من مكة إلى الدوحة.. مسار اتفاق

الاتفاق على تولي محمود عباس رئاسة حكومة توافق وطني فلسطينية

خالد مشعل (يمين) ومحمود عباس (يسار) التزما بتطبيق الاتفاق الموقع في الدوحة (الجزيرة)
خالد مشعل (يمين) ومحمود عباس (يسار) التزما بتطبيق الاتفاق الموقع في الدوحة (الجزيرة)

محمد العربي سلحاني

من مكة إلى الدوحة مرورا بالقاهرة، كان مسار المصالحة الفلسطينية الرامي إلى إنهاء الانقسام الداخلي الفلسطيني بين حركتي المقاومة الإسلامية (حماس) والتحرير الوطني (فتح)، حافلا بالعثرات والانتكاسات بسبب خلافات كانت تارة أيدولوجية وتارة أخرى سياسية.

فسرعان ما تحول الخلاف السياسي بين حماس وفتح عام 2006 إلى اشتباكات مسلحة دفعت بالعديد من الجهات إلى التدخل لوقفها، لكن الأمور عادت مجددا إلى التوتر والاصطدام.

اتفاق مكة
واستمرت أجواء التوتر مع دخول عام 2007، حتى بادر الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز إلى دعوة الحركتين للحوار في رحاب الأراضي المقدسة والذي توج في فبراير/شباط بما بات يعرف "باتفاق مكة".

ولم تمض أسابيع على اتفاق مكة حتى تجددت المواجهات بين مسلحي حماس وفتح والتي انتهت بسيطرة حماس على قطاع غزة، ليتحول الانقسام السياسي إلى انقسام جغرافي يوم 14 يونيو/حزيران 2007.

أما في رام الله فأعلن الرئيس محمود عباس إقالة حكومة إسماعيل هنية وتكليف سلام فياض بتشكيل حكومة جديدة، لتستمر الأمور بحكومتين واحدة في الضفة الغربية والأخرى في غزة.

اتفاق صنعاء لم يحدث أي تغيير بسبباختلاف الطرفين في تفسيره (الجزيرة-أرشيف)
اتفاق صنعاء لم يحدث أي تغيير بسبباختلاف الطرفين في تفسيره (الجزيرة-أرشيف)

محاولات أخرى
ولم تمر إلا أشهر حتى وقع رئيسا وفدي حماس وفتح على اتفاق في العاصمة اليمنية صنعاء في مارس/آذار 2008.

وحمل الاتفاق توقيع موسى أبو مرزوق نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ورئيس كتلة فتح في المجلس التشريعي عزام الأحمد.

وجاء في الإعلان أنه تم الاتفاق على اعتبار المبادرة اليمنية إطارا لاستئناف الحوار للعودة بالأوضاع الفلسطينية إلى ما كانت عليه قبل سيطرة حماس على قطاع غزة وإجراء انتخابات مبكرة، لكن الوثيقة لم تحدث أي تغيير بسبب اختلاف الطرفين في تفسيرها.

وبعد مرور قرابة ثلاثة أشهر التقى الطرفان مجددا في دكار بالسنغال واتفقا على حوار أخوي بوساطة رئيس السنغال عبد الله واد، لكن المبادرة لم تحرز أي تقدم.

وما إن وضعت الحرب الإسرائيلية على غزة أوزارها حتى تجددت الوساطة بين الحركتين لتكون هذه المرة مصرية، حيث أعدت القاهرة خلاصة أفكارها فيما بات يعرف اسم "الورقة المصرية" وطرحتها في سبتمبر/أيلول 2009.

وبينما سارعت فتح إلى التوقيع عليها رفضت حماس قائلة إنها بحاجة إلى وقت لدراستها، قبل أن تطلب إدخال تعديلات عليها، لكن السلطات المصرية رفضت الطلب مما أدى إلى تجميد الأمور من جديد لشهور طويلة.

وعاد الحراك مجددا إلى ملف المصالحة بعد لقاء جمع رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل ورئيس المخابرات المصرية عمر سليمان أواسط العام 2010، ليعقد على إثره لقاء بين الحركتين في دمشق يوم 9 نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه.

ورغم الإعلان عن جلسة جديدة أواخر ديسمبر/كانون الأول 2010، فإن اللقاء لم يعقد، وتبادلت الحركتان الاتهامات بالمسؤولية عن تعطيله.

ولم يكن البرنامج السياسي وصراع الصلاحيات المصدر الوحيد للخلاف الداخلي في هذه المرحلة، فقد واكبهما خلاف قديم جديد بشأن حق مقاومة الاحتلال.



undefinedالثورات العربية
مع اندلاع الثورات العربية عام 2011 وفشل خيار المفاوضات مع إسرائيل، ارتفعت مجددا أصوات الشبان الفلسطينيين مطالبة بإنهاء الانقسام والعودة إلى الوحدة الوطنية.

ونظمت مسيرات في الضفة الغربية والقطاع متأثرة في ذلك بموجة الاحتجاجات الشعبية في العالم العربي.

وفي مطلع مايو/أيار الماضي وقعت الفصائل الفلسطينية اتفاق المصالحة في القاهرة (وثيقة الوفاق الوطني للمصالحة وإنهاء الانقسام الفلسطيني)، تلته قمة بين عباس ومشعل أعلنا فيها بدء "شراكة فلسطينية جديدة".

إعلان الدوحة
ويأتي إعلان الدوحة الذي تم التوقيع عليه الاثنين الماضي -والذي نص على تولي الرئيس محمود عباس رئاسة حكومة انتقالية توافقية- ليتوج مسارا طويلا من المفاوضات العسيرة.

وأكد عباس التزام الأطراف المعنية بتطبيق الاتفاق خدمة لمصلحة الشعب الفلسطيني والأمة العربية، في حين قال مشعل إن الطرفين ملتزمان بتطبيق الاتفاق في أقرب وقت ممكن.

وينظر العديد من المحللين بعين التفاؤل لهذا الاتفاق لكونه يأتي في ظل متغيرات دولية أفرزها الربيع العربي، ويرون أن حظوظه في الصمود كبيرة.

المصدر : الجزيرة