القدس.. الجوهر المغيب

الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الدفاع عن القدس في الدوحة
undefined

سيد أحمد الخضر-الدوحة

 

رغم أن مدينة القدس المحتلة تمثل جوهر الصراع العربي الإسرائيلي بحكم مكانتها الدينية ورمزيتها التاريخية، فإن عوامل محلية وإقليمية أقصتها في الفترة الأخيرة من دائرة الاهتمام.

وبينما يتوجه الجهد العربي إلى دعم السلطة في رام الله والشعب المحاصر في قطاع غزة، تبقى القدس تئن تحت وطأة القوانين العنصرية، وجدران الفصل، وخطط التهويد والاستيطان.

وحسب العديد من المشاركين في مؤتمر القدس المنعقد بالدوحة، فإن المدينة فقدت زخمها الجماهيري وربما حضورها الروحي، بعد أن أدت التجاذبات السياسية بين حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح) وحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إلى تركيز الجهد السياسي والإعلامي على رام الله وغزة.

لكن تراجع مكانة القدس لا يعود للانقسام الفلسطيني فحسب، وإنما لعوامل أخرى بينها الهموم المحلية وتباين رؤى دول المنطقة حول الصراع مع إسرائيل.

سهاد قليبو:
المدينة المباركة غيبت عن الفضاء العربي منذ وفاة فيصل الحسيني قبل 10 سنوات، والمقدسيون -وهم الأقدر على الدفاع عن قضيتهم- مُنعوا من تصدر المشهد السياسي الفلسطيني

تغييب
وتقول الباحثة في تاريخ الأديان سهاد قليبو إن المدينة المباركة غيبت عن الفضاء العربي منذ وفاة فيصل الحسيني قبل 10 سنوات.

وتشير إلى أن المقدسيين -وهم الأقدر على الدفاع عن قضيتهم- مُنعوا من تصدر المشهد السياسي الفلسطيني "لصالح تيارات وحركات قبرت القضية بتحزبها"، وفق تعبيرها.

وتستبعد قليبو قدرة ثورات "الربيع العربي" على إعادة القدس إلى الواجهة ما لم يتوحد الفلسطينيون، قائلة "إن العيب فينا وليس في الجماهير العربية".

أما مدير التربية والتعليم في القدس سمير جبريل، فيخشى من موقف الجيل القادم من القضية ما دامت القدس شبه غائبة في مناهج التعليم العربية.

ويقول جبريل إن القدس -التي تخنقها المستوطنات ويعزلها الجدار العنصري عن محيطها- توارت عن الاهتمام بسبب اتفاقيات أوسلو، حيث "تركتها إلى نهاية الحل".

ويلفت جبريل إلى أن عزلة الأرض المباركة تتكرس بسبب انشغال الدول العربية بقضاياها الداخلية، وتباين رؤاها في العديد من القضايا الإقليمية، موضحا أنه قبل حرب الخليج الثانية كانت القدس على قمة اهتمامات أنظمة المنطقة، بينما الآن أصبح لكل طرف أولوياته وحتى تصوراته الخاصة حول الصراع مع إسرائيل، حسب قوله.

ولتفادي غياب القدس عن الشارع العربي بسبب الانقسام الفلسطيني والانشغالات المحلية لكل دولة، يرى جبريل أنه من الضروري تفعيل لجنة القدس الدولية، بحيث تنظم اجتماعات ولا تبقى مجرد هيئة شرفية فقط.

ويطالب مدير التربية والتعليم في القدس الإعلام العربي والإسلامي بتناول مكانة القدس التاريخية والدينية، وتسليط الضوء على سياسات التهويد والاستيطان التي تنفذها إسرائيل في المدينة، بدل التركيز على الحراك السياسي في رام الله وغزة.

 عبد السلام العبادي:
ستظل القدس قضية حية ما دام القرآن يتلى، ويجب أن يكون هناك إعلام قوي يوضح غطرسة إسرائيل ويخاطب العرب والمسلمين

إعلام قوي
ويتوقع وزير الأوقاف الأردني عبد السلام العبادي أن تظل القدس قضية حية ما دام القرآن يتلى، مشددا على ضرورة وجود إعلام قوي يوضح غطرسة إسرائيل ويخاطب العرب والمسلمين.

وحسب العبادي فإن إسرائيل تستغل انشغال الإعلام بقضايا "غير جوهرية" للتمادي في الاستيطان والتهويد.

ويقول الوزير الأردني إن وجود قرارات دولية واضحة بشأن القدس يجعلها في دائرة الضوء أكثر من محاور الصراع الأخرى، متسائلا عن تأجيلها.

ويرى مفتي القدس محمد أحمد حسين أن الحراك السياسي وراء تركيز الإعلام على ما يدور في غزة ورام الله، "ولكن القدس لا يمكن أن تغيب، ويجب أن تبقى الشغل الشاغل"، حسب تعبيره.

لكن مفتي القدس يشدد على أن المسألة أكبر من الإعلام والجمعيات والمنتديات، لأنها قضية أمة وتتطلب جهدا دوليا قبل أن يبتلع الاستيطان والتهويد المدينة المقدسة.

ويضيف حسين أن الوقت ملائم لطرح قضية القدس على المسرح الدولي بقوة، في ظل الربيع العربي الذي يخيف إسرائيل ويجعلها في سباق مع الزمن لتغيير الواقع على الأرض، لإدراكها أن نتائج الثورات ليست في صالحها، وفق تقديره.

المصدر : الجزيرة