سوريون يعبرون "طريق الموت" للأردن

سد الوحدة الاردني السوري المشترك تحول لمعبر للاجئين الفارين من الموت في سوريا نحو الاردن
undefined

محمد النجار-الحدود الأردنية السورية

عاشت الجزيرة نت مع عشرات وسائل الإعلام العربية والدولية ساعات على آخر نقطة حدود بين الأردن وسوريا في منطقة سد الوحدة المواجهة لقرية حيط السورية والجولان السوري المحتل.

وبدا مشهد اللاجئين القادمين من وادي السد السحيق الذي فضل لاجئون وصفه بـ"طريق الموت" صادما للصحفيين والزائرين الذين شاهدوا المئات من السوريين يعبرون طريقا من أسفل الوادي حتى الأعلى، وهو الأمر الذي يحتاج لساعات.

وتعمل سيارات تابعة للجيش الأردني على نقل كبار السن والأطفال والنساء والجرحى، في حين يضطر المراهقون والشبان الصغار لإكمال الطريق الطويل سيرا على الأقدام.

وفي الجولة التي نظمها الجيش الأردني بحضور قائد قوات حرس الحدود الأردنية العميد حسين الزيود مساء أمس الأربعاء، اطلع الإعلاميون على تفاصيل الرحلة اليومية للاجئين السوريين العابرين للأردن من هذه المنطقة.

وتبدأ رحلة اللاجئين من مناطقهم المختلفة وغالبيتهم ينطلق من حمص وريف دمشق نحو قرى محافظة درعا، حيث تختار قوات الجيش السوري الحر الطريق الأكثر أمنا في ذلك اليوم وتبدأ بنقلهم نحو الأردن حيث تستقبلهم قوات الجيش قبل أن يجري توزيعهم على أماكن إيوائهم في المخيمات والتجمعات في الرمثا والمفرق.

عائلة من الخادية في حمص تقول إنها لجأت بعد أن قتلت أمهم وأحرق بيتهم (الجزيرة نت)
عائلة من الخادية في حمص تقول إنها لجأت بعد أن قتلت أمهم وأحرق بيتهم (الجزيرة نت)

سد الوحدة
ويستغل اللاجئون جفاف نهر اليرموك المغذي الرئيسي لسد الوحدة -وهو مشروع مشترك بين الأردن وسوريا- لعبور أراضيه، حيث قالوا إن رحلتهم تبدأ بالنزول للوادي السحيق قبل أن يصلوا لمقطع الحدود الأردني وعندها تبدأ رحلتهم صعودا.

وعند وصولهم للنقطة العسكرية الأردنية يتوزع اللاجئون تحت الشجر الكثيف في المنطقة، حيث شاهدت الجزيرة نت تجمعهم ورصدت آثار التعب الواضح على وجوههم في حين يوزع الجنود الأردنيون مياه وعصائر وأطعمة خفيفة عليهم.

وكان المشهد لافتا بأن الأطفال هم الأكثر حرصا على الحصول على الوجبة الخفيفة، أما الكبار فاكتفوا بشرب الماء بينما كانت عيونهم قبل ألسنتهم تحكي قصتهم دون كلمات.

ومن بين المشاهد اللافتة للنظر مشهد عميد منشق من جهاز المخابرات السوري تصادف وصوله مع عائلته مع وجود عدد من الصحفيين، الضابط السوري المنشق تسمر أمام مشهد صلاة العشاء أمس جماعة من قبل ضباط الجيش الأردني.

كان ضباط أردنيون يحاولون منعه من الإسهاب في الحديث لضرورات أمنية لكنه اكتفى بالقول إنه كان يضطر لإغلاق مكتبه بالمفتاح ليتمكن من أداء الصلاة، رغم إشارته إلى أن المصليات كانت تنتشر في كل وحدة عسكرية للجيش السوري قبل حكم عائلة الأسد.

مشهد آخر كان لسيدة من حمص حضرت ونحن نتحدث مع طفلتيها آية وماريا، حدثتنا عن اضطرارها للفرار من سوريا بعد أن قُصفت كل المناطق التي لجأت لها.

حدثتنا آية ببراءتها عن فقدانها لأبيها قبل وقت قصير، وأوضحت الأم أنه "استشهد" بعد أن تعرض المنزل الذي كان فيه للقصف في الـ18 من رمضان الماضي. الطفلة ماريا تدخلت وقالت "بشار قتل أبي لأنه كان يساعد الثوار ويجلب لهم الأكل".

الزيود تحدث عن جهود تبذلها القوات الأردنية لتأمين الحدود(الجزيرة نت)
الزيود تحدث عن جهود تبذلها القوات الأردنية لتأمين الحدود(الجزيرة نت)

الحرب حلّ
ولفت أنظار الصحفيين رجل مسن من درعا وقف أمامهم وقال "ما بدنا كاميرات، ما بدنا إعلام، بدنا سلاح"، ولاحقنا الرجل الستيني الذي صب جام غضبه على الدول العربية والعالم، وقال "أعراضنا تنتهك، أولادنا قتلوا نحن هجّرنا، لا حل بيننا وبين بشار الأسد إلا الحرب".

كان واضحا لكل من حضر حجم العبء الكبير الذي تتحمله القوات الأردنية التي ركز قادتها حديثهم على "واجبهم" نحو السوريين، بل إن العميد حسين الزيود أجاب على سؤال حول الاشتباكات بين الجيشين الأردني والسوري بالقول "ما يحدث ليس اشتباكات بل رمايات تلاحق اللاجئين وتتعدى الحدود الدولية أحيانا، واجبنا حماية اللاجئين عندما يدخلون أراضينا".

ولم ينف الزيود ضبط قواته لمتسللين من وإلى سوريا، لكنه رفض الحديث عن جنسياتهم واكتفى بالقول إنه جرى تحويلهم للجهات المختصة بعد أن أصر صحفيون على أن من بين المتسللين إيرانيين.

القائد العسكري الأردني تحدث عن جهود تبذلها قوات حرس الحدود "على مدار الساعة لتأمين الحدود الأردنية السورية التي يزيد طولها على 375 كيلومترا ضمن أراض متنوعة التضاريس ووعرة جدا".

ووصل عدد اللاجئين الذين أدخلتهم القوات المسلحة للأردن إلى أكثر من 66 ألف سوري، معظمهم دخلوا ليلا "بينهم 1800 عسكري منشق ومن ثم نقلوا إلى مناطق خاصة وجرى تأمين حماية لهم".

وتحدث عن ضغوط كبيرة تعرضت لها موازنة القوات نتيجة قيامها باستقبال ونقل وإيواء اللاجئين عوضا عن المهام الأمنية المرافقة لذلك، وقدر هذه التكاليف بنحو 180 مليون دينار (254 مليون دولار) حتى نهاية 2012.

وتحدث الزيود عن المصاعب المستقبلية للتعامل مع ملف اللاجئين خصوصا مع اقتراب فصل الشتاء وتزايد أعداد اللاجئين وكثرة الإصابات التي تتعامل معها القوات المسلحة يوميا على طول الحدود الأردنية السورية.

المصدر : الجزيرة