أخونة مصر بين الحقيقة والوهم

تصميم بنر استطلاع بالعنوان التالي - كيف تنظر إلى قرارات مرسي؟
undefined

أنس زكي-القاهرة

يشهد الإعلام المصري حالة من الجدل حول ما يراه البعض محاولة لـ"أخونة" الدولة من جانب جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي لها الرئيس المنتخب محمد مرسي فضلا عن أكثرية مجلس الشورى، في حين تتعاظم الآمال في الشارع المصري بتحقيق تغيير حقيقي يخفف من معاناة الشعب ويهاجم أوكار الفساد.

ولا يزال الإعلام الحكومي والخاص يحمل في الكثير من وسائله حالة من التوجس تجاه جماعة الإخوان المسلمين، تصل في كثير من الأحيان إلى سيل من الانتقادات يتخطى الجماعة وحزب الحرية والعدالة المنبثق عنها، ليطول الرئيس نفسه وكذلك البرلمان فضلا عن اللجنة التأسيسية للدستور التي يتهمها أنصار التيارات الليبرالية واليسارية بأنها تعكس هيمنة إخوانية حتى ولو لم يكن معظم أعضائها منهم.

وخلال الأيام الماضية، حمل الصحفي والنائب السابق بالبرلمان مصطفى بكري والنائب السابق محمد أبو حامد لواء الاتهامات الموجهة لجماعة الإخوان وللرئيس مرسي بمحاولة فرض سيطرتهم على مفاصل الدولة، معتبرين أن الجماعة تقود مخططا لإدارة السلطة في مصر لمصلحتها الخاصة لا لمصلحة البلاد.

وقال أبو حامد إن الإخوان المسلمين تنفذ مخططات لما أسموه "أخونة" الجيش والشرطة والإعلام والقضاء، ووصل الأمر إلى دعوته مع آخرين إلى ثورة شعبية في 24 أغسطس/آب الجاري بهدف إسقاط الإخوان الذين اتهمهم بتلقي تمويل من دول خارجية لم يسمها.

في الوقت نفسه امتنع عدد من الكتاب بالصحف المستقلة عن كتابة مقالاتهم قبل أيام احتجاجا على عدوه محاولة من الإخوان المسلمين للسيطرة على المؤسسات الصحفية الحكومية، وذلك في إشارة للتعيينات الجديدة لرؤساء تحرير هذه المؤسسات، التي صدرت عن مجلس الشورى.

واتهم وكيل نقابة الصحفيين جمال فهمي جماعة الإخوان بأنها تسير على درب الرئيس المخلوع حسني مبارك وتحاول السيطرة على وسائل الإعلام لتوجيهها حسب رغباتها.

‪العربي: أصحاب نظرية أخونة الدولة يحاولون تخويف الشعب المصري‬ (الجزيرة)
‪العربي: أصحاب نظرية أخونة الدولة يحاولون تخويف الشعب المصري‬ (الجزيرة)

معركة وهمية
في المقابل، استغرب القيادي بحزب الحرية والعدالة قطب العربي كل هذه الأحاديث، ووصفها بأنها معركة وهمية يثيرها البعض لإثارة مخاوف الشعب المصري والتشويش على مسيرة الرئيس الجديد وحكومته.

وقال العربي للجزيرة نت إن الحقائق على الأرض تدحض كل هذه الاتهامات، سواء تعلقت بعناصر إخوانية داخل القطاعات الحيوية أو بمحاولات للسيطرة على هذه القطاعات، وأضاف أن الجيش والشرطة مثلا كان من الصعب جدا بل المستحيل أحيانا أن يتمكن الإخوان أو أبناؤهم من الالتحاق بهما.

وأضاف أن كل مصري يعرف أن الالتحاق بالجيش والشرطة وكذلك القضاء والإعلام كان يقتضي موافقات أمنية من جهاز أمن الدولة، وبالتالي منع أعضاء جماعة الإخوان وأبناءهم وأقاربهم، وقال إن وجود بعض الشخصيات المتدينة في هذه القطاعات أمر طبيعي "لأنهم جزء من الشعب المصري المتدين بطبعه".

وأكد العربي أن من يتحدثون عن الأخونة ينطلقون من حالة التفزيع التي كرسها نظام مبارك لدى النخبة وقطاعات من الشعب تجاه جماعة الإخوان والتيارات الإسلامية بشكل عام، وقال إن على هؤلاء التوقف عن ذلك، وإدراك أن الإخوان قوة سياسية كبيرة العدد جيدة التنظيم نجحت في تحقيق الفوز في الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية، ومن حق أعضائها تولي المناصب في مختلف المجالات طالما انطبقت عليهم الشروط المتعلقة بالمهنية والكفاءة.

‪حسن: على المتخوفين من الإخوان العمل الجاد لمنافستهم انتخابيا‬ (الجزيرة نت)
‪حسن: على المتخوفين من الإخوان العمل الجاد لمنافستهم انتخابيا‬ (الجزيرة نت)

نحو التوازن
أما المحلل السياسي عمار علي حسن فانتقد المعركة الوهمية حول أخونة الدولة، وقال إن على أصحاب هذه الاتهامات أن يدركوا أن الطريق الصحيح لممارسة العمل السياسي ليس توجيه الاتهامات، وإنما العمل الحقيقي والجاد والمنظم من أجل مستقبل مصر.

وأضاف حسن للجزيرة نت أن من يخشون من سيطرة الإخوان عليهم الدخول بقوة وجدية إلى المعترك السياسي عبر إنشاء أحزاب حقيقية ترتبط بالشارع وتعبر عن نبضه، ولا تكتفي بالظهور في وسائل الإعلام، مؤكدا أن الاستقرار والتوازن سيتحقق عندما تتشكل في مصر قوة سياسية كبيرة يمكنها التنافس مع الإخوان في انتخابات حرة.

ولم يذهب مدير تحرير جريدة الشروق عماد الدين حسين بعيدا عن هذه النقطة، حيث اعتبر أن المعارضين للرئيس المصري أمامهم طريقان، أولهما سهل وهو الاستمرار في الكلام والانتقاد، وثانيهما صعب وهو النزول إلى الشعب في الريف والمدن لإقناعه بأنهم يمتلكون بديلا أفضل من الإخوان، خاصة أن مصر على أبواب انتخابات برلمانية جديدة خلال أشهر قليلة.

المصدر : الجزيرة