مطالب بتطهير القضاء في ليبيا

الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية مطلب شعبي ليبي
undefined

خالد المهير-طرابلس

شهدت الساحة السياسية في ليبيا في الآونة الأخيرة انتقادات حادة للفساد في القضاء ومطالب بتطهيره من أنصار العقيد الراحل معمر القذافي، وذلك في الوقت الذي طالب فيه بعض رجال القضاء بضرورة الحديث عن إصلاح منظومة العدالة على اعتبار أن القضاء آخر وأهم مراحلها.

فقد وصف رئيس المؤتمر الوطني العام -وهو أعلى سلطة تشريعية بليبيا- محمد المقريف القضاء بالفاسد، وطالب بجراحة استئصالية لضخامة الأورام التي وصفها بـ"المتعفنة" طيلة نظام القذافي.

كما اتهم رئيس المجلس الوطني الانتقالي سابقا المستشار مصطفى عبد الجليل نفس الجهاز بالفساد قبل أيام من مغادرته المنصب الشهر الماضي.

ونظم أهالي شهداء ثورة 17 فبراير الأحد الماضي وقفة احتجاجية بمدينة بنغازي لطرد أزلام القذافي من القضاء العسكري، وتحدثوا عن شخصيات متورطة في قتل الليبيين على رأس الادعاء العسكري. 

حينما وصل القذافي إلى السلطة عام 1969 استشعر خطر القضاء فاستحدث القضاء الاستثنائي لمطاردة معارضيه، واستطاع بدهاء تعيين مستشارين وقضاة دون مؤهلات

كان مستقلا
وكان القضاء الليبي مستقلا في عهد ملك ليبيا الأول الراحل إدريس السنوسي، ونص دستور عام 1951 على الفصل بين السلطات التشريعية والتنفيذية، لكن خبراء يقولون إنه حتى في العهد الملكي تم طرد المستشار المصري علي منصور بعد أن ألغى مرسوما ملكيا.

وحينما وصل القذافي إلى السلطة عن طريق انقلاب عسكري عام 1969 استشعر خطر القضاء، فاستحدث القضاء الاستثنائي لمطاردة معارضيه، واستطاع بدهاء تعيين مستشارين وقضاة بدون مؤهلات قانونية لتطبيق ما يريد من أحكام على المعارضين والصحفيين ونشطاء الشأن العام.

وفي حديث مع الجزيرة نت يؤكد المستشار بالمحكمة العليا جمعة الزريقي وجود كفاءات وطنية نزيهة في القضاء، وقال إن به عاملين مخلصين قادرين على العمل بشرط إرساء القانون.

ويؤيد الزريقي إعادة هيكلة القضاء وفق ضوابط وأسس قانونية وليست شخصية، وأكد أن تطهير القضاء في الوقت الحالي واجب وطني.

منظومة العدالة
من جهته يرى المستشار في محكمة شمال بنغازي خالد الشريف أن الحديث في أجهزة الإعلام عن فساد القضاء ينصرف أساساً إلى المشاكل التي تعاني منها منظومة العدالة، وأشار في حديث مع الجزيرة نت إلى أنه في العادة يُشار إلى القضاء كلما سُجّلتْ على إحدى حلقات منظومة العدالة هنةٌ من الهنات، على اعتبار أنّ القضاء هو الحلقة الأخيرة في هذه المنظومة.

ويرفض الشريف مصطلح تطهير القضاء ويرى أنّ الحديث يُفترض أنْ ينصب على إصلاح منظومة العدالة وليس على تطهير القضاء، لأن التطهير يعني الجزم بوجود فساد وهو أمر لم تؤيده أيُّ دراسات متخصصة أو لجان لتقصي الحقائق، وهذا ما سيفضي -وفق رأيه- إلى نتائج غير مقبولة من الناحية العلمية.

ويرى أنه ينبغي طرح سؤالٍ عن وجود فسادٍ في الجهاز القضائي، وحجم هذا الفساد ونوعه، وللإجابة عن هذه التساؤلات قيمة هامة في البحث عن أسباب المشكلة وتصور الحلول لمعالجتها. 

عبد الكريم بوزيد:
الجهة الوحيدة التي تملك قانونياً إصلاح الخلل بالجهاز القضائي هي المجلس الأعلى للقضاء، والإشارة إلى بعض القضاة بعدم النزاهة يفتح الباب أمام استخدام هذه الذريعة للتشفي والانتقام

لا تداخل
وبدوره يرفض المستشار في محكمة شمال بنغازي عبد الكريم بوزيد بشكل قاطع وجود تدخل من جانب السلطات التشريعية والتنفيذية في عمل القضاء، مؤكدا أن اختيار القضاة وفقا لأهواء ورغبات تيارات سياسية يضر كثيرا بالعدالة.

وقال للجزيرة نت إن الجهة الوحيدة التي تملك قانونياً إصلاح الخلل بالجهاز القضائي هي المجلس الأعلى للقضاء، وأكد أن الإشارة إلى بعض القضاة بعدم النزاهة يفتح الباب أمام استخدام هذه الذريعة للتشفي والانتقام.

وبينما تحدث الحقوقي عمر الحباسي عن سياسات سابقة أدت إلى ظهور ذمم فاسدة بالقضاء أصدرت أحكاما تصل إلى الإعدام والمؤبد في سبيل إرضاء نظام القذافي، يؤكد الناشط الحقوقي صلاح المرغني أن هذا الوضع القضائي المضطرب لا بد أن ينتهي، مؤكدا ضرورة فحص المؤسسة القضائية والتأكد من تحقق معايير النزاهة ثم إصلاح مواقع الخلل.

المصدر : الجزيرة