الفلسطينيون والبحث عن الدولة الضائعة

U.S. President Barack Obama (C) watches as Israeli Prime Minister Benjamin Netanyahu (L) and Palestinian President Mahmoud Abbas shake hands during a trilateral meeting
undefined

عندما سعى الرئيس الفلسطيني محمود عباس العام الماضي لنيل الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الأمم المتحدة قوبل مسعاه بحماس كبير في الضفة الغربية ووُضع مقعد خشبي كبير في مدينة رام الله كرمز للمقعد الذي يسعى الفلسطينيون للحصول عليه، لكن الطلب رُفض في ظل معارضة أميركية شديدة وتحطم المقعد في رام الله خلال عاصفة شتوية.

وبعد 12 شهرا يشد عباس رحاله غدا الخميس إلى الجمعية العامة في محاولة جديدة -قد تكون أقل تواضعا من سابقتها- لانتزاع اعتراف ببلاده "كدولة مراقبة" بعد ظلت لفترة طويلة خلف قضبان ما يسمى "كيانا مراقبا".

ولكن ما يقلق إسرائيل على ما يبدو أن اكتساب الفلسطينيين وضع الدولة المراقب (نفس وضع الفاتيكان) سيمكنهم من الانضمام لهيئات مثل المحكمة الجنائية الدولية ويقدمون مجموعة كبيرة من البلاغات ضدها بسبب احتلالها المستمر واستيطانها المتمادي.

وقال كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات إن هذا سيساعد على تمهيد أرض المباراة، وأضاف أنه سيتم التصويت على التغيير قبل نهاية العام وليس للولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في الجمعية العامة حيث اعترفت 120 دولة بين 193 من الدول بالفعل بفلسطين كدولة.

ويقول محللون إن خطوة عباس لن تقرب هدف الاستقلال، كما أنها ستغضب واشنطن وإسرائيل التي من المرجح أن ترد بفرض إجراءات اقتصادية "مضادة وموجعة".

ورغم كل ما تقدم، يصر رئيس السلطة على المضي قدما لحل القضية وفق قناعاته وعبر بوابة أعلى سلطة دولية في العالم ولكن دون إستراتيجية واضحة أو السؤال ما الخطوة التالية.

باب مغلق
وعن هذا يقول الخبير في شؤون الشرق الأوسط أرون ميلر إن الفلسطينيين والإسرائيليين وحتى الأميركيين ليست لديهم إستراتيجية تجنب الإخفاق ومحاولة منع تفجر الوضع، "لكن في يوم من الأيام سيحدث الانفجار وللأسف الوضع يسوء أكثر".

أرون ميلر: الفلسطينيون والإسرائيليون وحتى الأميركيون ليست لديهم إستراتيجية تجنب الإخفاق ومحاولة منع تفجر الوضع، "لكن في يوم من الأيام سيحدث الانفجار وللأسف الوضع يسوء أكثر"

وفي مؤشر على كيف يمكن للأوضاع أن تتدهور، هاجم آلاف الفلسطينيين هذا الشهر قواتهم الأمنية في مدينتي الخليل ونابلس في الضفة الغربية المحتلة احتجاجا على ارتفاع تكلفة المعيشة.

وسعت السلطة الفلسطينية على الفور إلى نزع فتيل الأزمة وتراجعت عن رفع الضرائب بينما تابعت إسرائيل الوضع بقلق، وقامت بتسريع نقل الأموال إلى السلطة وعرضت تقديم خمسة آلاف تصريح آخر للسماح للفلسطينيين بالعمل في إسرائيل.

من جانبه قال الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس إن ما يطلق عليه حل الدولتين هو الخيار الوحيد الملائم للسلام لكن استمرار نمو المستوطنات الإسرائيلية يعني أن "الباب ربما يغلق للأبد".

لكن هذا الباب تغلقه إسرائيل بإحكام ولا تجعله مواربا حتى، فدان مريدور نائب رئيس الوزراء حذر الاثنين من أن الخطوة الفلسطينية "لن تكون في صالحنا لكنها ستكون أسوأ بالنسبة لهم… هذه طريقة حل سهلة وخاطئة".

ولوح مسؤولون إسرائيليون في أحاديث خاصة بأن من ردود الفعل المحتملة حجب عائدات الضرائب التي تحصلها الدولة اليهودية بالنيابة عن الفلسطينيين والتي تمثل نحو ثلثي إجمالي عائداتهم.

وجمد ساسة موالون لإسرائيل في الكونغرس نحو مائتي مليون دولار من المساعدات التي يحتاجها الفلسطينيون بشدة ردا على محاولة العام  الماضي، ومن المتوقع أن يزيدوا الضغط هذا العام.

إلغاء أوسلو
ويتفق دبلوماسيون غربيون في إسرائيل على أن عباس يتعرض لضغط خارجي هائل للتخلي عن استصدار قرار أممي، مؤكدين أن الوقت ينفد.

وعبر دبلوماسي كبير عن قلقه من أن يؤدي مضي عباس في هذه المسألة لانسحاب الولايات المتحدة ببساطة من القضية، وأوضح آخر "من دون مباحثات مباشرة.. فحل الدولتين يمكن أن يصبح ميتا خلال 18 شهرا".

وتقول إسرائيل إن الخطوات من جانب واحد انتهاكٌ لاتفاقات أوسلو التي وقعت عام 1993 والتي كان من المفترض أن تسفر عن التوصل إلى اتفاق للوضع النهائي خلال خمس سنوات، ويقول الفلسطينيون إن البناء الاستيطاني المستشري قضى على أي فرصة لهم في إقامة دولة متماسكة.

وطلب عباس من حلفائه السياسيين هذا الشهر بحث احتمال إلغاء أوسلو والتخلي عن سيطرتهم الجزئية على الضفة الغربية مما يعني إعادة الأرض لإسرائيل ورفع تكاليف الاحتلال.

واستبعد المحللون مثل هذه الخطوة الجذرية لكنهم يقولون إن مجرد إثارتها يظهر كيف أن الخيارات أصبحت محدودة أمام عباس الذي فقد منذ سنوات السيطرة على قطاع غزة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) كما أن تفويض عباس الشعبي انتهى عام 2009.

المصدر : رويترز