غياب للقضية الفلسطينية بانتخابات إسرائيل

لافتات انتخابية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بدون منافس رجل
undefined

وديع عواودة-حيفا

يتوافق عدد من المراقبين على أن انتخابات الكنيست الإسرائيلي -التي ستجرى الثلاثاء المقبل- يسيطر عليها "الملل والجدل"، وتغيب عنها القضايا المُلحة، خاصة الاحتلال والصراع مع الفلسطينيين، رغم تأثيرها المباشر على الإسرائيليين.

ويتبين من متابعة تطورات هذه الانتخابات أن الائتلاف الحاكم "الليكود/بيتنا" (الليكود برئاسة بنيامين نتنياهو وإسرائيل بيتنا برئاسة أفيغدور ليبرمان) يبرز قضية الأمن وحاجة إسرائيل للقوة كأولوية أساسية بالنسبة له.

وتتمحور حملة الائتلاف الانتخابية حول "الشخص القوي" بنيامين نتنياهو بوصفه "القادر" على مواجهة الضغوط الدولية، وعلى المناورة دون التنازل عن شيء، وكذلك مواجهة أعداء إسرائيل من العرب والمسلمين "الذين يهددونها بالإبادة".

وتظهر في الدعاية الانتخابية لتحالف "الليكود/بيتنا" خطابات رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد مشعل، والأمين العام لـحزب الله اللبناني حسن نصر الله.

ليفني لم تنجح في فرض ذاتها على الخريطة السياسية الانتخابية (الجزيرة)
ليفني لم تنجح في فرض ذاتها على الخريطة السياسية الانتخابية (الجزيرة)

برامج انتخابية
وإلى يمين الائتلاف الحاكم يأتي الحزب اليميني الصاعد "البيت اليهودي" برئاسة نفتالي بينيط وهو ضابط ومستوطن يركز على حيوية القوة ومؤازرة نتنياهو في الحكومة القادمة كي لا ينحني أمام الضغوط الدولية.

وفي المقابل، تكاد تنحصر أجندة حزب المعارضة "كاديما" في ملف الأمن، مستندا في ذلك إلى التاريخ العسكري لرئيسه شاؤول موفاز وزير الدفاع الأسبق. في حين يضع حزب "العمل" حقوق العاملين والطبقات الوسطى في أعلى أجندته المعلنة، ويترك التسوية السلمية جانبا.

وبدورها تضع تسيبي ليفني زعيمة حزب "الحركة" التسوية السياسية على رأس أولوياتها، وبجانبها يتمحور حزب "يش عتيد" بزعامة يائير لبيد في اليمين الاقتصادي، حيث يرى أن الفقراء من اليهود المتدينين وفلسطينيي الداخل عبء على الاقتصاد الإسرائيلي، لكنه يبرز اهتمامه بتغيير نظام الحكم والدفاع عن الطبقات الوسطى وعن الحقوق الليبرالية/العلمانية.

الخطاب الفئوي
وعلى النقيض، تتميز قضايا الحزبين المتدينين الأصوليين "شاس" و"يهدوت هتوراة" بالفئوية، حيث يركزان بالأساس على الشرقيين والطبقات الفقيرة، وعلى صيانة مدارسهم الدينية والتوراة كضمان لـ"بقاء الشعب اليهودي"، ومواجهة التوجهات العلمانية لحزب "إسرائيل بيتنا".

ومن جانبه، أكد المحلل السياسي أليف صباغ أن الأحزاب تلائم الحملات الانتخابية مع الاحتياجات الفئوية للجماهير المختلفة، بدلا من مخاطبة كل الإسرائيليين. ووصف المعركة الانتخابية بـ"السطحية والديماغوجية"، قائلا إنها "تركز على الوجوه الشخصية والنجومية".

وردا على سؤال للجزيرة نت، اعتبر صباغ أن تركيز نتنياهو وشريكه وزير الخارجية ليبرمان على الأمن والمخاطر يترجم إستراتيجيتهما المعتمدة على الترهيب، والرامية لدفع المصوتين لدعمهما بدافع الخوف.

ليئيل أبدى قلقه من غياب الشأن الفلسطيني عن البرامج الانتخابية للأحزاب (الجزيرة)
ليئيل أبدى قلقه من غياب الشأن الفلسطيني عن البرامج الانتخابية للأحزاب (الجزيرة)

الاحتلال
واتفق مع طرح صباغ الكاتب الصحفي البارز أوري مسغاف، الذي نعت هذه الانتخابات بأنها "الأكثر إثارة للملل". ويعزو ذلك لفقدان المنافسة الحقيقية القائمة على طرح تحديات وبدائل فكرية، ولهيمنة الأداء الفارغ.

وأبدى مسغاف امتعاضه من "تغيب القضايا الحارقة عن برامج المرشحين"، لاسيما قضية احتلال الأراضي الفلسطينية التي تشارك الأحزاب اليمينية في تجاهلها، طمعا في استمرار الاستيطان وتوفير الشقق الرخيصة لجمهور مصوتيها، وتساوقا مع الشارع الذي ينزع نحو اليمين.

وحتى رئيسة حزب "الحركة" تسيبي ليفني -التي تضع الصراع مع الفلسطينيين في صدارة أولوياتها- فإنها "تمتنع عن تسمية الولد باسمه، وتتحاشى استخدام كلمة احتلال"، مكررة -في الوقت نفسه-اتهاماتها للحكومة بتعزيز قوة حماس وإضعاف الرئيس عباس، وفق ما يؤكده مسغاف.

ويفسر المدير العام لوزارة الخارجية الأسبق المحاضر ألون ليئيل -في تصريح للجزيرة نت- تغيّب الشأن الإيراني أيضا بالإشارة إلى أن نتنياهو عدّل خلال خطابه في الأمم المتحدة جدوله الزمني وتوقف فجأة عن التهديد بضرب إيران.

إيران وفلسطين
ويبدي ليئيل قلقه من غياب الشأن الفلسطيني، والانشغال بدعايات شعبوية على أيدي الأحزاب الكبرى والمتوسطة. وتابع "بسبب عدم طرح المسألة السياسية، فإن الربيع العربي أيضا غائب (..)، وبالنسبة لمعظم الإسرائيليين ليس هناك أي التفات للمنطقة، وهم يعتمدون على الجدران وكل ما هو خلفها لا يهمهم، وكأن الجيش والقبة الحديدية والجدران هي التي تحميهم".

ويتفق المعلق البارز يوسي ميلمان مع ليئيل، ويذكّر بأن نتنياهو يخفي إيران عن المنافسة الانتخابية بعدما وضعها على أجندة العالم في 2012.

ويلفت إلى أن نتنياهو فعل ذلك في الحالتين طمعا في أهداف سياسية ونتيجة حسابات داخلية، مضيفا أن نتنياهو "لوّح في ولايته المنتهية بالفزاعة الإيرانية لصرف الأنظار عن الاحتلال وعن الاحتجاجات الاقتصادية/الاجتماعية".

المصدر : الجزيرة