إيران والقوى الكبرى.. محاولة لنزع الفتيل

Iran's top national security official Saeed Jalili (R) poses with European Union's Foreign Policy chief Catherine Ashton before a meeting on April 14, 2012 as Iran and six world powers open talks on Tehran's disputed nuclear programme in Istanbul. AFP PHOTO/ POOL/ TOLGA ADANALI
undefined

بعد انقطاع استغرق 15 شهرا تقريبا, التقى اليوم السبت في إسطنبول مفاوضون إيرانيون وآخرون من الدول الخمس الدائمة العضوية بمجلس الأمن وألمانيا، وهو ما يعده مراقبون مقدمة لاستئناف المفاوضات بشأن الملف النووي الإيراني بما ينزع فتيل أي تصعيد محتمل يؤدي إلى مواجهة عسكرية بالمنطقة تكون لها تداعيات خطيرة تشمل عرقلة إمدادات النفط.

وقبل هذا اللقاء بدت مؤشرات على استعداد الطرفين تقديم تنازلات تسمح بإجراء محادثات وفق قواعد متفق عليها، وجدول زمني للخروج من الطريق المسدود.

وخلال السنوات الماضية ظلت إيران ترفض بشدة المطالبات الغربية لها بوقف الأنشطة النووية المتعلقة أساسا بتخصيب اليورانيوم, أو فتح مواقعها العسكرية "المشتبه فيها" للمفتشين.

وفي المقابل ظلت القوى الغربية تلح على طهران كي تثبت للعالم أن برنامجها النووي مدني سلمي محض لا أبعاد عسكرية له, وهددت بفرض مزيد من العقوبات -فضلا عن العقوبات التي فرضت على أربع دفعات- ما لم تكن هناك استجابة ملموسة من طهران تبدد القلق من طبيعة برنامجها النووي.

عودة الحوار
ومع أنه لا أحد من الأطراف المعنية رفع سقف التوقعات من لقاء إسطنبول إلى مستوى اختراق كبير, فإن جل التحليلات تتفق على وجود رغبة مشتركة في الخروج من حالة الجمود القائمة منذ شهور إلى مسار دبلوماسي بسقف زمني واضح يفضي إلى حسم المسائل المختلف عليها.

وأفسح جمود المحادثات الباب أمام مواجهة عسكرية محتملة وسط تكهنات بضربة إسرائيلية للمنشآت النووية الإيرانية. وقالت طهران إنها سترد على أي ضربة عسكرية سواء كان مصدرها إسرائيل أو القواعد العسكرية الأميركية بالخليج, كما أنها هددت عند التعرض لأي هجوم بغلق مضيق هرمز الذي تمر منه نحو 40% من إمدادات النفط البحرية بالعالم.

ووفقا لمراقبين فإن العودة المرتقبة إلى المسار السياسي وفق جدول زمني وتفاهمات واضحة قد تكون الفرصة الأخيرة لتفادي مواجهة عسكرية ربما تشعل المنطقة برمتها. ويتضح من تصريحات لكبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي، ودبلوماسيين حضروا لقاء إسطنبول، أن إيران تظهر هذه المرة نوعا من الجدية في تقديم مقترحات ملموسة.

فجليلي تحدث عن "مقترحات جديدة ومبتكرة" بينما قال مصدر دبلوماسي إن طهران أبدت في أحدث جواب عن رسائل القوى الكبرى استعدادها للتفاوض.

ولخصت اليوم صحيفة كيهان الإيرانية القريبة من السلطة انتظار طهران في أن "تثق" فيها مجموعة 5+1 (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرانسا والصين وروسيا وألمانيا) عبر إلغاء كل القرارات الأممية والعقوبات التي تستهدفها كخطوة أولى.

بيد أنه من المستبعد في الواقع قبول القوى الغربية المشاركة بمفاوضات تطلب رفع العقوبات التي توسعت لتشمل قطاعات اقتصادية إيرانية بالغة الأهمية على رأسها القطاعان النفطي والمصرفي.

وكما قال أحد الدبلوماسيين المشاركين في لقاء إسطنبول عن مجموعة 5+1, فإن مطالبة طهران برفع العقوبات تدخل ضمن الشروط المسبقة التي لا يمكن فرضها.

ضمانات
وما تريده القوى الغربية الكبرى الممثلة في تلك المجموعة ضمانات إيرانية تتعلق بعمليات تخصيب اليورانيوم التي ترفض طهران وقفها, وتشدد على أن الهدف منها إنتاج وقود يشغل المحطات النووية بهدف إنتاج ما يكفي من الكهرباء.

ولا يزال تخصيب اليورانيوم العقدة الأكبر بالمفاوضات السابقة والمرتقبة، فهناك تخوف غربي من أن إيران قد ترفع نسبة التخصيب بمواقع مثل فوردو القريب من مدينة قم لـ90% بدلا من 20% حاليا.

وبالنسبة إلى الغرب فإن رفع مستوى التخصيب إلى ذلك الحد يعني بالضرورة نية إيران صنع سلاح نووي. وفي هذا الإطار أيضا تحدثت صحيفة غارديان البريطانية عن "مقايضة" محتملة تتمثل في التزام طهران بسقف محدد لتخصيب اليورانيوم مقابل تخفيف العقوبات.

وكان التقرير الأخير لوكالة الطاقة الذرية الذي اشتكى من مستوى التعاون الإيراني معها, من جملة عوامل زادت مخاوف الغرب من طبيعة برنامج إيران النووي الذي تنكر طهران أي بعد عسكري له.

وفي مقابل التفاؤل الذي عكسته تصريحات لوزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو وكبير المفاوضين الإيرانيين سعيد جليلي ومسؤولة السياسة الخارجية والأمن بالاتحاد الأوروبي كاثرين أشتون قبيل لقاء إسطنبول, تظهر أيضا مسحة من التشاؤم أو التحفظ على الأقل في بعض التصريحات ومنها تصريح لمسؤول إيراني وصف موقف الغرب بالمخيب وغير المشجع قائلا إنه لا يوفر مناخا يسمح بتحقيق تقدم. 

المصدر : الجزيرة