قبائل صومالية ترفض حرمانها من حقوقها

مئات من القبائل البنادرية يتظاهرون في مقديشو الشهر الماضي ضد معيار تقاسم السلطة المبني على أربعة والنصف
undefined
قاسم أحمد سهل-مقديشو
 
تتعرض بعض القبائل الصومالية منذ سقوط النظام العسكري السابق عام 1991 للتهميش والإقصاء من مواقع القرار والحرمان من شغل المناصب والوظائف المهمة، وتكرّس ذلك بعد استحداث قاعدة 4.5 في مؤتمر المصالحة الصومالية في جيبوتي عام 2000 كمعيار لتقاسم السلطة في الصومال، والتي تعطي لأربع قبائل صومالية حصة كاملة في حين تتقاسم القبائل الباقية مجتمعة نصف حصة.

وأثار هذا التهميش سخطا ومعارضة من كثير من الصوماليين بمختلف توجهاتهم بمن فيهم أبناء القبائل المهمشة سياسيا باعتبار أن هذا المعيار يكرس التمييز ويفتت نسيج المجتمع الصومالي، وذكر النائب محمد الشيخ عبدي المنتمي إلى القبائل البنادرية -التي تنحدر قبائل فيها من أصول عربية- للجزيرة نت أنه تم تبني معيار تقاسم السلطة المتبع حاليا على أساس من يحمل السلاح ويقتل.

وأضاف "إذا كان على أساس عدد أفراد كل قبيلة فليس هناك إحصاء لذلك، والقبائل المهمشة تشمل أكثر من عشر قبائل، وإن كان على أساس المناطق فالقبائل البنادرية مثلا تقطن في المناطق على طول الساحل الجنوبي وكذلك قبائل غريرويني تقطن في كل المناطق بجنوب ووسط الصومال لا سيما مناطق ضفاف نهري شبيلي وجوبا، ولذلك فالمعيار قائم على أساس غير عادل".

العدالة والمساواة

‪النائب محمد عمر طلحة يرى أن النظام غير عادل‬ (الجزيرة نت)
‪النائب محمد عمر طلحة يرى أن النظام غير عادل‬ (الجزيرة نت)

أما النائب محمد عمر طلحة من قبائل غريرويني المنحدرة من أصول أفريقية فيرى أن نظام تقاسم السلطة المبني على قاعدة 4.5 غير عادل ويتعمد إعلاء شأن القبائل المسلحة، التي قال إنها اعتادت على ممارسة العنف كونها قبائل رعوية تقتتل على الموارد المائية والعشب.

وأوضح طلحة للجزيرة نت أن نظام تقاسم السلطة يحرم القبائل المسالمة -التي وصفها بالمستضعفة ويشكل أبناؤها حسب تقديره 90% من العاملين في مجالات البناء والزراعة والصيد والحرف اليدوية والفن- من الحصول على حقوق سياسية مساوية للقبائل الأربع التي ضمنت حصتها كاملة بموجب هذا النظام، وقال "يجب تعديل نظام تقاسم السلطة بشكل تتحقق فيه العدالة والمساواة".

ولفت إلى أنه يأمل وقف تطبيق هذا النظام من خلال تشكيل أحزاب سياسية غير مبنية على أسس غير قبلية تتنافس بطريقة شريفة وتحتكم إلى صناديق الاقتراع، وذكر أن هذا الأمر لن يحدث على الأقل في السنوات الأربع القادمة، وهو ما يدفع إلى طرح بديل آخر يقوم على وقوف المجتمع الدولي ضد تطبيق "هذا المعيار الجائر في حق قبائل صومالية كثيرة".

تشجيع على السلاح
ومن جانبه وصف رئيس المركز الصومالي لتحقيق العدالة ومكافحة التمييز عمر شريف جيغ نظام تقاسم السلطة بأنه لا يخدم مصلحة الصوماليين، واعتبره منافيا لمبادئ حقوق الإنسان كونه يفرق بين الصوماليين لإعطائه حقوقا وصفها بغير المستحقة للقبائل المهيمنة على الشأن الصومالي والتي تتحكم في مفاصل الدولة بقوة السلاح.

عمر شريف جيغ اعتبر النظام مناف لمبادئ حقوق الإنسان (الجزيرة)
عمر شريف جيغ اعتبر النظام مناف لمبادئ حقوق الإنسان (الجزيرة)

وحذر جيغ من استمرار تطبيق هذا المعيار الذي قال إنه يشجع القبائل المسلوبة حقها والمهمشة سياسيا والتي تطالب بحقها بشكل سلمي على حمل السلاح وفرض أجنداتها مثلما تفعل القبائل الأربع، "التي تكرم وتحترم لا لأنها خدمت البلاد، بل لأنها قبائل مسلحة قادرة على معارضة كل ما يتعارض مع مصالحها وإرادتها".

وأضاف أن المعيار لم يحرم فقط المنتمين إلى القبائل المهمشة من تبوؤ مناصب ووظائف في الدوائر الحكومية، بل شمل مجالات غير سياسية قائلا "الحكومة حصلت على منح دراسية من دول عدة ووزعت هذه المنح بشكل بعيد عن العدالة فأصبح الطلاب المنتمون إلى القبائل المهمشة خارج الحسابات".

من جانبه ذكر الشيخ نور بارود غورحن نائب رئيس هيئة علماء الصومال للجزيرة نت أن النظام مناف تماما لتعاليم الشريعة الإسلامية ويرسخ جذور القبلية التي قال إنها قادت الصومال إلى الدمار والهلاك.

وقال إن "الصوماليين بين خيارين إما أن يعودوا للحياة البدوية التي تسند مسؤولية الإدارة إلى القبيلة وإما أن يختاروا دولة تقوم على نظام بعيد عن القبلية".

المصدر : الجزيرة