الأسد يخاطر بكل شيء من أجل السلطة

epa03310155 (FILE) A handout file photo dated 06 October 2007 released by the Syrian Arab News Agency (SANA) shows Syrian President Bashar Assad (C), Minister of Defence General Hassan Turkmani (R) and General Ali Habib chief of staff at the Unknown martyr tomb near Damascus, Syria. Syrian state television said on 18 July 2012 that assistant vice president and former defence minister, Hassan Turkmani died of injuries sustained in the explosion that hit a government security building in Damascus. Syrian Defence Minister Daoud Rajha and his deputy Assef Shawkat - the brother-in-law of President Bashar al-Assad - were also killed in the blast. EPA/SANA HANDOUT HANDOUT EDITORIAL USE ONLY/NO SALES
undefined

أثبت الرئيس السوري بشار الأسد أنه شخصية غير مهادنة تماما مثل والده حافظ الأسد، الذي طبق حكم الفرد في البلاد ولم يكن يكترث بمن يعرف ذلك، ثم تولى الابن منصب الرئاسة وكان ذا نظرة هادئة ووعد بالديمقراطية والإصلاح، وكان هذا هو مجمل الاختلاف بينه وبين والده الذي أدار سوريا بقبضة حديدية طوال 29 عاما.

ترك حافظ لنجله عند وفاته عام 2000 جهاز سلطة راسخا يقوم على حكم الحزب الواحد وقمع المعارضة، كما ترك له شبكة من الجواسيس والمتعاونين مع أجهزة الأمن.

كان عمر بشار 16 عاما فقط حين أصدر والده أوامر بتنفيذ واحدة من أكثر الفظائع دموية في التاريخ العربي الحديث، وهي مذبحة عام 1982 التي راح ضحيتها عشرة آلاف سوري على الأقل في مدينة حماة لقمع تمرد سني، وأفلحت حملة القمع تلك وقد يكون الدرس المستفاد محفورا في الأذهان.

واليوم يتهم معارضو بشار قواته بقتل 13 ألفا على الأقل منذ مارس/ آذار 2011، وفي المقابل يصف الأسد خصومه بأنهم "إرهابيون" يلقون دعما من الخارج وأنهم قتلوا الآلاف.

كان العالم ينظر إلى الأسد الذي تولى السلطة عندما كان عمره 34 عاما فقط وكانت إلى جواره زوجته أسماء المحبة للتأنق، على أنه الأمل في التغيير، ثم تابع بصدمة تحوله إلى واحد من أكثر حكام الشرق الأوسط قسوة.

بعد أكثر من 16 شهرا من بدء الانتفاضة التي أصبحت الأكثر دموية واستعصاء على الحل، أثبت الأسد أن قدرته على البقاء أقوى من أربعة زعماء عرب أطاحت بهم قوة الشعب أو معارضة مسلحة منذ 2010، حيث لم يؤثر تصاعد العنف ولا انهيار الاقتصاد في قاعدة سلطته

ودُفع ببشار الأسد إلى دائرة الضوء بعد مقتل أخيه الأكبر باسل في حادث سيارة عام 1994 وأعده والده لخلافته، وترقى سريعا في صفوف الجيش وسرعان ما حصل على رتبة عقيد ثم أصبح رئيسا في الـ34 من عمره، ولكن تعهده المبكر بالإصلاح تبدد بشكل كامل تقريبا.

وقبل عشر سنوات بعد أن جعل تدهور الحالة الصحية لحافظ الأسد السفارة الأميركية بدمشق تتناول الخليفة المحتمل، أظهرت برقية أميركية نشرها موقع ويكيليكس إلى أي مدى جرى التهوين من قدر بشار، وقالت البرقية "الابن الأكبر بشار أبعد ما يكون عن السير على نهج والده وفي جميع الأحوال لن تكون له أبدا قبضة أبيه المطلقة على السلطة".

وعلى الرغم من أن بشار لم يكن مضطرا لانتزاع السلطة مثل والده عندما كان طيارا بالقوات الجوية، فإنه افتقر إلى مزايا حظي بها الأسد الأب في الأيام الأولى من السلطة، فقد ولى زمن الحماية السوفياتية إبان الحرب الباردة، ورغم أن موسكو ما زالت حليفة دمشق، فإنه في عصر اليوتيوب لا يمكن إخفاء مذبحة مثل التي ألمت بحماة، وينتقل الربيع العربي من دولة لأخرى.

ومع تصاعد الانتفاضة في سوريا ثمة دلائل على أن الضغط يؤثر على الأسد شخصيا، حيث كشفت رسائل بينه وزوجته تم اختراقها من خلال جهاز آي باد خاص بأسماء عن الاهتمام بالسترة الواقية من الرصاص.

كما قال الأسد لطلبة الجامعة الذين التقى بهم في دمشق إنه سُئل أكثر من مرة الأسبوع الماضي عن سبب شحوبه وما إذا كان ذلك يرجع للضغوط التي يتعرض لها، وأضاف أنه رد بالنفي وأوضح أنه ألمت به وعكة صحية بسيطة.

ثم جاء تفجير الأربعاء لمبنى الأمن القومي في دمشق كأعنف ضربة توجه لحكم الأسد حتى الآن، وأسفر عن مقتل وزير الدفاع داود راجحة والعماد آصف شوكت نائب وزير الدفاع وصهر الرئيس، والعماد حسن تركماني معاون نائب رئيس الجمهورية.

وبعد أكثر من 16 شهرا من بدء الانتفاضة التي أصبحت الأكثر دموية واستعصاء على الحل، أثبت الأسد أن قدرته على البقاء أقوى من أربعة زعماء عرب أطاحت بهم قوة الشعب أو معارضة مسلحة منذ 2010، حيث لم يؤثر تصاعد العنف ولا انهيار الاقتصاد في قاعدة سلطته التي تركزت على مجموعة من الطائفة العلوية وعلى أجهزة المخابرات وعلى جيش قوامه أكثر من ثلاثمائة ألف فرد.

ولا يُظهر الأسد أي مؤشر على الإذعان، ويمزج تحليله السياسي بلغة علمية ويصف العالم الذي تسعى فيه دول قوية لاستغلال الدول العربية لخدمة مصالحها بأنها مثل عملية التمثيل الغذائي داخل الخلية التي تحتاج إلى سكر لتوليد الطاقة اللازمة لحياة الخلية، لكن المصطلحات التي يستخدمها طبيب العيون الذي درس في لندن تنتهي بكلمات عنيفة.

المصدر : رويترز