التيار الصدري والمالكي.. عود على بدء

أحمد السباعي

من جديد تتصدر الاتهامات لائتلاف دولة القانون المشهد السياسي العراقي، ولكن هذه المرة من التيار الصدري الحليف والمشارك في التحالف الوطني، والذي انسحب من اللجنة السباعية الوزارية التي يترأسها نائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني، والمكلفة بمتابعة طلبات المتظاهرين، وأوضح التيار أن الانسحاب جاء بسبب التسويف والتملص، وحذر من أزمات كثيرة تضرب البلاد إذا لم تحل الأزمة بشكل حقيقي.

وشكلت الحكومة بداية الشهر الماضي لجنة وزارية سباعية، مهمتها النظر في مطالب المتظاهرين والمعتصمين الذين يتظاهرون منذ أكثر من شهر في عدة محافظات. وانتقد المتظاهرون النتائج التي أعلنتها اللجنة، ووصفوها بأنها لا ترتقي إلى مستوى الاستجابة لأي من مطالب المتظاهرين.

الناطق الرسمي باسم كتلة الأحرار النيابية التابعة للتيار الصدري ناجي عبود أكد أن هناك تسويفا ومماطلة من الكتلة التي ينتمي إليها رئيس الوزراء نوري المالكي بشأن بعض القوانين التي يمكن أن تساهم في إيجاد حل لمطالب المتظاهرين، بينها قانون العفو العام والمحكمة الاتحادية، وأضاف أن الأمر يحتاج إلى قرار سياسي، لا إلى لجنة تقنية تبحث فقط في أسباب خروج هذا المعتقل أو ذاك أو انتهاء التحقيق معهم.

وأوضح أن ما يجري في العراق هو أكبر من هذه اللجنة وله علاقة بعملية الشراكة برمتها، وإدارة الدولة، ويتعلق باتفاقات شكلت على أساسها الحكومة، مشيرا إلى الحاجة لقرار سياسي عاجل لأن الأزمة بدأت تتطور وتتفاقم، وقد تؤدي في حال عدم حلها إلى أزمة في البلاد.

ناجي عبود:
هناك تسويف ومماطلة من الكتلة التي ينتمي إليها رئيس الوزراء نوري المالكي بشأن بعض القوانين التي يمكن أن تساهم في إيجاد حل لمطالب المتظاهرين

وجهات نظر
وأكد أن التيار الصدري لا يفكر في الانسحاب من العملية السياسية بل في تقويمها، ولا يريدون إقحام البلاد في أزمات أخرى، مشددا على انسحاب وزيريْ التيار من اللجنة (وزير البلديات عادل مهودر ووزير الموارد المائية مهند السعدي)، لعدم إقحامهما في أمور سياسية "عقيمة"، لأنهما وزيرا خدمات وعليهما أن يلتفتا إلى شؤون الناس وهمومهم.

وخلص إلى أنهم سيعقدون العديد من اللقاءات مع أركان التحالف في سبيل تطويق وإنهاء هذه الأزمة، وبعدها "سيكون لكل حادث حديث".

وفي المقابل، اعتبر عضو ائتلاف دولة القانون خالد الأسدي كلام عبود غير صحيح، لأن التحالف الوطني تقدم بمبادرات وشكل ثلاث لجان للتعامل مع الأزمة، إحداها لجنة الحكماء التي ما زالت تعمل في ملف المعتقلات، واللجنة الحكومية السباعية التي أطلقت "عددا كبيرا من المعتقلين، وعدلت الكثير من الإجراءات التي من شأنها معالجة بعض مطالب المتظاهرين"، واللجنة الخماسية التي لم تتوصل إلى اتفاق، و"هذا طبيعي في ظل التباين في وجهات النظر".

وشدد على ألا يتوقع أحد من ائتلاف دولة القانون التنازل عن إرادة جمهورهم في سبيل إرضاء هذا الطرف أو ذاك، وأضاف أنه من حق الشعب العراقي في الرمادي والموصل والأنبار وبغداد وجنوب البلاد، التعامل مع جميع مطالبه على اختلافها وتناقضها ومعالجتها وفقا للدستور والقانون.

وأوضح أنه منذ انطلاق العملية السياسية في العراق والاختلاف في وجهات النظر وتقييم المواقف واضح بين الحلفاء قبل الخصوم، واستبعد أن تكون هناك أي انعكاسات سياسية لسحب التيار الصدري وزراءه، لأنه يعتقد أن اللجنة أدت مهامها فيما يتعلق بإطلاق المعتقلين، واستمرارها في هذا العمل لن يجدي نفعا، وأن بقية المسائل تحتاج لجهد سياسي لا وزاري، وهناك خشية من أن يدخل التيار في "نفق العمل غير المنتج".

ومن جانبه، يرى المحلل السياسي كاظم المقدادي أن الخلافات قديمة وعميقة بين التيار الصدري والمالكي منذ ثورة الفرسان في البصرة وأحداث مدينة الصدر، ووصف الانسحاب بأنه نوع من الضغط على حكومة المالكي.

كاظم المقدادي: الخلافات قديمة وعميقة بين التيار الصدري والمالكي منذ ثورة الفرسان في البصرة وأحداث مدينة الصدر

البعث خط أحمر
وأضاف أن التيار الصدري كسب احتراما وتأييدا واسعا داخل أوساط المتظاهرين بسبب مواقفه المؤيدة للمطالب، وزيارة وفود من التيار للأنبار وسامراء، ويريد أن تُحسب هذه المظاهرات كنقطة لصالحه، وقد انعكست سلبا على المالكي وكتلته النيابية.

ولفت إلى أن التيار الصدري لا يريد إلغاء قانون المساءلة والعدالة وإنما تعديله، كما صرح بذلك زعيمه مقتدى الصدر الذي أكد رفضه عودة حزب البعث إلى العمل السياسي تحت أي مسميات جديدة.

وأشار المقدادي إلى أن المشكلة تكمن في احتمال سحب التيار الصدري لوزرائه الخمسة من الحكومة، وخصوصا أن وزراء القائمة العراقية مقاطعون لجلساتها، ليتحول المشهد إلى حكومة أغلبية ناقصة، مؤكدا أن هناك غيابا للثقة والجهد الجماعي في الحياة السياسية العراقية.

وعزا أسباب تعنت ائتلاف دولة القانون في موضوع قانون المساءلة والعدالة إلى الموقف المبدئي للائتلاف -ومن خلفه حزب الدعوة- من عودة النظام السابق، عكس القائمة العراقية التي "يغازل" أعضاؤها البعثيين، لأن معظمهم كان بعثيا سابقا انقلبوا على النظام، وفي مقدمتهم زعيم القائمة إياد علاوي.

وختم المقدادي بأن الانسحاب لن يؤثر على العملية السياسية في البلاد إلا إذا انسحب التيار الصدري من الحكومة، ولكنه سيقوي عزيمة المتظاهرين، وخصوصا إذا شعروا بأن التيار الذي يمتلك أربعين نائبا في البرلمان وتأييدا كبيرا في الشارع يقف معهم، فإن هذا سيرفع سقف مطالبهم السياسية.

المصدر : الجزيرة