أبو قتادة.. عنوان أزمة أردنية جديدة

رغبة بريطانيا في ترحيل أبو قتادة إلى الأردن من تقرير للجزيرة 18 فبراير/شباط 2009
undefined

محمد النجار-عمان

تخفي التصريحات الرسمية بالأردن، التي تؤكد الاستعداد لتسلم الداعية الإسلامي عمر أبو عمر الملقب بأبو قتادة من بريطانيا، حقيقة تتحدث عنها مصادر مطلعة بأن عمّان تعرض لضغوط بريطانية لقبول ذلك.

وترى مصادر مراقبة لتطورات قضية أبو قتادة ومن قيادات التيار السلفي الجهادي أن تسليم الرجل لعمّان سيشكل عنوان أزمة أردنية داخلية جديدة.

وقالت مصادر متعددة للجزيرة نت إن الأردن لم يكن راغبا بتسلم الإسلامي "المتشدد" المحكوم بالسجن في قضيتين نظرت بهما محكمة أمن الدولة الأردنية عامي 1997 و2000، لكن لندن مارست ضغوطا على عمّان لتسلمه والتي قبلت ذلك مؤخرا وقدمت ضمانات تحتاجها بريطانيا لتتمكن من إقناع جهات حقوقية أوروبية وبريطانية تحذر من تسليمه للأردن.

ووقع الأردن وبريطانيا مذكرة قبل سنوات، كما واصل مسؤولون أمنيون من البلدين مباحثاتهما بهذا الشأن توجت مؤخرا بزيارة وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي عمّان بهدف ترتيب ظروف نقل الإسلامي الأردني.

وأعادت السلطات البريطانية الثلاثاء اعتقال أبو قتادة والذي تصفه أجهزة مخابرات غربية بالذراع اليمني لزعيم تنظيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن في أوروبا.

وقالت ماي أمام البرلمان الثلاثاء إنها تلقت تأكيدات من الأردن تمكن بريطانيا من المضي قدما في ترحيله، وإنها واثقة من أنه سيلقى محاكمة عادلة.

وأضافت "المحاكم البريطانية وجدت أن أبو قتادة رجل خطير.. هو خطر على أمننا القومي ويجب ترحيله إلى الأردن.. أعتقد أن التأكيدات والمعلومات التي جمعناها ستعني أنه يمكننا أن نضع أبو قتادة قريبا على طائرة ونخرجه من بلادنا للأبد".

وقالت إن أبو قتادة سيحاكم أمام قضاة مدنيين وستلغى إدانته غيابيا، وهو ما أكده وزير العدل إبراهيم الجازي في تصريحات له أمس بأن الرجل سيحاكم أمام هيئة قضاة مدنيين بمحكمة أمن الدولة التي اعتادت النظر بهذه القضايا من قبل قضاة عسكريين، حيث حكم على أبو قتادة بالسجن مرتين غيابيا من قبل قضاة عسكريين.

استعداد حكومي

"
راكان المجالي:
قرار بريطانيا تسليم أبو قتادة بمثابة الشهادة للأردن في سجل المحاكمات العادلة وحقوق الإنسان

وفي ذات السياق عبر وزير الدولة الأردني لشؤون الإعلام الناطق باسم الحكومة راكان المجالي عن استعداد بلاده لتسلم أبو قتادة.

وقال للجزيرة نت إن أبو قتادة مواطن أردني سيعود لبلاده في حال قررت بريطانيا تسليمه، مشيرا إلى أنه بمجرد مثوله أمام المحكمة ستلغى الأحكام الصادرة بحقه بموجب القانون الأردني الذي يلغي الأحكام الصادرة غيابيا ويعيد محاكمة المتهم مرة أخرى.

وتحدث المجالي عن أن قرار بريطانيا تسليم أبو قتادة بمثابة الشهادة للأردن في سجل المحاكمات العادلة وحقوق الإنسان.

بدوره كشف القيادي البارز بالتيار السلفي الجهادي "أبو محمد الطحاوي" عن أنه نصح أبو قتادة باتصال هاتفي قبل أيام بألا يقبل العودة للأردن.

وأضاف الطحاوي للجزيرة نت أن أبو قتادة اتصل به "واستشارني بشأن تسليمه للأردن، وأبلغته أن الشيخ أبو محمد المقدسي (منظر التيار السلفي الجهادي) أرسل لي نصيحة بأن لا يعود أبو قتادة للأردن".

وقال أيضا "في الأردن لا يوجد محاكمات عادلة، هناك مسرحيات تديرها المخابرات عن طريق محكمة أمن الدولة، التهم فيها معلبة وجاهزة والشهود حاضرون".

 وزاد "أبو محمد المقدسي حوكم في نفس قضية أبو قتادة المعروفة بتفجيرات الألفية وصدر بحقه حكم بالبراءة بعد سنتين من الاعتقال، لينقل بعدها لسجن المخابرات ويمكث بعد البراءة ثلاث سنوات".

واعتبر الطحاوي أن اعتقال السلطات الأردنية أبو قتادة "سيزيد من حراك التيار السلفي الجهادي المطالب بالإفراج عن المعتقلين وأبرزهم حتى الآن أبو محمد المقدسي".

وبرأي الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية وشريك أبو قتادة السابق في تأليف عدد من الكتب حسن أبو هنية فإن الأردن يريد الاستمرار بدوره كرأس حربة فيما يسمى الحرب على الإرهاب من خلال تسلمه أبو قتادة.

وقال للجزيرة نت إنه يعتقد أن الأردن يستقبل أبو قتادة "لإخراج بريطانيا من أزمة ونقلها إلى عمان التي لا تنقصها الأزمات والملفات التي توتر الأجواء".

وتابع أن الأردن سيأتي إلى أبو قتادة وعيون منظمات حقوق الإنسان على محاكمته "مما سيفسح للرجل المجال للحديث" علما أن أبو قتادة "من أكثر قيادات السلفية الجهادية قدرة على التعبئة والتجنيد ويعتبر فيلسوف الحركة السلفية الجهادية".

 لكنه اعتبر في المقابل أن الأردن سيحصل على "كنز معلوماتي كبير" والمتمثل بأبو قتادة "كون المخابرات الأردنية لديها خبرة طويلة في التعامل مع الجهاديين وهي الآن تعتقل أبو محمد المقدسي".

ويرى مراقبون أن ملف أبو قتادة سيفتح الباب مجددا للجدل حول دور الأردن في الحرب على ما يسمى الإرهاب، والذي تعرض لانتكاسة عندما فجر الطبيب الأردني همام البلوي نفسه بقاعدة للمخابرات الأميركية في خوست الأفغانية نهاية 2009 وقتل فيها ثمانية ضباط أميركيين وضابط أردني كبير كان يعمل على تجنيده لاختراق حركة طالبان.

المصدر : الجزيرة