ارتباك أردني إزاء سوريا

مسيرة مؤيدة للثورة السورية امام السفارة السورية في عمان
undefined

 

محمد النجار-عمان
 
لا يزال الموقف الرسمي الأردني يعاني من ارتباك إزاء التعامل مع تقلبات الوضع السوري، حيث لا توجد قراءة موحدة لدى مطبخ القرار السياسي أو الجهات العسكرية والأمنية، في حين تبدو غالبية الشارع الأردني منحازة للثورة السورية مع انقسام حيال التدخل الأجنبي.
 

ويبدو الموقف الحكومي ذاته غير مجمع على قراءة واحدة إزاء سوريا، فبعد تصريحات نسبت لوزير الخارجية ناصر جودة في أن الأردن يفكر بسحب سفيره من دمشق، نفى وزير الدولة لشؤون الإعلام راكان المجالي أي نية لذلك.

وقال المجالي للجزيرة نت "موضوع سحب السفير الأردني أو إغلاق السفارة في دمشق خارج التفكير" وإنه غير وارد بالنسبة للمملكة.

وأضاف "علاقاتنا بسوريا فيها تدفق حركي من كلا الجانبين، ولدينا أعداد كبيرة من الطلاب والمواطنين الأردنيين في سوريا، إضافة لتبادل تجاري واسع، كما أن سوريا هي بوابة الأردن للبنان وتركيا وأوروبا الشرقية، والأردن هو بوابة سوريا للعالم العربي".

الغالبية الساحقة من الشارع مع الثورة السورية (الجزيرة نت)
الغالبية الساحقة من الشارع مع الثورة السورية (الجزيرة نت)

وتحدث المجالي عن "تفهم" عربي لعدم التزام الأردن بالعقوبات الاقتصادية العربية التي فرضت على دمشق.

وقال أيضا "ننظر لانفجار الوضع في سوريا بقلق، لكننا مصرون على عدم التدخل لصالح طرف دون آخر".

وفي ذات الإطار يكشف مصدر رسمي رفيع –فضل عدم الإشارة له- عن أن الاتصالات السياسية بين عمان ودمشق "مقطوعة" غير أنه يتحدث عن اتصالات مستمرة على المستوى الأمني فقط.

ويلحظ مراقبون ومعارضون سوريون تغيرا في طريقة التعامل الأردني مع اللاجئين والمعارضة في الآونة الأخيرة.

وتحدث سوريون حضروا لمطار عمان قادمين من بيروت الثلاثاء الماضي عن رفض السلطات إدخالهم وإعادتهم للبنان الأربعاء.

كما تحدثت مصادر سورية للجزيرة نت عن أن الأردن بدأ يعيد اللاجئين السوريين القادمين عبر معبر نصيب القريب من درعا، وحاولت الجزيرة نت التواصل مع وزير الدولة لشؤون الإعلام للسؤال عن حقيقة هذا التغير في التعامل الأردني دون جدوى.

وكان مصدر أردني كشف للجزيرة نت نهاية الشهر الماضي أن 88 ألف سوري دخلوا الأردن منذ مارس/ آذار الماضي دون أن يسجل خروجهم من الأردن، لكن منظمات إغاثة تؤكد أن عدد اللاجئين المسجلين لديها لا يتجاوز الـ15 ألفا فقط، وأن بقية السوريين بالأردن تدبروا أمورهم بأنفسهم.

وبذات الإطار تحدثت مصادر بمعارضة سوريا عن منع الأردن معارضين سوريين من أي نشاط انطلاقا من المملكة، وأن التضييق الأبرز كان على قيادات جماعة الإخوان المسلمين السوريين المقيمين بعمان منذ ثلاثة عقود لدرجة وصلت حد اعتقال بعض الناشطين قبل الإفراج عنهم والتهديد بإبعاد آخرين.

المحلل السياسي والباحث بمركز الدراسات الإستراتيجية بالجامعة الأردنية محمد أبو رمان ذكر أن هناك مواقف غير موحدة في مطبخ القرار الأردني إزاء الوضع السوري.

وقال للجزيرة نت "الملك لا زال يرى أن النظام في سوريا لديه أوراق وأن الحديث عن قرب انهياره غير واقعي، وهو حريص على عدم توريط الأردن بأي تدخل في سوريا خاصة وأن هناك خشية حقيقية من تحول سوريا لعراق أو ليبيا جديدة لا إلى دولة ديمقراطية تعددية، وهو يؤيد خطة تنتهي بتنحي بشار مع بقاء النظام في مرحلة انتقالية".

أبو رمان: المؤسسة العسكرية تنتقد بشدة مجازر الجيش السوري لكنها قلقة من انهيار نظامه (الجزيرة نت)
أبو رمان: المؤسسة العسكرية تنتقد بشدة مجازر الجيش السوري لكنها قلقة من انهيار نظامه (الجزيرة نت)

معاد للأردن
وتابع "الدوائر الأمنية لها تاريخ طويل من العلاقة السلبية مع نظيرتها السورية، ولديها قراءة أن النظام السوري معاد للأردن، لكنها تخشى من انتقال الصراع السوري للأردن عبر اغتيالات ضد المعارضين، كما أنها متخوفة من أن سقوط نظام الأسد سيدفع بالإخوان المسلمين للحكم مما سيعطي قوة إضافية للإخوان المسلمين في الأردن".

ويشير أبو رمان إلى أن المؤسسة العسكرية تنتقد بشدة المجازر التي يرتكبها الجيش السوري لكنها بالمقابل قلقة من انهيار النظام السوري، وأن ذلك سيضر بالأردن إستراتيجيا.

وعن الموقف الحكومي، يرى أبو رمان أن حكومة عون الخصاونة  بدأت عهدها متحفظة إزاء الوضع السوري، لكنها بدأت تنتقل لإدانة القتل هناك، غير أن هناك تباينا داخل الفريق الوزاري بين من يدعو للقطع مع النظام السوري بينما يوجد وزراء بالحكومة قلوبهم مع هذا النظام.

ويرفض أبو رمان الحديث عن انقسام بالشارع إزاء الثورة السورية، وقال "الغالبية الساحقة من الشارع مع الثورة السورية، فبينما يحضر الآلاف المسيرات المؤيدة للثورة والتي خرجت في عمان والمحافظات، لا نجد أكثر من أصابع اليد الواحدة أو العشرات في أفضل الأحوال في تحركات مؤيدي نظام بشار الأسد".

وخلص بالقول إن "الانقسام هو حيال التدخل الخارجي، لكن النخبة المؤيدة للنظام السوري من اليمين الأردني وقوى اليسار تحاول تخويف صناع القرار من مآلات الوضع السوري، وموقف هؤلاء مفهوم كونهم يرون أن سقوط النظام في دمشق يعني دفن أيديولوجيا باتت آلية للسقوط لا مجرد نظام يريد شعبه إسقاطه".

المصدر : الجزيرة