أموال القرصنة تثير جدلا صوماليا
وقد انتشرت تلك الظاهرة بالصومال عام 2008 لتطرح مشكلة عالمية وضعت على المحك آلاف الأساطيل والسفن, ويقدر عدد المنضمين لنشاطات القرصنة بنحو ثلاثة آلاف شاب سنوياً، تتراوح أعمارهم بين 20-35، لهم قدرات فائقة في اختطاف السفن بعمق يصل 240-300 ميل.
وبقدر ما لهذه الظاهرة من خطورة على حياة القراصنة، إذ يُقدر عدد المسجونين بـ 1048 يتوزعون في 21 دولة وفق ما ذكر للجزيرة نت وزير الموانئ والثروة السمكية بحكومة بونتلاند سعيد راغي، إلا أنها بنفس الوقت تعتبر قوة اقتصادية تغري شباب الصومال، وتمثل علامة فارقة بتاريخ اقتصاد منطقة بونتلاند كما ذكرها الباحث برهان أحمد طاهر.
ويرى طاهر، وهو من مركز دراسات وتطوير بونتلاند، أن القراصنة يمثلون قوة اقتصادية نظراً لدخلها السنوي والذي يقدر بنحو مائة مليون دولار أميركي.
كما يشير الباحث إلى أن "القرصنة قوة مالية، لها تأثير في اقتصاد بونتلاند، وخاصة تجارة النبتة المخدرة القات" في كل من أيل وجرعد وهوبيو، بالإضافة إلى مجالات تجارية أخرى كالعقارات وقطاع المواصلات.
ويضيف "ميزانية القراصنة تفوق الموازنة العامة لحكومة بونتلاند التي تقدر بمائة بليون شلن صومالي أي ما يعادل 33 مليون دولار أميركي، وهذا دليل على أنهم معادلة صعبة في اقتصاد منطقة بونتلاند".
قصة "نجاح"
ويعتقد عبد الناصر سعيد عرالي (25 سنة) -أحد القراصنة- أن التنمية التي يشهدها إقليم بونتلاند جاءت بعد ظهور نشاط القرصنة؛ حيث أسسوا شركات معظمها تزاول نشاطاتها بقطاع المواصلات. وأضاف "الأموال التي تُتداول في السوق كلها من أموال الفدى".
ويسرد ما يقول إنها قصة نجاحه للجزيرة نت قائلا "تحصلت من سفينة MMC الدانماركية المختطفة عام 2010 قبالة سواحل عدن على 85 ألف دولار، من فدية إجمالها أربعة ملايين دولار، استفدت منها في شراء منزل، وسيارة من نوع ( Market2) وتمكنت من الزواج".
ويضيف عبد الناصر "نأسف أن تتعقبنا الحكومة، بدل أن تمنحنا النياشين والميداليات الذهبية؛ لأننا نترصد للسفن التي تنهب ثرواتنا، والمال الذي نجنيه مقابل إطلاق سراحهم هو الضرائب المفروضة على السفن الأجنبية التي تنهب خيراتنا، دون رادع قانوني يمنعها من ممارسة عمليات الصيد غير الشرعية".
شبكات عالمية
من جانبه قلل وزير الموانئ والنقل البحري ومكافحة القرصنة بالحكومة، في تصريح للجزيرة نت, من أثر القرصنة على اقتصاد بونتلاند, قائلا "شبابنا ضحايا شبكات إجرامية عالمية تنال70% من أجمالي الفدية، وما يصل إليهم ضئيل جداً مقارنة بما يتقاضاه المحامون، والوسيط، ووسائل نقل الأموال".
وينفي الوزير المهندس سعيد راغي بشدة ما تردد حول مساهمة أموال القرصنة في التنمية الاقتصادية، ويقول "القراصنة ليس لهم أي دور إيجابي في اقتصاد المنطقة حيث تصرف أموالهم في مجالات ليس لها علاقة بالتنمية مثل المخدرات وصفقة الأسلحة".
وحول جهود حكومته يقول "قامت حكومة بونتلاند بتشكيل قوة خفر السواحل بكل من بوصاصو وحافون وهوبيو وأيل وجرعد ولاسقوري" مشيرا إلى إنجازات على الأرض "منها حبس قرابة ما يقارب ثلاثمائة، حيث اختفت عن الأنظار تجمعات القراصنة بهذه القرى القريبة من المحيط الهندي والبحر الأحمر".
عبء اقتصادي
بدوره, يرى رئيس جامعة شرق الصومال البروفيسور والخبير الاقتصادي أحمد بري نشاط القراصنة ثقلا على كاهل اقتصاد بونتلاند، ويؤكد للجزيرة نت أن ظهور القرصنة بالمحيط الهندي وخليج عدن أدى إلى زيادة كلفة التأمين البحري للسفن، وزيادة أسعار البضائع المتنقلة عبر الخط التجاري, فضلا عن تسببها بتضخم يصل إلى 52% بسبب تدفق العملة الصعبة وانخفاض قيمة الشلن الصومالي أمام صرف العملات الأجنبية.
يُذكر أن مركز شاتام هاوس أصدر في يناير/ كانون الثاني الماضي دراسة تشيد بدور القرصنة في تنمية اقتصاد بونتلاند، حيث أثارت جدلاً واسعاً, بينما تلقي أخطار هذا النشاط بظلال من الشك حول مستقبل التجارة بالمنطقة.