أزمة طرابلس هل تحلها تسوية إقليمية؟

LEBANON : A picture shows a makeshift barricade set up by residents of the Sunni neighbourhood of Bab al-Tabbaneh in the northern Lebanese city of Tripoli to protect them from sniper fire from the Alawite neighbourhood of Jabal Mohsen on May 17, 2012. Fresh sectarian clashes erupted between pro- and anti-Syrian districts in the north Lebanon port city of Tripoli, leaving at least one person dead and seven wounded, a security official said. AFP PHOTO/JOSEPH EID
undefined

محمد العلي

بعد انفجار جولة الاقتتال الأخيرة في مدينة طرابلس اللبنانية يوم 12 مايو/أيار الجاري, ربط معظم المراقبين الانفجار بتوقيف الشاب المحسوب على التيار السلفي شادي المولوي من قبل جهاز الأمن العام اللبناني.

وقال المتعاطفون مع المولوي إنه اعتقل بسبب دوره في دعم النازحين السوريين الفارين من جحيم الحرب, في حين أكد الأمن العام أنه أوقف بسبب ارتباطه "بتنظيم إرهابي"، في تلميح لتنظيم القاعدة.

بعد أيام من توقيف المولوي، خرج رئيس الحكومة نجيب ميقاتي -ابن مدينة طرابلس وأحد نوابها في البرلمان- عن صمته ليقول إن "العنصر السوري ليس سبب توقيف المولوي, وإن القضاء سيقول كلمته في هذا الشأن". وشدد على أن "كل سيناريو في سوريا مهما كان له انعكاس على لبنان". وأعرب أيضا عن عدم اطمئنانه للوضع لأن" النار تحت الرماد في طرابلس".

اليوم ذهب قائد الجيش العماد جان قهوجي خطوة أبعد. فقال ليومية "السفير" إن "هناك مهمة أساسية تقع على السياسيين خاصة أولئك الذين لديهم تأثير على المسلحين، علما بأن أكثر من نصف المسلحين في طرابلس تابعون للسياسيين، ومسؤولية هؤلاء تقتضي سحبهم وأن يبادروا إلى تخفيف حدّة الخطاب السياسي ويساهموا في تأمين الاستقرار والأمن وإزالة التشنج وأسباب التوتر".

 الوضع في طرابلس لم يختتم, ومسألة انتشار السلاح باتت من السمات الواضحة, وهناك من يريد تحويل طرابلس إلى ساحة للاستعمال في سياق الأحداث السورية

السياسي الشمالي خلدون الشريف

طاولة حوار
وسط هذا الدفق من أنصاف الحقائق, واقتراح رئيس البرلمان نبيه بري على سفير السعودية علي عواض العسيري أمس فكرة عقد طاولة حوار وطني لبناني بشأن طرابلس, ما هي مآلات الوضع الأمني في عاصمة الشمال؟ وهل ستتمكن حكومة ميقاتي -المُشكلّة من حلفاء سوريا بلبنان- من منع تفاقم الوضع في طرابلس والشمال؟

يقول في هذا الصدد السياسي الشمالي خلدون الشريف للجزيرة نت إن "الوضع في طرابلس لم يختتم, ومسألة انتشار السلاح باتت من السمات الواضحة, وهناك من يريد تحويل طرابلس إلى ساحة للاستعمال في سياق الأحداث السورية".

ويرى الشريف أن العلاجات "ما زالت في الطور الأمني, وهي في كل الأحوال أفضل, لكن العلاج السياسي لم يظهر بعدُ, ولو أن تصريح رئيس البرلمان نبيه بري عند لقائه السفير السعودي يؤشر إلى المنحى الذي سيأخذه، بمعنى الدعوة إلى طاولة حوار حول الوضع في طرابلس".

ومضى قائلا "لا يظن أحد أن الأمور في طرابلس عادت إلى طبيعتها بشكل دائم". وناشد المجتمع الدولي إيجاد حل "لأنه عند قعقعة السلاح يتوقف صوت العقل وصوت المجتمع المدني".

إذا طال الصراع ولم يتم وأده فإنه سيكرس باعتقادي أمرا واقعا على الأرض في طرابلس والشمال, بمعنى أن تصبح هذه المنطقة منطقة مواجهة مباشرة مع النظام والجيش السوري

جورج علم

صورة مصغرة
من جانبه يرى الصحفي جورج علم أن "الخطورة بموضوع طرابلس أنه أصبح صورة مصغرة عن الوضع بسوريا بين النظام والمعارضة, وهناك خشية من انتقال الصراع من سوريا إلى لبنان عبر البوابة الطرابلسية, لأن لبنان منقسم على نفسه عموديا بين مؤيد للنظام بسوريا ومؤيد للمعارضة، ومنقسم بشكل حاد بين السنة والشيعة, فإذا كان جبل محسن محسوبا على النظام والطائفة العلوية، فإن باب التبانة يمثل السنة الذين يشكلون رأس حربة في مواجهة النظام السوري".

ويمضي علم قائلا "إذا طال الصراع ولم يتم وأده فإنه سيكرس باعتقادي أمرا واقعا على الأرض في طرابلس والشمال, بمعنى أن تصبح هذه المنطقة منطقة مواجهة مباشرة مع النظام والجيش السوري, وهذا أمر خطير للغاية خصوصا أن هنالك جهات تزود كل الأطراف بالسلاح والمال".

العلاج الجذري
وعن قدرة حكومة ميقاتي والجيش على منع الوضع من التفاقم، يقول الشريف "الآن تم العلاج الموضعي, أما العلاج الجذري فلم يبدأ بعد". ويوضح أن مثل هذا العلاج يتطلب أولا "التمسك بسياسة النأي بالنفس عن أحداث سوريا لما تسببه من انشطار بين اللبنانيين, وتحويل تلك السياسة ثانيا إلى سياسة عامة، فيمتنع المؤيدون (لأحد طرفي النزاع السوري) عن التأييد، والمعارضون عن المعارضة، وثالثا تخفيف مستوى الخطاب المذهبي على مستوى الساحة كلها وعدم الخوض في السجال الانتخابي ضمن وطن غير مستقر, وإطلاق عجلة الدولة (إقرار الموازنة والصرف) وإقرار خطة تنمية شاملة لطرابلس".

المصدر : الجزيرة