أزمة مصر.. خلاف سياسي أم فقدان ثقة؟

اشتباكات محيط قصر الاتحادية
undefined

الجزيرة نت-القاهرة

بعدما اختزل المشهد السياسي المصري مؤخرا في قوتين إحداهما إسلامية والأخرى مدنية وليبرالية، بدا أن هذا التقسيم أسهم بشكل كبير في تشويه الساحة السياسية باستقطاب حاد، غذاه خطاب متوتر، لتصبح النتيجة صداما بين مؤيدي الرئيس محمد مرسي ومعارضيه عند قصر الاتحادية الرئاسي.

وبينما تتوالى الأنباء عن سقوط مئات المصابين في اشتباكات اندلعت أمس، سعت الجزيرة نت إلى تقصي السبب الحقيقي وراء الأزمة الراهنة، وجاءت الإجابة حسب العديد من المحللين وممثلي القوى السياسية بأنه يرجع في الأساس إلى غياب الثقة بين الفريقين المتخاصمين.

فالقيادي بجماعة الإخوان المسلمين محمود غزلان يؤكد عدم ثقته في قوى المعارضة، لأنهم "لا يحترمون الإرادة الشعبية ولا قواعد اللعبة الديمقراطية رغم أنهم يتشدقون بها كثيرا، والدليل أنهم أقلية ويحاولون إرغام الشعب أن يسير على هواهم".

صراع مركب
ويضيف أن هذه القوى بدورها لا تثق بقوى التيار الإسلامي وتعتقد أنها تريد فرض قيم غير التي اعتادوها طويلا.

عبد المجيد: رئيس الجمهورية أصبح رئيسا للتيارات الإسلامية فقط (الجزيرة)
عبد المجيد: رئيس الجمهورية أصبح رئيسا للتيارات الإسلامية فقط (الجزيرة)

أما الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، حسن أبو طالب فيرى أن الصراع السياسي الحالي مركب وممزوج بعدم الثقة، وناتج عن ممارسات الرئيس المصري تجاه القوى المدنية وعدم تنفيذه لوعوده بتمثيلهم في مؤسسة الرئاسة وبعدم تقديم الدستور للاستفتاء الشعبي إلا بعد التوافق عليه.

وأضاف أبو طالب أن القوى المدنية باتت تشعر أن مرسي رئيس لجماعة الإخوان المسلمين وللتيارات الإسلامية فقط، وبدورها باتت هذه القوى تنظر بارتياب إلى القوى الأخرى وترى أنها تمثل شرا مطلقا في حين يمتلكون هم الحقيقة المطلقة.

بدوره اعتبر الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية وحيد عبد المجيد أن عدم الثقة من الأسباب التي خلقت الأزمة وأدت إلى تفاقمها، مؤكدا أن السبب الرئيس في حالة عدم الثقة أن رئيس الجمهورية أصبح رئيسا للتيارات الإسلامية فقط.

ويدلل على ذلك بأنه خرج إلى أنصاره عندما احتشدوا أمام القصر الرئاسي وتحدث معهم، وعندما جاء المعارضون تجاهلهم وتعامل معهم باعتبارهم غرباء لا ينتمون للوطن.

رواسب الماضي
أما رئيس مجلس شورى الجماعة الإسلامية عصام درباله فأشار إلى أن الأزمة الحالية سببها انعدام الثقة بين القوتين "الإسلامية والمدنية" والتي أدت إلى تصاعد الصراع السياسي وتأزم المشهد، لافتا إلى أن الخلاف الأيديولوجي عزز أزمة عدم الثقة بين الأطراف المشاركة في العملية السياسية.

وعن أسباب عدم الثقة يقول إن القوى السياسية جميعها كانت محرومة من الوجود ومن المشاركة السياسية الفاعلة، وبعد سقوط "النظام الديكتاتوري" دخل الجميع المشهد بكثير من الهواجس، فالقوى المدنية لديها هواجس متعلقة برغبة التيارات الإسلامية في إقامة دولة دينية تكرس الاستبداد الديني ويطارد فيها أصحاب الرأي الحر ويرفض الآخر.

في المقابل تعتقد القوى الإسلامية أن القوى المدنية تسعى لفرض العلمانية على مصر وتسعى لسلخها عن هويتها الإسلامية، إضافة إلى هواجس أخرى تتعلق باستقواء القوى المدنية بأميركا والاتحاد الأوروبي.

وأمام هذه الهواجس يرى درباله أن وثيقة الدستور جاءت لتطمئن القوى المدنية من خلال المواد المتعلقة بالحقوق والحريات والتي ترسخ للحرية بشكل كبير.

وأضاف أن النتيجة كانت مغايرة، حيث لم تطمئن القوى المدنية، وسعت لتأجيج الشارع من أجل إسقاط الرئيس المنتخب لأنهم يرون أن الإسلاميين لا يحق لهم المشاركة في العملية السياسية لرغبتهم في إسقاط الشريعة الإسلامية من الدستور، حسب وصفه.

المصدر : الجزيرة