لاجئو سوريا بالأردن.. جحيم بعد جحيم

اللاجئون تحدثوا عن حياة صعبة جدا لهم في مخيم الزعتري للاجئين
undefined
محمد النجار- مخيم الزعتري
 
وسط صحراء قاحلة وزوابع منهمرة بالأتربة والغبار حولت خيمهم البيض إلى بُنّية داكنة، وجد اللاجئون السوريون في الأردن أنفسهم فجأة بعد رحلة الفرار من الموت.

أيام ثقيلة يقضيها أكثر من 2600 لاجئ في أول مخيم للاجئين سمحت السلطات الأردنية بإقامته في منطقة الزعتري القريبة من الحدود السورية والتابعة لمحافظة المفرق وتشرف عليه المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة والهيئة الخيرية الأردنية الهاشمية.

عند دخولنا المخيم صباح الأحد بعد أسبوع من افتتاحه، لم يكن التيار الكهربائي قد وصل بعد، رغم تأكيدات المسؤولين أنه سيصل خلال وقت قريب بعد استكمال التمديدات اللازمة.

كان الصمت سيد المكان، فيما دبت الحركة والنشاط في مقدمة المخيم الذي نصبت فيه خيمة يتجمع فيها اللاجئون حديثو الوصول من جحيم سوريا.

وتتوزع في المخيم نقاط للمياه غير الصالحة للشرب بغرض النظافة، وسط شكاوى من ضعف التزويد بالماء الصالح للشرب البارد خاصة في وقت الإفطار، الذي لاحظت الجزيرة نت أنه قد يسبق وقته لدى العديد من اللاجئين الذين اضطروا له في نهار رمضان لصعوبة مقاومة الأوضاع الصعبة ودرجة الحرارة العالية التي ترتفع أكثر داخل الخيام.

اطفال لاجئون من طفس يجلسون في خيمة لتجميع اللاجئين (الجزيرة نت)
اطفال لاجئون من طفس يجلسون في خيمة لتجميع اللاجئين (الجزيرة نت)

العودة لبشار
الحاجة أم بسام (70 سنة) سورية من طفس بدرعا وصلت للأردن قبل عشرة أيام مع 14 من عائلتها هم ابنتها وزوجها وزوجة ابنها وأولادهما، عاجلت الجزيرة نت بالرد على أسئلتها "رجعوني على بشار الأسد الموت هناك مثل الموت هنا".

ودون أن نكرر أسئلة كثيرة عاجلتنا السبعينية بسيل من العبارات التي تهاجم المخيم وتقول "هربنا من قصف بشار لحماية أولادنا وأعراضنا فجئنا للصحراء والغبار، يا عالم خافوا الله فينا".

أما أبو خالد من تسيل في درعا فتبدو وطأة الأمور عليه أقل حدة، حيث يقول للجزيرة نت "أنا أعرف أن المكان سيئ ولكن ليس أسوأ من القصف في سوريا، نحن نريد إزالة الخيم واستبدالها ببيوت خشبية لأن الرياح أزالت الخيم أكثر من مرة وأطفالنا لا يستطيعون العيش هنا ومن لديه مريض يزداد مرضه".

أثناء التجوال دخلنا إحدى الخيم لنجد عائلة من البياضة في حمص يقول أحد أفرادها "هيكل" إنه وصل الأردن فجر الأحد ونقل مباشرة للمخيم وإنه يعمل في رعي الأغنام أصلا وإن هذا المخيم من خبرته "لا يصلح لحياة الحيوانات".

وبجانبه كانت تجلس والدته التي أظهرت أمامنا تقارير طبية وصورا شعاعية تؤكد إصابتها بالسرطان وأنها بحاجة لاستكمال جرعات كيمياوية دون تأخير.

بين الخيم التي يبلغ عددها 2100 قابلتنا سيدة وصلت من حمص فجر الأحد برفقة طفليها اللذين نجت بهما من جورة الشياح، لكنها منعت من الخروج من المخيم رغم أن زوجها يعيش في الأردن ويعمل في عمان.

‪سميح المعايطة أقر بصعوبة الأوضاع في المخيم‬  (الجزير نت)
‪سميح المعايطة أقر بصعوبة الأوضاع في المخيم‬  (الجزير نت)

وقف الكفالات
حالة مماثلة لفتاتين وصلتا لوحدهما للمخيم لم تسمح لهما السلطات الأردنية بالخروج إلى زوج إحداهما وشقيق الأخرى، حيث تبرر السلطات الأردنية ذلك بقرار وزارة الداخلية وقف الكفالات التي تعني خروج لاجئين من المخيم للعيش في المدن الأردنية.

عند أحد أماكن تعبئة المياه قابلت الجزيرة نت الطفلين براء وإسراء وهما طفلان يتيمان وصلا للأردن مع أمهما وخالهما وهما من جديدة عرطوز أصلا، ليحدثانا عن رحلة الفرار من إحدى مجازر النظام.

إسراء قالت ببساطة إنها لم تستطع الصوم "لأنه ما في شيوخ في الجوامع يأذنوا (يرفعوا الأذان)"، أما براء فتحدث عن أمله بأن يعيش في الأردن ويلتحق بالمدارس هنا.

ويقر رئيس الهيئة الخيرية الهاشمية أيمن المفلح بصعوبة الأوضاع في المخيم نتيجة الأتربة والغبار والحرارة العالية.

ويقول للجزيرة نت إن الهيئة بالتعاون مع المفوضية السامية للاجئين ستبدأ بتغيير الخيم في المخيم ببيوت جاهزة مجهزة بالكهرباء والماء وإن الدفعة الأولى من هذه البيوت وعددها ثمانون ستصل اليوم (الأحد).

لكن المفلح اعتبر أن التحدي المادي هو أهم التحديات التي تواجه القائمين على المخيم للتخفيف عن اللاجئين، وتابع "ثمن البيت الجاهز الواحد يبلغ 3500 دولار، وتأمين هذا النوع من السكن المؤقت للاجئين لا تستطيع تأمينه المفوضية والهيئة وحدها ونحتاج دعم المجتمع الدولي لاستكمال عملنا".

وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال سميح المعايطة أقر أثناء زيارة للمخيم بصعوبة الأوضاع فيه، لكنه طالب المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته تجاه اللاجئين السوريين الذين قال إن الأردن ملتزم باستقبالهم وتقديم ما يمكن لهم.

وقال للجزيرة نت "التزايد المستمر في أعداد اللاجئين يفاقم من حجم المشكلة، نفكر بكل الطرق لتخفيف العبء عن اللاجئين".

وتابع "لكن عندما يدخل على الأردن 800 لاجئ في اليوم فإن ذلك سيرتب عبئا لا يستطيع الأردن تحمله منفردا، نحن ندرك حجم المعاناة ونعرف معاناة المكان في الزعتري، الأردن لن يدخر أي جهد للتخفيف عن اللاجئين".

المصدر : الجزيرة