طوابير الناخبين بمصر.. تحد رغم القلق

المصريون بدوا أكثر قلقا وهم يصطفون للمشاركة  في جولة الإعادة
undefined
أنس زكي-القاهرة

اقترب المصريون كثيرا من انتخاب أول رئيس بعد الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، واصطف الكثيرون في طوابير طويلة بانتظار الإدلاء بأصواتهم في جولة الإعادة التي يتنافس فيها محمد مرسي وأحمد شفيق في ظل تحد لمواصلة الطريق الديمقراطي، لكن المثير أن مشاعر السعادة والفخر التي علت وجوه المصريين عندما اصطفوا للمشاركة في انتخابات البرلمان قبل عدة أشهر تحولت في كثير من الحالات إلى مزيج من مشاعر الإحباط والقلق على المستقبل.

ولعل ما يبدو غريبا أن الجزيرة نت لاحظت أن هذه المشاعر ليست قاصرة على أنصار مرشح معين، وإنما يشترك فيها العديد من مؤيدي مرسي الذي يرأس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، وشفيق الذي كان وزيرا للطيران ثم رئيسا لآخر الحكومات في عهد الرئيس المخلوع مبارك.

وعندما اقتربنا من أحد الطوابير الطويلة لاحظنا نقاشا بين شخصين يعبر أحدهما عن مشاعر الإحباط ويقول إنه سينتخب شفيق رغم أنه لا يؤيده، مرجعا ذلك إلى أن التطورات الأخيرة في مصر أشعرته بأن شفيق ناجح لا محالة وأن أجهزة الدولة تسعى لذلك وتخطط له، لكن الشخص الآخر رد بحماس وقال لجاره في الطابور إن الرد على مشاعر الإحباط لا يكون بهذه الطريقة وإنما بالتصويت لمرسي.

وسرعان ما تدخل آخرون في النقاش وكان معظمهم من مؤيدي مرسي، معبرين عن شعور مماثل بالإحباط واعتقاد بأن مرشحهم لن ينجح مهما فعلوا وأن النية مبيتة لدى أجهزة عليا وشخصيات تتوق لاستعادة الماضي عبر إيصال شفيق إلى مقعد الرئاسة.

مشاعر القلق يشترك فيها العديد من أنصار شفيق (يمين) ومرسي (الجزيرة نت)
مشاعر القلق يشترك فيها العديد من أنصار شفيق (يمين) ومرسي (الجزيرة نت)

فخ القلق
وحتى من بدوا متفائلين بفوز مرسي من بين مؤيديه، فقد نجوا من مقصلة الإحباط لكنهم سقطوا في فخ القلق، حيث قال أحدهم إنه يشعر أن مرشحه قد يحقق الفوز، لكنه سيتفاجأ بعد ذلك بعراقيل تحول دون إنجاز مهمته على أكمل وجه، ويدلل على ذلك بالحكم القضائي الصادر قبل أيام بحل البرلمان حيث يعتبر هذا الناخب أنه استهدف إضعاف مرسي حال نجاحه خاصة أن التيار الإسلامي كان يهيمن على هذا البرلمان.

وعلى الجانب الآخر، فإن مشاعر القلق تبدو واضحة عند الكثيرين من مؤيدي شفيق الذين تحدثوا للجزيرة نت وقالوا إنهم اختاروا التصويت لشفيق أملا في عودة الأمن والاستقرار، لكنهم مع ذلك يخشون أن يفتح فوز شفيق الطريق أمام موجات من الغضب والتوتر قد تتطور إلى ثورة ثانية.

وعبر ناخب آخر عن نوع مختلف من المخاوف، حيث قال إنه جاء للتصويت لمصلحة شفيق طمعا في الوعود التي قدمها، لكنه يضيف أنه لا يعتقد أن مرشحه سيكون قادرا على تلبية كل التعهدات التي قطعها على نفسه خاصة وأنها شملت مجالات متعددة في وقت لا يبدو فيه الاقتصاد المصري في أحسن حالاته.

حتى موظف اللجنة الانتخابية بدا كأنه مهموم بالمستقبل الغامض (الجزيرة نت)
حتى موظف اللجنة الانتخابية بدا كأنه مهموم بالمستقبل الغامض (الجزيرة نت)

حيرة شديدة
الغريب أن الجزيرة نت تحدثت مع أحد الناخبين الذي فاجأنا بأنه حتى ما قبل لحظات من التصويت ما زال لا يعرف لمن سيعطي صوته.

ويقول إنه يعتقد أنه لو فاز مرسي أو حتى شفيق، فإن السلطة لن تعطى كاملة للرئيس المقبل وسيظل للمجلس العسكري الذي تولى السلطة في الفترة الانتقالية دور محوري بشكل أو آخر.

وأضاف الناخب أن حل البرلمان يعني استعادة المجلس العسكري لسلطة التشريع، متوقعا أن يستغل المجلس ذلك لإصدار إعلان دستوري جديد تكرس بعض مواده استمرار النفوذ السياسي والمصالح الاقتصادية للجيش.

وقبل أن نبتعد عن هذا الطابور خطف أسماعنا ناخب بدا أكثر إحباطا وتشاؤما وهو يقول لمن حوله إنه جاء للتصويت رغم أنه يعتقد أن آمال المصريين بالتحسن السريع لأحوالهم لن تتحقق أيا كانت هوية الفائز، لأن آليات النظام القديم وأخلاقياته ما زالت سيدة الموقف في الكثير من المجالات.

المصدر : الجزيرة