تداعيات فض الشراكة بين نتنياهو وموفاز

Israel's Prime Minister Benjamin Netanyahu (R) and newly appointed minister Shaul Mofaz attend the weekly cabinet meeting in Jerusalem May 13, 2012. Israel and the Palestinian Authority issued a rare joint statement on Saturday, saying they were committed to peace after Netanyahu dispatched an envoy to meet Palestinian President Mahmoud Abbas
undefined

 

محمد محسن وتد-أم الفحم

حالة من الضبابية خيمت على المشهد السياسي الإسرائيلي بعد خروج حزب "كاديما" من الحكومة الإسرائيلية، وفض الشراكة مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، في ظل الصراعات الداخلية وتباين المواقف من قانون التجنيد الإجباري لليهود "الحريديم" (المتدينين).

وكشف فك الارتباط بين الطرفين عن حجم الغموض الذي يكتنف مصير ومستقبل حكومة نتنياهو، مع تصاعد حدة الصراعات الداخلية والحراك الاجتماعي الاقتصادي، لتدخل إسرائيل عقب ذلك في نفق مجهول، وسط توقعات بأن يؤدي ذلك إلى الانفجار.

وسيكون احتمال تقديم موعد الانتخابات الإسرائيلية المقبلة -بحسب تقديرات المحللين السياسيين- مرهونا أيضا بالخلافات الحادة داخل ائتلاف حكومة نتنياهو بشأن موضوع تجنيد "الحريديم" وفلسطينيي 48 بين شريكيْ الليكود الرئيسيين، حزب "إسرائيل بيتنا" بزعامة وزير الخارجية أفيغدور ليبرمان، وحزب شاس "الحريدي"، وتضاف إليها المشكلات المرتبطة بإقرار الموازنة العامة لسنة 2013 تحت وطأة تفاقم الأزمة الاقتصادية الاجتماعية.

الحليف التقليدي
ويرى المحلل السياسي في القناة العاشرة والمتخصص في الشؤون الحزبية رفيف دروكر أن نتنياهو رضخ لضغوط الأحزاب الدينية "الحريديم" التي يرى فيها حليفه التقليدي في مسيرته السياسية، وبالتالي فقد قبل خروج حزب "كاديما" من الائتلاف الحكومي في المرحلة الراهنة، لضمان حصوله على ثقة ودعم "الحريديم" في الانتخابات المقبلة ليبقى رئيسا للحكومة القادمة.

محلل: نتنياهو فضل التضحية بكاديما مقابل دعم الأحزاب الدينية بالانتخابات المقبلة (الفرنسية)
محلل: نتنياهو فضل التضحية بكاديما مقابل دعم الأحزاب الدينية بالانتخابات المقبلة (الفرنسية)

وأوضح دروكر -في حديثه للجزيرة نت- أن المبررات التي عرضها نتنياهو بشأن انسحاب "كاديما" من الائتلاف الحكومي غير مقنعة، حيث لم يكشف عن خفايا الأمور التي وصلت ربما إلى حد تعرضه للتهديدات من قبل قيادات أحزاب "الحريديم" بالقيام بحملة مناهضة له، تشمل مظاهرات ومقاطعة له في حالة إقدامه على فرض التجنيد العسكري الإجباري عليهم، خصوصا أن إسرائيل مقبلة العام المقبل على انتخابات للكنيست سيتم التبكير بها حسب كل التقديرات إلى مطلع فبراير/شباط بدلا من أكتوبر/تشرين الأول.

وفضل نتنياهو -بحسب دروكر- فض الشراكة المؤقتة مع شاؤول موفاز واحتضان "الحريديم"، وإن كان ذلك يتناقض مع رؤيته وقناعاته بكل ما يتعلق بلزوم انخراط جميع سكان الدولة في الجيش وتجنيدهم.

وسلك نتنياهو هذا النهج الغامض مع حزب "كاديما"، وتعمد الترويج لمعلومات منقوصة في الإعلام بكل ما يتعلق بقانون التجنيد وحسم موقفه ضده، وذلك للبقاء والتصدي لمحاولات الإطاحة به سياسيا، حسب تعبير دروكر.

انهيار ومغامرة
ويعتقد الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن فك الارتباط بين الليكود وكاديما ينطوي على مصلحة تخدم كلا من نتنياهو وموفاز، على أعتاب الانتخابات العامة المقبلة التي يبدو أنه أصبح لا مفر من تقديمها. فنتنياهو يحافظ بذلك على حلفائه التقليديين من "الحريديم" واليمين المتطرف، بينما يأمل موفاز أن يقلل انسحابه هذا من وطأة الانهيار الذي ينتظر حزبه المتآكل.

شلحت استبعد حدوث أي خرق في المسار التفاوضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين (الجزيرة)
شلحت استبعد حدوث أي خرق في المسار التفاوضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين (الجزيرة)

وفي الوقت نفسه، فإن كلا الطرفين -بحسب شلحت- يسدان الطريق أمام إمكان عودة رئيس الحكومة السابق إيهود أولمرت إلى الحياة السياسية، في حال تبرئة ساحته من التهم الجنائية التي يحاكم بسببها، سواء من أجل منافسة نتنياهو على رئاسة الحكومة، أو من أجل منافسة موفاز على رئاسة كاديما.

ولم يتوقع شلحت حدوث أي اختراق في المستقبل المنظور في موضوع "العملية السياسية والتفاوضية" بين إسرائيل والفلسطينيين، إذ إن نتنياهو قد حسم أمره باتباع سياسة الحفاظ على الوضع القائم، وهذا ما أثبتته فترة الشراكة القصيرة مع "كاديما".

وبخصوص تداعيات هذا المشهد الإسرائيلي على الملف النووي الإيراني، يفيد شلحت باحتمال أن ترتفع نزعة المغامرة لدى نتنياهو إزاء إيران، ظنًا منه أنها يمكن أن تنأى به عن ضغوط إيجاد الحلول للمشكلات الداخلية، وأن تعزز فرصه في الفوز في الانتخابات. وما يزيد هذا الاحتمال هو أن تلك النزعة تقابلها نزعة شبيهة لدى وزير دفاعه إيهود باراك الذي تتوقع له استطلاعات الرأي العام أن يتبخر مع حزبه في أي انتخابات مقبلة تشهدها إسرائيل.

المصدر : الجزيرة