عزوف الصوماليين عن القرصنة

شباب يتدربون على صيانة الكهرباء
undefined
عبد الفتاح نور أشكر-غروي
 
على الرغم من انتشار ظاهرة القرصنة البحرية وصعوبة وجود حلول ناجعة لها حتى الآن، فإنه لا يزال هناك محاولات من بينها تدريب الشباب على مهن وحرف يدوية بديلة ترى الحكومة الصومالية أنها وسيلة ناجحة للحد من ظاهرة القرصنة البحرية المنتشرة في سواحل الصومال منذ عام 2008.

ويلاحظ المراقبون انحسار ظاهرة القرصنة في مياه المحيط الهندي وتحديدا عند السواحل الصومالية لأسباب منها اهتمام سلطات ولاية بونتلاند شمالي شرقي الصومال بإيجاد معالجات تساعد الشباب على الانصراف إلى امتهان حرف تدر عليهم دخلا بدلا من الالتحاق بعصابات القرصنة.

يقول رئيس هيئة مكافحة القرصنة البحرية في بونتلاند عبد الرزاق محمد دعيسني إن عمليات القرصنة البحرية انخفضت وتيرتها، واختفت عن الأنظار بصورة ملفتة هجمات القراصنة على الأساطيل والسفن البحرية العابرة في المياه الصومالية، وذلك بعد تزايد حملات التوعية الرامية إلى إبعاد فئات الشباب من مخاطر القرصنة، واعتماد الحكومة على برامج تدريبية هادفة صاحبت حملات التوعية على مدى السنوات الثلاث الماضية.

وذكر دعيسني أن برامج التوعية وتدريب الشباب التي تتبعها حكومته كجزء من إستراتيجية وقف ظاهرة القرصنة، ساهمت بشكل كبير في تقليل مخاطر عمليات القرصنة، حيث يٌلاحظ أن هجمات القراصنة على السفن البحرية تشهد تراجعاً منذ عام 2011.

وأشار إلى أن القراصنة قاموا بنحو 28 محاولة هجوم على الأساطيل البحرية منذ اتباع سياسة التوعية والبرامج التدريبية البديلة.

وقام القراصنة باختطاف سبع سفن بحرية فقط، ويحتجزون 185 رهينة كانوا على متن تلك السفن المختطفة مما يشير إلى أفول نجم القراصنة، الذين كانوا في السابق يحتجزون أعدادا هائلة من الأساطيل والرهائن البحرية.

دورة في صيانة الهواتف النقالة (الجزيرة)
دورة في صيانة الهواتف النقالة (الجزيرة)

ويضيف دعيسني للجزيرة نت أن هذا الإنجاز "لم يتحقق بفعل قوة عسكرية مضادة أرغمت القراصنة على التخلي عن عملياتهم الإجرامية، ولكن حكومتنا اتخدت إجراءات أخرى من بينها التوعية وتدريب الشباب على حرف ومهن يدوية بديلة تدر عليهم الأموال بدل الانخراط في صفوف القراصنة. وقد نجحت الخطة، ولكننا بحاجة إلى ضمان استمرار مثل هذه المشاريع في المستقبل".

وثمن جهود الهيئة النرويجية للإغاثة التي تزاول مهامها الإغاثية في مدينة غروي عاصمة ولاية بونتلاند، مشيرا إلى أن هذه الهيئة قامت بتدريب أكثر من 500 شاب من القراصنة على النجارة ونظمت دورات مكثفة في الكهرباء، بالإضافة إلى تدريبهم على وسائل بديلة لكسب الرزق.

غياب التنسيق
غير أنه أشار إلى أن هناك غيابا للتنسيق بين الهيئات والمنظمات العاملة في مجال تدريب القراصنة على الحرف والمهن اليدوية البديلة.

وأبدى دعيسني مخاوفه من أن يؤدي هذا الغياب إلى نسف الجهود المبذولة من أجل القضاء على ظاهرة القرصنة، ما لم تنسق الهيئات العالمية والمحلية جهودها، وتقوم بتوزيع الأدوار فيما بينها.

ودعا إلى ضرورة تجاوز ما وصفه بالعشوائية في مشروع مكافحة القرصنة من أجل الوصول إلى نتائج إيجابية في مجال مكافحة القرصنة وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية على المجتمع.

وتنشط في ولاية بونتلاند هيئات ومنظمات شبابية تعمل في مجال مشاريع إعطاء دورات تدريبية في مهارات وحرف يدوية بديلة للعائدين من القرصنة والفئات الشبابية التي تُعتبر وقود عمليات القرصنة البحرية في الصومال.

قراصنة سابقون يتلقون دروساً في النجارة(الجزيرة)
قراصنة سابقون يتلقون دروساً في النجارة(الجزيرة)

ومن بين الهيئات التي تعمل في هذا المشروع منظمة تنمية الشباب والمجتمع، التي يقول رئيسها عبد الفتاح محمد سجلي إن منظمته قامت بتدريب 350 من الشباب على مهن وحرف يدوية بديلة كصيانة الهواتف النقالة، ومهارات الحاسوب إلى جانب دورات مكثفة في صيانة الأدوات الكهربائية.

وذكر سجلي للجزيرة نت أن جلّ من تدرب في مراكز منظمتهم هم من فئة الشباب الأكثر عرضة لمخاطر القراصنة ومخططاتهم الإجرامية الخطيرة.

ويقول "خلال عملنا في مشروع تدريب الشباب على الحرف والمهارات اليدوية البديلة، لاحظنا أنه يمكن وقف ظاهرة القرصنة البحرية عبر توفير دورات تساهم في رفع وعيهم، لأن الفقر والجهل في وسط الشباب هما عاملان يساعدان عصابات القرصنة في الزج بالشباب في أتون نشاطات محرمة لتحقيق غايات آنية تضر بمصلحة الوطن والعالم".

تكاتف دولي
ويرى أحمد حلني -مدير مركز دراسات القرصنة في القرن الأفريقي- أن ما تقوم به الحكومة الصومالية والهيئات المحلية العاملة في مجال مكافحة القرصنة من جهود لتدريب الشباب على المهن والحرف اليدوية البديلة لا تكفي وحدها لجعل المياه الصومالية خالية من نشاطات عصابات القرصنة الإجرامية.

ويشير إلى أنه لا بد من وضع رؤى وإستراتيجيات بعيدة المدى لمكافحة عصابات القرصنة، ومحاولة علاج مسببات ظاهرة القرصنة، التي هي ليست بمشكلة محلية يمكن علاجها بدورات تدريبية عابرة.

ويقول إن العدد الذي تم استهدافه بهذه الدورات ليس كافيا، نظراً لحجم تأثير عمليات القرصنة على النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية للمجتمع، إذ يقدر عدد من انضم لنشاطاتهم حسب آخر الإحصائيات بنحو ألفي شاب صومالي، وهو ما يتطلب تكاتفا دوليا وإقليميا ومحليا لمعالجة آثار هذه القضية حتى تُقتلع المشكلة من جذورها.

المصدر : الجزيرة