قلق إسرائيلي من أحداث سيناء الأخيرة

View of a watchtower at a peacekeeping camp in the northern Sinai, Egypt, 14 September 2012. Gunmen attacked on 14 September a peacekeeping camp in Egypt's Sinai Peninsula, where the army is pursuing a high-profile campaign against radical Islamists. The peacekeepers inside the camp, located in the al-Gura area of northern Sinai, exchanged fire with the assailants, according to witnesses. No casualties were reported. Locals in the area said the attack was apparently a backlash to an anti-Islam video made in the US. However, an Egyptian security official denied the claim. Around 1,000 peacekeepers, under US command, are positioned in Sinai to monitor Egyptian-Israeli border under a 1979 peace treaty between the two countries. EPA/STR
undefined

محمد محسن وتد-أم الفحم

يبدو أن الأحداث المتلاحقة التي جرت في شبه جزيرة سيناء جعلت المسؤولين الإسرائيليين يعيدون ترتيب أوراقهم الأمنية على الحدود، ويدرسون إرهاصات ما جرى على اتفاقية السلام بين تل أبيب والقاهرة بشكل خاص والعلاقات المصرية الإسرائيلية بشكل عام.

فالمشهد الإسرائيلي السياسي المتوجس أصلا من ربيع العرب والمتأهب لضرب نووي إيران، انشغل الأسابيع الماضية ببؤرة توتر جديدة على حدود كانت تعتبرها الدولة العبرية حتى الأمس القريب الأهدأ.

وحذر العديد من المحللين العسكريين من تحول سيناء لما يشبه ساحة للعب المستقل ومنطلقا للعبث بأمن إسرائيل.

وأوضحوا أن خطر الانفجار على الحدود بين مصر وإسرائيل (يبلغ طولها 240 كيلومترا) أصبح مصدر قلق دائم، مع خطورة مضافة تتمثل في أن تفتت تطورات سيناء السلام الهش مع مصر.

وحذروا من أن هناك أجزاء في سيناء بدأت الآن تشكل امتدادا للساحة الفلسطينية، خصوصا أن ثمة مجموعات فيها تبرم علاقات عسكرية وسياسية وأيديولوجية واقتصادية وثيقة مع قطاع غزة.

وهذا الخوف مزدوج من المصريين والفلسطينيين، لكن المسؤولين الإسرائيليين حريصون على إرسال رسالات ثقة إلى القيادة المصرية الجديدة وكان آخرها ثقة رئيس القسم السياسي والأمني بوزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد بقدرات المصريين.

وأكد أن بلاده ليست في خطر مدللا على ذلك بالرسائل الأميركية التي تؤكد أن القاهرة ستكافح "الإرهاب" في سيناء مطالبا بالإبقاء على كل قنوات التحاور مع المصريين، وكذلك البقاء "متأهبين ويقظين".

وكانت جماعة مسلحة أعلنت مسؤوليتها الأسبوع الماضي عن هجوم استهدف وحدة عسكرية إسرائيلية أسفر عن مقتل جندي إسرائيلي وثلاثة مسلحين من المهاجمين.

شلحت: إسرائيل متخوفة من خسارة هدوء الجبهة المصرية وتحول مصر لدولة معادية (الجزيرة)
شلحت: إسرائيل متخوفة من خسارة هدوء الجبهة المصرية وتحول مصر لدولة معادية (الجزيرة)

موقف غير واضح
في السياق يعتقد الباحث بالشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن الموقف الإسرائيلي فيما يتعلق بسيناء ينقسم إلى قسمين ظاهري، وباطني.

فالمسؤولون الإسرائيليون لا ينفكون يكررون أن للقيادة المصري الجديدة مصلحة بالقضاء على ما يسمونه "الإرهاب في سيناء".

وقال شلحت للجزيرة نت "حالة الفلتان" في سيناء لم تشكل مصدر إزعاج إستراتيجي لإسرائيل قبل سقوط نظام الرئيس المخلوع حسني مبارك ولم يتم التعامل معها بوصفها مصدرا لتهديد الأمن القومي، فقد سعت إسرائيل خلال الأعوام الماضية إلى محاولة السيطرة على الهجرة غير الشرعية للأفارقة الذين يتسللون من خلال سيناء.

غير أن سقوط نظام مبارك، وعدم استقرار الحالة الأمنية في مصر، إضافة إلى صعود التيار الإسلامي، وما كشفته أحداث السفارة في مصر من "عداوة" بالشارع المصري لإسرائيل، كل ذلك أدى إلى تغير النظرة وفق شلحت.

وخلص إلى أن مخاوف إسرائيل بمصر لا تقتصر على الخشية من مستقبل سيناء، ومن قدرة الدولة المصرية على فرض سيطرتها عليها، إذ أن سقوط نظام مبارك عنى عمليا خسارة زعيم متفهم ووسيط قادر على أخذ دور مريح في حل الإشكاليات مع الفلسطينيين، والأهم خسارة الهدوء الذي ميز الجبهة المصرية.

وأوضح بهذا السياق أنه يمكن رصد مخاوف إسرائيلية من أن تتحول مصر إلى دولة معادية تدريجيا، وأن يتم إلغاء اتفاقية السلام بين البلدين، وهو ما يعني عمليا أن تعود إسرائيل إلى الظروف الأمنية التي سادت قبل حرب 1967.

ولم تتوقف المخاوف الإسرائيلية عند حدود السياسة والأمن بل تعدتها إلى الدين، حيث تعالت أصوات تطالب بضم سيناء لأسباب تتعلق بالديانة اليهودية.

الحاخام كوفمان يؤكد أن للمطالبة بسبناء دوافع سياسية وأيديولوجية (الجزيرة)
الحاخام كوفمان يؤكد أن للمطالبة بسبناء دوافع سياسية وأيديولوجية (الجزيرة)

ضم سيناء
ويرى الحاخام إلياهو كوفمان المحسوب على تيار "الحريديم" أن شبه جزيرة سيناء ووفق معتقدات الديانة اليهودية الحقيقية والأصلية لا تعني شيئا بالنسبة للشعب اليهودي، لافتا إلى أن "جبل سيناء" الذي تسرده الروايات الدينية اليهودية وكتاب "التوراة" لم يُحدد موقعه ولا يُعرف مكان وجوده.

لكن تفسيرات الحاخامات ترجح بأن موقع الجبل بصحراء النقب ما يؤكد أن شبه جزيرة سيناء ليست جزءا من "أرض إسرائيل" مثلما يُسوق "التيار القومي اليهودي" المتشدد بالمجتمع الإسرائيلي انطلاقا من دوافع سياسية وأيديولوجية تتناقض مع الشريعة اليهودية.

وأضاف كوفمان للجزيرة نت أن الأصوات الداعية لضم سيناء بسبب التغييرات بمصر تريد أيضا ضم جنوب لبنان وقطاع غزة والضفة الغربية المحتلة، وعليه فدائما ستوفر الذرائع لأجندتها والتسويغات للادعاءات التي تأتي بها.

وأضاف أنه في حالة سيناء يتم استغلال الدين اليهودي والتوراة لتسويق هذه الأفكار بالمجتمع الإسرائيلي، حيث إن جوهر الفكر الصهيوني وسياسته تتعارض مع قيم التوراة والدين اليهودي وفق قوله.

وشدد على أن الفكر الصهيوني الذي تتبناه مختلف الأحزاب الإسرائيلية يعتمد بالأساس على نظرية وفكر الحملات الصليبية بالاحتلال وسلب الأرض من العرب وتهجيرهم بسبيل إقامة الوطن القومي لليهود، وبالتالي فطرح قضية ضم سيناء تأتي لدوافع سياسية إثر صعود التيار الإسلامي بمصر والذي لن يخضع للإملاءات الإسرائيلية ولن يتنازل عن حقه بالسيادة التامة على سيناء.

المصدر : الجزيرة