التحقيقات لن تضر شفيق بانتخابات الرئاسة
أنس زكي-القاهرة
وكانت مصادر قضائية أعلنت الأحد عن انتداب المستشار أسامة الصعيدي للتحقيق في بلاغات تم تقديمها للنائب العام وتتضمن اتهامات بالفساد المالي والسياسي لشفيق الذي كان وزيرا للطيران المدني على مدى نحو عشر سنوات في عهد الرئيس المخلوع حسني مبارك قبل أن يختاره الأخير ليرأس الحكومة بعد اندلاع الثورة التي أطاحت به.
وتتضمن الاتهامات التي قدمها نائب البرلمان عصام سلطان استغلال شفيق رئاسته لجمعية ضباط الطيران حيث باع قطعة أرض مميزة تزيد مساحتها عن 40 ألف متر بسعر بخس يقل عن جنيه واحد للمتر إلى علاء وجمال نجلي الرئيس المخلوع، كما تتضمن مسؤوليته عما عرف بموقعة الجمل التي جرت خلال رئاسته للحكومة وراح ضحيتها عشرات القتلى والمصابين عندما هاجم بلطجية يركبون الخيول والجمال الثوار المرابطين في ميدان التحرير.
امتصاص الغضب
أستاذ العلوم السياسية والنائب البرلماني السابق جمال زهران قلل من شأن هذه التحقيقات المرتقبة، وقال للجزيرة نت إنها لا تعدو أن تكون محاولات لامتصاص غضب الجماهير، خاصة أن قاضي التحقيقات سيحتاج إلى أسابيع عدة لإنجاز مهمته، وهو ما لا يمكن أن يتم قبل جولة الإعادة المقرر إقامتها يومي 16 و17 يونيو/حزيران المقبل.
وأضاف زهران أن السلطات العليا لو أرادت محاسبة شفيق لبدأت هذه التحقيقات في وقت سابق، لكن هذه السلطات تريد، حسب ما يرى النائب السابق، الدفع بشفيق إلى صدارة المشهد، وليس من المستبعد أن يتم حفظ التحقيق معه سريعا من أجل المساعدة في زيادة شعبيته.
كما يشير زهران إلى أن شفيق، الذي تقاعد وهو يحمل رتبة فريق في القوات الجوية، بات محميا بنصوص قانون المحاكمات العسكرية الذي أقره البرلمان مؤخرا ويعطي حصانة للعسكريين من المحاكمة أمام القضاء المدني سواء كانوا في الخدمة أم خرجوا منها.
يستغرق وقتا
من جانبه، اتفق أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاهرة د. جابر نصار مع تحليل زهران حيث قال للجزيرة نت إنه يعتبر الإعلان عن التحقيق مع شفيق نوعا من "تطييب خواطر الجماهير الغاضبة على النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة" التي أظهرت احتلال شفيق المركز الثاني وتقدمه بالتالي إلى جولة الإعادة.
وأضاف نصار أنه لا يتوقع أن يلحق بشفيق أي ضرر جراء هذه التحقيقات، وبالتالي فلن يتأثر موقفه الانتخابي وسيخوض جولة الإعادة "وربما يحقق الفوز فيها، لأن هناك من يدفع بهذا الاتجاه".
أما مدير المنظمة العربية للإصلاح الجنائي المحامي محمد زارع فيعتقد أن التحقيقات مع شفيق ستستغرق وقتا طويلا مما يسمح له بخوض جولة الإعادة، ويؤكد للجزيرة نت أنه لا توجد نية لمحاسبته بجدية، ويسوق دليلا على ذلك أنه سبق أن تقدم هو شخصيا ببلاغ للنائب العام قبل نحو 15 شهرا يتهم شفيق بالفساد، ومع ذلك لم يتم التحقيق في هذا البلاغ حتى الآن.
ويعتقد زارع أن شفيق يحظى بدعم واضح بداية من عودته لسباق الانتخابات بعد إبعاده عنه، مرورا بدعم مباشر ومنظم من قيادات الحزب الوطني الذي كان يهيمن على الحياة السياسية طوال عهد مبارك قبل أن يصدر القضاء قرارا بحله بعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
ثورة جديدة
ومع إقراره بأن التحقيقات قد تأخذ وقتا طويلا، فإن أستاذ العلوم السياسية د. سيف عبد الفتاح يعتقد بأهمية المضي فيها من أجل كشف تورط شفيق، ويؤكد أنه سيتقدم خلال ساعات إلى النائب العام من أجل التضامن مع البلاغات المقدمة ضد شفيق خاصة أن لديه أوراقا تثبت تورطه في قضايا فساد.
وأضاف عبد الفتاح أنه حتى لو نجح شفيق في الوصول إلى الرئاسة فهذا لا يعرقل الأمر، مؤكدا ضرورة اللجوء إلى القضاء لطلب ضمه إلى المحاكمة الجارية للمتهمين بالمسؤولية عن موقعة الجمل، وكذلك لكشفه أمام الناخبين الذين أعطوه أصواتهم في الجولة الأولى من الانتخابات.
وأخيرا فإن عبد الفتاح يؤكد أن وصول شفيق إلى الرئاسة لن يعني، إن حدث، فشلا للثورة أو نهاية لها، وإنما سيعني بداية لثورة جديدة لن تتوقف حتى تحقق التغيير الحقيقي.