هكذا بدأت الثورة في سوريا

سوريا...أزمة إنسانية مع استمرار القصف
undefined
 
 قبل سنة كان السوريون يراقبون ثورات الربيع العربي تندلع في بلد تلو الآخر وهم يكتمون أنفاسهم متوقعين وصول رياح التغيير إليهم، في حين كان نظام الرئيس بشار الأسد يصر على نفي إمكانية انتقال عدوى الاحتجاجات.

أحد هؤلاء الشباب من الذين تحدثوا للجزيرة نت قال إن المحاولة الأولى للتجمع أمام السفارة التونسية لم تتكلل بالنجاح، لكنهم نجحوا في التجمع أمام السفارة المصرية يومي 29 و30 يناير/ كانون الثاني، وبعدها بمنطقتي باب توما وعرنوس بدمشق.

موت سياسي

نزول المواطنين إلى الشارع كان يتم بأمر من السلطات من أجل الهتاف للرئيس الأسد الأب ومن بعده الابن، فيما عدا ذلك لا يمكن التعبير عن أي شيء آخر، وفقا لإحدى الناشطات.

ويضيف ناشط آخر "لقد فكر بعضنا بالحصول على ترخيص من وزارة الداخلية من أجل القيام باعتصام، وكانت فكرة خرافية بالنسبة لمن حاولنا الحديث إليهم في هذا الخصوص".

التخطيط للاعتصامات كان يتم على شبكة التواصل الاجتماعي (الجزيرة-أرشيف)
التخطيط للاعتصامات كان يتم على شبكة التواصل الاجتماعي (الجزيرة-أرشيف)

ويشير إلى أن المهتمين بالسياسة قبل الثورة كانوا قلائل جدا ومعدودين. حيث إن النشاط السياسي كان مقتصرا على المعارضين الذين سجنوا، بالإضافة إلى مجموعة من الشباب الذين كانوا يقومون بمجازفة.

ويوضح أن التخطيط للاعتصام كانت يأتي بعد دعوات على شبكة التواصل الاجتماعي (فيسبوك) رغم أنه كان محجوبا من قبل السلطات، وتابع "قام كل منا بدعوة أصدقائه الذين يعرفهم شخصيا ويثق بهم".

بدوره قال الصحفي إياد شربجي إنه عندما سمع بالدعوة للاعتصام اتصل بأصدقائه من صحفيين وفنانين وكتاب ودعاهم للمشاركة، في حين أن الناشطة مروى الغميان قالت للجزيرة نت إنها لم تكن تنتمي إلى أي مجموعة لها نشاط سياسي، لذلك كانت وسيلتها الوحيدة هي الإنترنت.

وتضيف أن الناس كانوا أيضا خائفين جدا، ناهيك عن عدم الثقة فيما بينهم للقيام بنشاط كهذا، وقالت "لم أجد أحدا ممن حولي لأتواصل معه من أجل الاعتصام".

السفارة المصرية
كانت السلطات قد أبدت ترحيبا بالثورة المصرية ضد الرئيس حسني مبارك، الذي لم تكن على علاقة طيبة معه، واستغل الشباب هذه النقطة أثناء جدالهم مع ضابط الأمن أمام السفارة المصرية الذي نهرهم وطلب منهم الانصراف، ثم توعدهم بأن يفلت عليهم هؤلاء "الشوايا" وكان يقصد عناصره بذلك الوصف.

لكن الشباب عادوا ليجادلوه بأن عليه عدم الإساءة لهؤلاء الرجال الذي يحمون الوطن، في محاولة لاستثارة النخوة فيهم وفقا لتعبير أحدهم، إضافة إلى التأثر بموقف الجيش في ثورتي مصر وتونس.

وتابع الناشط  "أثناء الاعتصام ركزنا على فكرة أن مبارك خائن وهذا يوافق رؤية النظام، ونحن ضده ومع الشعب المصري".

التحرك بدأ من قلب دمشق (الجزيرة-أرشيف)
التحرك بدأ من قلب دمشق (الجزيرة-أرشيف)

الحريقة وسفارة ليبيا
أن يهين شرطي مرور مواطنا سوريا أمر اعتيادي ويحدث كل يوم، لكنه عندما حدث يوم 17 فبراير/ شباط 2011 لم تمر تلك الإهانة كسابقاتها.

وكتعبير عن حالة الاحتقان تجمع بضع مئات من السوريين بمنطقة الحريقة بقلب دمشق عقب تلك الحادثة بدقائق بطريقة عفوية ودون تخطيط، وانطلق هتاف "الشعب السوري مابينذل" الذي أصبح فيما بعد من أبرز شعارات الثورة.

وبعدها بأيام كان الاعتصام أمام السفارة الليبية يوم 22 فبراير/ شباط، وانطلق لأول مرة في سماء دمشق شعار "خاين يلي بيقتل شعبو".

ويقول إياد شربجي إنهم استطاعوا الاعتصام هناك لبعض الوقت، وحملوا شموعا ولافتات تندد بالقذافي.

وطلب منهم الأمن الانصراف وجاؤوا بسيارة البلدية الخاصة بمياه المجاري لتفريقهم، الأمر الذي جعلهم يشعرون بالإهانة، ثم بدأ المعتصمون بغناء النشيد الوطني، في إشارة إلى أن سوريا كانت قضيتهم وهمهم، وانفض ذلك الاعتصام بالقوة واعتقل قرابة 12 شخصا.

بعدها انطلقت الشرارة الأولى للثورة يوم 15 مارس/ آذار، بصرخة الحرية التي أطلقتها الناشطة مروى الغميان في قلب دمشق.

المصدر : الجزيرة