعات الأسلحة الكيماوية كان حاضرا دائما على الأجندة الأمنية، والتلويح بها الآن كما جاء على لسان سيلفان شالوم نائب نتنياهو مرهون بالتطورات السياسية ونتائج الانتخابات وتشكيل ائتلاف الحكومة.

ويعتقد الباحث في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية أنطوان شلحت بأن تواتر الحديث حول خطر انتقال الأسلحة الكيماوية إلى "عناصر إرهابية"، محاولة لصرف أنظار العالم عن أمور أخرى، مؤكدا أن هذا الحديث مرتبط بالسياسة الإسرائيلية الداخلية، مع الإشارة إلى مقولة وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر أنه لا توجد لدى إسرائيل سياسة خارجية بل داخلية فقط.

ويشدد الباحث في حديث للجزيرة نت على أن عودة الحديث عن المخاطر الأمنية الماثلة أمام إسرائيل، ومنها "الخطر النووي الإيراني" و"خطر الأسلحة غير التقليدية في سوريا"، من شأنها أن تخدم أجندة نتنياهو الذي يسعى لتأليف حكومته الثالثة، فهو يستعين بأزمات خارجية للتخفيف من حدة أزمته الداخلية التي نجمت عن تلقي حزبه صفعة قوية في الانتخابات الأخيرة.

نتنياهو يسعى لتوظيف المخاوف الأمنيةلحشد الأحزاب في حكومته (الفرنسية)
نتنياهو يسعى لتوظيف المخاوف الأمنيةلحشد الأحزاب في حكومته (الفرنسية)

تهديد ووعيد
من ناحيته، يرى المحاضر بقضايا الأمن القومي الإسرائيلي رؤبين بدهاتسور أن مصير الأسلحة الكيماوية وتطورات الأحداث في سوريا هما جل اهتمام إسرائيل، وعليه فلا يوجد مبرر للتلويح بتوجيه ضربة عسكرية، لكن الجديد في مواقف قادة إسرائيل هو أن نتنياهو يسعى لتشكيل حكومة موسعة على وجه السرعة، لذا يستغل الملف السوري لتسريع وتيرة المفاوضات والضغط على الأحزاب لحثها على الدخول في الائتلاف.

ويقلل بدهاتسور في حديثه للجزيرة نت من جدية لهجة التهديد بإسرائيل، ويستبعد توجيهها ضربة إلى مستودعات الأسلحة الكيماوية في سوريا، لافتا إلى أن نتنياهو لم يصرح بوضوح عن احتمال توجيه هذه الضربة، بل سعى لخلق حالة من التهويل في المجتمع إزاء البرنامج النووي الإيراني وحزب الله وتطورات الأحداث بسوريا لفرض هذه الملفات على الخارطة الحزبية.

ويؤكد المحلل الإسرائيلي أن ما يحدث هو رسالة للداخل، إذ يسعى نتنياهو لتقريب وجهات النظر بين التيارات، ليقول لمختلف الأحزاب: سارعوا بالانضمام إلى حكومة واسعة وقوية ليتسنى لنا معا مواجهة التحديات الأمنية والمخاطر الوجودية.

المصدر : الجزيرة