حماس والأردن.. علاقة دافئة بلا مكاتب

خالد مشعل خلال اللقاء مع عدد من الصحفيين في عمان امس
undefined

محمد النجار-عمان

بارتياح واضح تحدث رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد مشعل لعدد من الصحفيين في عمان عن الأسس الجديدة للعلاقة مع الأردن التي بدا دفؤها واضحا في انطباعات من استمعوا أو زاروا مشعل خلال أيام زيارته العشرة الماضية.

على بوابة شقة استأجرتها حماس بغربي العاصمة الأردنية عمان لاستقبال الضيوف تتوقف سيارات حراسة وضباط وأفراد أمن تابعون للحرس الملكي، في لفتة بدت واضحة على أن مشعل ضيف على ملك الأردن وأن العلاقة مع حماس باتت تمر من القناة السياسية بعد أن ظلت لسنوات معطلة على أبواب القناة الأمنية.

تحدث مشعل أمام عدد من الصحفيين والكتاب عن الزيارة الثانية له ولوفد الحركة للأردن منذ بداية العام الجاري والتي التقى خلالها العاهل الأردني عبد الله الثاني ورئيس الحكومة فايز الطراونة ومدير المخابرات وقائد الجيش وشقيق الملك الأمير علي بن الحسين -المكلف بملف علاقة الأردن بحماس-، بعد أن تمت الأولى بوساطة من ولي العهد القطري الشيخ تميم بن حمد آل ثاني مطلع العام الجاري.

وقال مشعل إن الزيارة الحالية أسست لصفحة جديدة من العلاقات بين الأردن وحماس، حيث التقى وفد الحركة بكافة المستويات السياسية والأمنية في المملكة وهي لقاءات تعتبر الأولى على هذا المستوى منذ إبعاد قادة الحركة عن عمان مطلع عهد الملك عبد الله عام 1999.

ووصف مشعل اللقاءات مع المسؤولين الأردنيين بأنها كانت "دافئة وواضحة ومنفتحة" وأنها أسست لمرحلة من العلاقة الجادة والمتينة.

وحسب رئيس المكتب السياسي لحماس فإن الجديد في زيارة حماس لعمان أنها فتحت أفقا جديدا، وحددت شكل العلاقة ومحدداتها بين عمان وحماس.

وقال إن علاقة الطرفين تحظى بأفق واسع ورحب رغم إدراك الطرفين أنها ليس ندية كونها تقوم بين دولة كالأردن وحركة فلسطينية رئيسية مشاركة بالحكم في فلسطين المحتلة.

مشعل شدد على أن علاقة حماس بالأردن لن تكون بأي حال على حساب العلاقة مع السلطة الفلسطينية وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح).

ومن حيث الشكل أوضح قائد حماس أنه أكد أمام العاهل الأردني أن حركته لا تطلب فتح مكاتب لها في الأردن، شارحا أمام محاوريه أن حماس لديها علاقات قوية ومتينة مع دول عديدة لا وجود مكاتب للحركة فيها.

وقال "نريد علاقة مع الأردن تكون واضحة ومتينة وتحقق مصلحة الأردن والقضية الفلسطينية بغض النظر عن الشكل".

لقاء مشعل (يمين) بعبد الله الثاني أسس لصفحة جديدة من العلاقة بين الأردن وحماس (الفرنسية-أرشيف)
لقاء مشعل (يمين) بعبد الله الثاني أسس لصفحة جديدة من العلاقة بين الأردن وحماس (الفرنسية-أرشيف)

قواعد للعلاقة
في محددات العلاقة شرح مشعل أربعة عرضها أمام المسؤولين الأردنيين لرؤية حماس للعلاقة مع الأردن.

الأول يتعلق بأمن الأردن واستقراره، وقال "أبلغنا المسؤولين هنا أن هذا الأمن مقدس بالنسبة لحماس، وهو التزام من الحركة تجاه الأمن القومي العربي بشكل عام". وتابع "أوضحنا أيضا أن ما قد يحصل خارج هذا السياق لا قدر الله فهو أمر عارض وغير مقصود".

المحدد الثاني يتعلق بالشأن الأردني الداخلي الذي قال مشعل إن حماس ملتزمة باعتباره شأنا أردنيا خاصا لا تتدخل فيه إلا إذا طلب منها أي تدخل من الجهة المعنية بذلك.

وتوقف مشعل عند المحدد الثالث المتمثل بالشأن الداخلي لجماعة الإخوان المسلمين، والذي قال إن الحركة ملتزمة بعدم التدخل بأي شأن يتعلق بالجماعة الأردنية وإن التعامل يكون بين تنظيم الإخوان الفلسطيني الذي تمثله حماس، والتنظيم الأردني، وأكد على أن حماس لا تدعم طرفا إخوانيا على حساب آخر وأن جميع الإخوان لديها سواء.

المحدد الرابع تمثل في العلاقة الأردنية الفلسطينية، التي قال مشعل إنها علاقة تاريخية ينبغي أن تعالج بحكمة وهدوء ومعالجة كل أبعادها، مشيرا إلى أن حماس لا تقبل بالتوطين أو الوطن البديل وعمل أي إنجاز سياسي على حساب الأردن.

وساطة
واحدة من أكثر القضايا التي حازت على ردود مشعل على أسئلة الصحفيين الحاضرين كانت تتعلق بما راج عن وساطة قامت بها حماس بين النظام في الأردن وجماعة الإخوان التي تلوح بمقاطعة الانتخابات المقبلة.

مشعل أوضح أن مسؤولين أردنيين لم يطلبوا منه صراحة مثل هذا الأمر لكنهم "أبدوا رغبة بأن تقول حماس كلمة خير" -كما قال-، وتابع "بدأنا الأمر بتقديم النصيحة للمسؤولين ثم نقلنا فحوى ما فهمناه من رسالة للمعارضين وخاصة جماعة الإخوان المسلمين".

وأضاف "نقلنا ما سمعناه من المعارضين للرسميين مجددا وهذا حدود ما قمنا به لم نزد أو نقلل وانطلقنا في كل ذلك من حرصنا على الأردن واجتماع الكلمة فيه".

ونفى قائد حماس بشدة أي علاقة للزيارة بالظروف المحيطة من حيث صعود الإسلاميين في دول الربيع العربي وفوز محمد مرسي برئاسة مصر.

وقال "الزيارة طبيعية وجاءت استكمالا للزيارة الأولى وهناك اتصالات بشأنها منذ شهر ونصف".

المصالحة
كما تحدث مشعل عن ملف المصالحة الفلسطينية الذي قال إن هناك رغبة لدى حماس باستكماله حتى ينجز لكنه لم يخف وجود "معيقات داخلية وخارجية" تتمثل بالضغوط الدولية على السلطة والتهديد بقطع المساعدات وغيرها، إضافة لوجود شكوك متبادلة سببها سنوات القطيعة بين الطرفين.

وقال إن حماس رحبت بأي دور أردني بملف المصالحة إلى جانب الجهود المصرية والعربية، موضحا أن هناك انتظارا لموعد قمة ستجمعه برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ينتظر أن يحدده الراعي المصري.

وأكد أن حماس تعمل على تحديد موعد لزيارة قريبة لمصر لتهنئة الرئيس محمد مرسي، مطالبا بعدم استعجال النتائج من مرسي الذي قال إن أمامه أولويات كبيرة.

وفيما أظهر مشعل تحفظا حيال الحديث عن الوضع السوري وعلاقة حماس بإيران، إلا أنه قال إن الربيع العربي ورغم الخسائر والدماء إلا أن هناك تطلعا لأن يتحقق المشروع العربي بالإصلاح ومكافحة الفساد وصولا لتماسك الجبهة الداخلية العربية إلى أن يتشكل مشروع عربي يتوازن مع المشاريع الأخرى ويواجه المشروع الصهيوني.

واعتبر أن انشغال العرب عن القضية الفلسطينية يعد "خسارة تكتيكية" مقابل ما ستجنيه مستقبلا من تحسن الخيارات الإستراتيجية بعد الربيع العربي، لكنه قال إن ذلك لا يلغي أن يستمر الفلسطينيون في مصالحتهم والعمل على إستراتيجية المقاومة.

المصدر : الجزيرة