أقباط مصر بين شفيق والمقاطعة

الباحث السياسي القبطي كمال زاخر - أقباط مصر.. بين انتخاب شفيق والمقاطعة - أحمد السباعي-القاهرة
undefined

أحمد السباعي-القاهرة

ليس التعايش في مصر بين مسلميها وأقباطها شعارا يرفع، بل واقعا يلمسه أي زائر للمناطق المختلطة في شتى مناطق البلاد، لكن المسار السياسي الحالي الذي تمر به أرض الكنانة، أخرج إلى العلن تخوف الأقباط من تيارات الإسلام السياسي، مترجما في صناديق الاقتراع في المرحلة الأولى من الانتخابات الرئاسية التي صوت فيها الأقباط بكثافة لصالح المرشح أحمد شفيق بحسب مراقبين، وسيترجم في جولة الإعادة وفق ناشطين ومحللين أقباط.

وتعطي جولة في أحياء مدينة شبرا انطباعا بأن أغلب الأقباط سيمنحون أصواتهم لشفيق، وأنهم يستبعدون تماما فكرة انتخاب مرشح الإخوان محمد مرسي، لأنهم قلقون من الإخوان بسبب "التجارب غير المشجعة" كما قال أبو أيمن صاحب متجر خضراوات، مشيرا إلى أن شفيق وعد بالدولة المدنية العادلة وبعودة الاستقرار والأمن للبلاد.

ويرجع الباحث السياسي القبطي كمال زاخر هذا التخوف إلى فترة الرئيس الراحل أنور السادات الذي أراد أن يجد لنفسه مكانا في الوعي الشعبي المصري الذي كان محجوزا بالكامل لعبد الناصر، مما دفع السادات إلى محاولة دحر أيدولوجية الناصرية بأخرى إسلامية، فوجد ضالته في مجموعات إسلامية "راديكالية" وتحول السادات إلى رئيس مؤمن ومصر إلى دولة "العلم والإيمان".

‪كمال زاخر: الأصوات القبطية في جولة الإعادة محجوزة لشفيق‬ (الجزيرة)
‪كمال زاخر: الأصوات القبطية في جولة الإعادة محجوزة لشفيق‬ (الجزيرة)

أصوات محجوزة
وأضاف زاخر أن الاختلاف مع عبد الناصر كانت عقوبته السجن في المعتقلات، أما الخلاف مع هذه المجموعات فهو خلاف مع المقدس ومع الله، "وهو ما يجعل دمك مباحا".

ومضى يقول إن الهجمات على الكنائس والمسيحيين لم تنتظر طويلا، حيث كانت بدايتها عام 1972 في قرية الخنكة بمحافظة القليوبية (على تخوم القاهرة).

وأوضح أن ضخامة الأحداث دفعت مجلس الشعب إلى تشكيل لجنة  لتقصي الحقائق، مشيرا إلى أن السادات كان راضيا عن هذه الممارسات لأنه كان يرى في هذه الجماعات بديلا لتنظيم الاتحاد الاشتراكي.

وبحسب زاخر، فإن الأقباط كانوا وقودا في كافة الصراعات بين الجماعات الإسلامية والأنظمة السياسية المتعاقبة.

واستمرت الممارسات ذاتها -وفق زاخر- في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك، لتأتي ثورة 25 يناير وتعيد اكتشاف "معدن المواطن المصري"، وتؤكد الوحدة بين الشعب المصري بكافة أطيافه. لكن هذا الحلم المصري الوحدوي -بحسب المحلل القبطي- سرعان ما تحول إلى كابوس، بعد تكرار الحوادث الطائفية.

ويلفت زاخر إلى أن فقراء الأقباط -كفقراء المسلمين- انحازوا في المرحلة الأولى إلى حمدين صباحي وخالد علي، وأن الطبقة الوسطى في الأقباط -كأقرانهم المسلمين- انتخبوا عمرو موسى وعبد المنعم أبو الفتوح، في حين أيدت الطبقة الثرية من الأقباط شفيق -بعد استبعاد عمر سليمان- لأسباب اقتصادية ومنفعية بحتة، ويؤكد أن معظم أصوات الأقباط في جولة الإعادة "محجوزة لشفيق".

‪القمص ساويرس: أقباط مصر لا يتوجسون من إخوانهم المسلمين‬ (الجزيرة نت)
‪القمص ساويرس: أقباط مصر لا يتوجسون من إخوانهم المسلمين‬ (الجزيرة نت)

رئيس مدني
من جهته كشف عضو المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس القمص صليب متى ساويرس أن نحو 240 حادثا طائفيا وقع في مصر خلال ثلاثين عاما (فترة حكم مبارك)، وكان النظام يعتمد على المسكنات دون فرض حلول جذرية لمنع تكرارها، أو وربما يكون أسلوبا ممنهجا من النظام المخلوع لبث الفرقة بين المسلمين والأقباط في إطار سياسة "فرق تسد"، إضافة إلى تهميش الأقباط في المجالس البرلمانية والحياة السياسية.

وأوضح القمص أن الأقباط في مصر لا يخافون شيئا ولا يتوجسون من "إخوانهم" المسلمين، لأن من يقوم بالهجمات "مجموعات متطرفة" ستزول مع مرور الوقت وتبقى اللحمة والتعايش بين المصريين.

وأشار إلى أن بعض الدول العربية والأجنبية تسعى لعدم استعادة مصر دورها الريادي، وتقوم بإشعال الفتنة بين الأقباط والمسلمين.

ويقول القمص إن الأنبا باخوميوس قائممقام البطريك دعا الأقباط إلى المشاركة في الانتخابات، وأكد وقوف الكنيسة على مسافة واحدة من الجميع سواء في المرحلة الأولى أو الإعادة، لكنه أشار إلى أن الأقباط -"حالهم كحال المصريين"- توجسوا من سيطرة الإسلاميين على مجلس الشعب، مستدلا على ذلك "بتراجع شعبية الإسلاميين في انتخابات الرئاسة".

وعبر عن أمله في أن ينتخب الشعب حاكما عادلا لا يميز بين المصريين في دولة مدنية دون مرجعية دينية.

بدوره أكد عضو المجلس السياسي لاتحاد شباب "ماسبيرو" أندراوس عويضة أن أغلب الأقباط سيصوتون لشفيق، والباقي سيقاطع الانتخابات لأن "من نزل إلى ميدان التحرير وخلع النظام السابق لن ينتخب ركنا من أركانه، وأيضا لن ينتخب مرشحا إسلاميا لأن هذه الجماعات ستستأثر بالحكم ولن تتخلى عنه".

ويتابع أنه إذا "لم يمش شفيق سنخلعه كمبارك"، لكن الأمر يستحيل في ظل نظام تسيطر عليه جماعات إسلامية لها ثقل شعبي، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى فتنة في البلاد.

المصدر : الجزيرة