تأجيل البت في فصل فلسطينيين بسبب الانقسام

مئات المعلمين فصلوا من وظائفهم في الضفة بسبب انتمائهم لحركة حماس.
undefined

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 ميرفت صادق-رام الله
 
أجلت المحكمة الفلسطينية العليا في رام الله بالضفة الغربية إلى أجل غير مسمى البت في شكاوى قدمها عشرات المعلمين الفلسطينيين الذين فصلوا من وظائفهم منذ بداية الانقسام الفلسطيني بسبب اتهامهم بالانتماء إلى حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

وقررت المحكمة الخميس تأجيل إصدار الحكم النهائي في القضية التي رفعتها الهيئة المستقلة لحقوق المواطن منذ أربع سنوات باسم 24 معلما مفصولا على خلفية ما يسمى "عدم توفر شرط السلامة الأمنية"، أي عدم موافقة الأجهزة الأمنية على استمرار توظيفهم، بسبب عدم اكتمال نصاب هيئة المحكمة.

وعبّر عشرات المعلمين المفصولين عن غضبهم أمام مقر المحكمة العليا برام الله، وقالوا إن المماطلة في إصدار قرار ينصفهم ويعيدهم إلى وظائفهم سببها سياسي وليس قانونيا، ولربط عمل القضاء بمسار الحوارات بين حركتي حماس وحركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح).
 
وجاء تأجيل المحاكمة بالتزامن مع مرور خمس سنوات على الانقسام الفلسطيني الذي أعقب اقتتالا عنيفا بين فتح وحماس، أسفر عن مقتل عشرات من الفلسطينيين وسيطرة حماس على قطاع غزة وإعلان السلطة الفلسطينية لحالة الطوارئ في الضفة الغربية.

المحامي غاندي الربعي يطالب بالعدالة للمفصولين (الجزيرة نت)
المحامي غاندي الربعي يطالب بالعدالة للمفصولين (الجزيرة نت)

شهادات المفصولين  
وتعبر حالة معلمة التربية الإسلامية لبنى خضر من مدينة نابلس في شمال الضفة الغربية عن معاناة مئات المعلمين المفصولين الذين تقدموا بشكاوى رسمية لإعادتهم إلى وظائفهم بعد فصلهم بصورة تعسفية كما تقول الهيئة المستقلة.

وتعرضت خضر، وهي زوجة شهيد وأم لطفلين، للفصل بسبب رفض الموافقة على استمرار توظيفها من قبل الأجهزة الأمنية، رغم حصولها على مرتبة الشرف عند تخرجها من الجامعة وتفوقها في امتحان التوظيف الذي تشترطه وزارة التربية والتعليم الفلسطينية.
 
أما المعلم ناصر حلايقة من بلدة الشيوخ بمنطقة الخليل في جنوب الضفة، فقد تعرض عام 2009 للفصل هو وزوجته كاملة عبد الله التي كانت تعمل عضوا في بلدية الشيوخ أيضا، بسبب عدم موافقة الأجهزة المختصة على استمرار توظيفه في سلك التعليم.

وقال حلايقة للجزيرة نت إنه وزوجته طرقا أبواب المحاكم ومنظمات حقوق الإنسان ثلاثة أعوام في سبيل العودة إلى وظائفهم بعد فصلهم بدون سبب مهني، ولكن دون جدوى.

ولا يخفي حلايقة اعتقاده وجود بعد سياسي يؤثر على سير القضية في المحاكم الفلسطينية، ويقول "إذا كان الحراك جديا على مستوى المصالحة فالقضية ستمر وإذا لم يكن فلن تمر، رغم أملنا بأن ينصفنا القضاء الفلسطيني".

ولم يتمكن كافة المفصولين الذين تقدر مؤسسة الحق الفلسطينية أعدادهم بالآلاف وبينهم أكثر من 600 معلم، من الالتحاق بوظائف تعليم في مدارس خاصة أو الانتظام في العمل بمنظمات غير حكومية بسبب ما قالوا إنه قرار رسمي بمنعهم من العمل في كل الجهات الحكومية وغير الحكومية.

وقال المعلم سامح شوكت الذي قدم للاعتصام من منطقة قلقيلية بشمال الضفة إنه التحق بسلك التربية والتعليم منذ عام 1995، ولكنه فوجئ بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة بفصله من وظيفته بسبب اتهامه بالانتماء إلى حماس.

وذكر شوكت أن فصله أفقد عائلته مصدر رزقها بسبب ارتهان الموافقة على أية وظيفة رسمية في السلطة الفلسطينية والمدارس الخاصة بورقة "حسن السير والسلوك" التي تمنحها الأجهزة الأمنية لمن توافق على توظيفه.

وقال شوكت إنه رغم توجهه مع عدد كبير من المفصولين إلى القضاء الفلسطيني، فإن "الحكم ليس بيد القضاء وإنما بيد المتحاورين في القاهرة فهم من يعطون القرار بإنهاء معاناتنا أو بالمماطلة في إعادتنا لوظائفنا".

معلمون مفصولون تظاهروا ضد تأجيل البت في قرار ينصفهم (الجزيرة نت)
معلمون مفصولون تظاهروا ضد تأجيل البت في قرار ينصفهم (الجزيرة نت)

التأجيل والقضاء 
وقال المستشار القانوني لمؤسسة الحق الفلسطيني شعوان جبارين إن التأجيل المتكرر للبت في قضية المفصولين يجعل جهاز القضاء محل انتقاد كما أنه يمس مهمة العدالة والإنصاف المنوطة بهذا الجهاز.

ووصف جبارين للجزيرة نت قضية الفصل التعسفي من الوظيفة العامة بأنها جريمة ومخالفة للقانون الأساسي بسبب عدم توفر أسباب مهنية أو قانونية لفصلهم بل الاعتماد على أسباب سياسية فقط. وقال إن من واجب السلطة إنصاف المفصولين بإعادتهم لوظائفهم وتعويضهم عن الفترة السابقة.

وقال محامي المعلمين المفصولين غاندي الربعي للجزيرة نت إنه لا يمكن أن يقبل النظام السياسي والقضائي أن يبقى آلاف الفلسطينيين خارج العدالة بسبب عدم توفر محكمة مختصة للنظر في قضيتهم.

وأضاف الربعي: "إذا كان قانون العقوبات الفلسطيني يوفر الحماية للموتى وللحيوانات، فأين حق البشر والأحياء بالعدالة؟".

ومن جهتها، قالت المديرة التنفيذية للهيئة الفلسطينية المستقلة لحقوق المواطن رندة سنيورة إنه في ظل الجدل القائم في المحكمة التي تشكلت من 19 قاضيا حول اختصاصها بالبت في قضية المفصولين أولا، ستتقدم الهيئة بطلب تشكيل محكمة اختصاص لإنهاء القضية.

وشكلت قضية المفصولين على خلفية الانتماء لحركة حماس في الضفة الغربية أو لفتح في قطاع غزة إلى جانب الاعتقالات على خلفية سياسية أبرز تداعيات الانقسام الفلسطيني في الضفة والقطاع. 

وحسب مصادر رسمية في حركة حماس، فهناك ما يقارب 70 معتقلا سياسيا لا يزالون في سجون الأجهزة الأمنية بالضفة، كما تتحدث حركة فتح عن عدد مقارب من المعتقلين على خلفية انتمائهم للحركة في قطاع غزة.

المصدر : الجزيرة