دليل للناخب المسلم في هولندا
نصر الدين الدجبي-أمستردام
ويأتي الاهتمام بدليل الناخب المسلم في الانتخابات البرلمانية السابقة لأوانها والمزمع عقدها اليوم لعدم وجود حزب واحد يصوت عليه المسلمون وللتباين الحاصل بين الأحزاب الهولندية من القضايا التي تهم المهاجرين.
فقد أحدث كل من معهد تعدد الثقافات "فورم" وتنسيقية الهولنديين المغاربة ومؤسسة النساء والصوت اليهودي الآخر دلائل للناخب يوضحون فيه موقف الأحزاب السياسية من قضايا المهاجرين، حيث لخصت هذه المؤسسات التي لها ارتباط مباشر بالمسلمين مواقف الأحزاب الهولندية الكبرى في قضايا مثل الهجرة والاندماج والمواطنة والعمل والتوطين والتفرقة واللجوء والصراع الفلسطيني الإسرائيلي وصورة المرأة المسلمة.
وأوضح نشطاء في تصريحات للجزيرة نت أن دليل الناخب يبرز التباين بين الأحزاب من خلال برامجها التي نشرتها بمناسبة الحملة الانتخابية 2012.
القضية الفلسطينية
وتعد القضية الفلسطينية محددة في تصويت العديد من المسلمين، لذلك قامت منظمة "صوت يهودي آخر" بإصدار دليل لمساعدة الناخب الهولندي في اختيار حزبه المفضل بناء على مواقف ذلك الحزب من الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وقال ريك موليستاين من المنظمة المذكورة إن هدف المؤسسة من الدليل هو توضيح مواقف الأحزاب من الصراع، وبين قائلا "من خلال دراسة برامج الأحزاب وحضور مؤتمراتها وجدنا أن الأحزاب اليسارية أكثر تعاطفا مع القضية"، وأضاف مولينستاين أن المؤسسة لم توجه أحدا للتصويت لحزب بعينه، ولكن القارئ للدليل يستطيع بسرعة أن يعرف لمن يصوت.
ودعت تنسيقية المغاربة الهولنديين في دليلها الانتخابي المهاجرين إلى ضرورة تعرف برامج الأحزاب قبل التصويت على مرشحيها، ونشرت التنسيقية على موقعها على الإنترنت فيلما يوجز برامج الأحزاب وأهمية التصويت ويشجع على المشاركة في الانتخابات.
ورغم أنه لا توجد إحصائيات دقيقة لعدد المصوتين من إجمالي المسلمين في هولندا، تتحدث أرقام غير رسمية عن نسبة تتراوح بين 30% و40%، وهي نسبة تصل إلى أكثر من 60% من الهولنديين الأصليين.
هل تعرفني
كما تقود مؤسسة النساء وهي ناشطة بين النساء المسلمات حملة أطلقت عليها اسم "هل تعرفني؟" تهدف إلى توضيح نجاحات المرأة المسلمة ورفع الغطاء عن الممارسة المشوهة للأحزاب من قضايا المرأة المسلمة، وكشفت علية عزوزي نائبة رئيس مؤسسة النساء للجزيرة نت عن التناقض فيما يقوله الساسة في الحملات الانتخابية والممارسة.
وقالت عزوزي "كل الأحزاب تتحدث عن رفض التمييز، ولكن التمييز والتفرقة بحق المرأة المسلمة يبرز في سوق الشغل، والتربصات كثيرة"، ودعت الحملة النسائية المواطنين إلى اختيار الأحزاب التي تلتزم بوضوح بمقاومة التمييز العنصري، وأشارت علية بالقول "مئات الآلاف من النساء يشاركن في التعايش، ولكن الساسة منشغلون بعشرات النساء اللاتي يرتدين النقاب".
وحسب الدليل الانتخابي لمواقف الأحزاب من الإسلام يظل خيرت فيلدرز الأكثر اهتماما بالإسلام في حملته الانتخابية رغم اهتمامه الأكبر بأوروبا، وتقول الصحفية جاني شخيفر "يكرر خيرت فيلدرز في برنامجه الانتخابي على وقف الهجرة من البلدان المسلمة وحظر النقاب والقرآن والمدارس الإسلامية رغم أنها لم تعد من أولوياته".
كما توضح أغلب الدلائل الانتخابية تراجع كل الأحزاب السياسية في برامجها الانتخابية الحالية عن مشروع منع الذبح الخاص بالمسلمين واليهود الذي يطرحه حزب الدفاع عن الحيوان رغم دعمها السابق لمشروع الحظر.
أهمية الدليل
وعن جدوى هذا الدليل للناخب المسلم أوضح أحمد مركوش عضو برلمان عن حزب العمل للجزيرة نت أن مثل هذه المشاريع مهمة وتوفر على الناخب عناء البحث، موضحا أن ما ينقص المسلمين هو وضع أجندة لاهتماماتهم وطرحها على الأحزاب كما تفعل العديد من الأقليات، قائلا "للأسف هذا ما نفقده لدى الناخب المسلم".
وقال الكاتب الصحفي نور الدين فيلدومان المسلم من أصول هولندية للجزيرة نت إن هذا الدليل قد لا يوضح على سبيل الدقة مواقف الأحزاب، وأضاف أنه انكب على إجراء دراسة معمقة لبرامج الأحزاب من أجل إعداد نصائح للناخب المسلم، فوجد أن أحد الأحزاب عبر في أحد الأيام في موقعه الإلكتروني عن رفضه للنقاب والمآذن، وفي اليوم التالي اختفت هذه المعلومات من الموقع استجابة لمصالح انتخابية.
وحول التصويت على الأحزاب المسيحية، قال فيلدومان إن الحزب المسيحي الديمقراطي المحسوب على الوسط والشريك في الحكومة كان يحظى بغالبية أصوات الجالية التركية وقليل من المغاربة لالتزام الحزب في برنامجه الانتخابي بالدفاع عن حرية التدين، ولكن تحالفه مع حزب الحرية في الفترة السابقة أفقده مصداقية لدى الناخب المسلم.
وحول لأي أحزاب سيصوت أوضح الكاتب الصحفي قائلا "الثقافة الهولندية تحمي الناخب من الإعلان عن انتمائه الحزبي أو تحديد الحزب الذي سيصوت عليه"، مبينا أن المسلمين بصفة عامة ليسوا كتلة واحدة في أصواتهم، فمنهم من يصوت للحزب المسيحي الديمقراطي باعتبار أنه يحمي الأقليات ويدافع عن حق الناس في ممارسة شعائرهم، فيما يصوت آخرون للأحزاب الاشتراكية اليسارية لدفاعها عن حرية الجميع ودفاعها المستميت عن الدولة المدنية التي تحفظ حقوقهم كأقلية.