اشتعال معركة "نعم" و "لا" بشأن دستور مصر

جانب من مليونية تأييد مرسي السبت الماضي
undefined

عبد الرحمن سعد-القاهرة

يرى مراقبون أن المواجهة بين فريقي "نعم" و"لا" بشأن دستور مصر الجديد، والذي سيجري الاستفتاء عليه منتصف الشهر الجاري، مرشحة لمزيد من السخونة كلما اقترب الموعد، وسط تأكيدات على ضرورة الابتعاد عن الحشد الطائفي، والرؤية الأحادية، والعنف اللفظي.

وبينما دشنت الجمعية التأسيسية حملة للتعريف بالدستور استعانت فيها بقنوات التلفزيون المصري ووسائل الاتصال المباشر بالجماهير، تحركت حركة شباب 6 أبريل‏ في حملة إعلامية بعنوان "لماذا نرفض الدستور"، قالت فيها "نحن قادرون على إسقاط دستور الإخوان، ولن نرتكب الحماقة نفسها مرتين، فالامتناع عن التصويت في انتخابات الرئاسة، وإبطال الأصوات تسبب في الكارثة التي نعيشها الآن.. صوتك أمانة..إنزل وأدل بصوتك، وقل: لا".

ويقول عضو المكتب الإعلامي للحركة هاني المغازي، إن الحركة أعدت مسيرات عدة ستخرج اليوم الثلاثاء لإعلان رفضها للدستور والاستفتاء، مع استمرار اعتصامها بميدان التحرير، معتبرا أن "الجمعية التأسيسية أصبحت ساقطة بعد انسحاب القوى الليبرالية والكنيسة منها".

كما اعتبر أن الدعوة للاستفتاء دعوة للانقسام، "وما دام الشعب انقسم، فقد دخلنا في نفق مظلم"، كما قال. وتابع "سننظم حملة إعلامية ضد الاستفتاء مثلما حدث في الإعلان الدستوري، وسننشر آراء النخبة، وسنعقد مؤتمرات، وندعو الرموز لشرح خطورة تمرير الدستور بهذا الشكل، وسنفسر بنوده لعامة الناس، ونوضح البنود المختلف عليها، ونطرح بدائل لها، وسنقوم -بدورنا- بنشر تلك الأفكار والتوصيات في وسائل الإعلام لنشكل ضغطا على المسؤولين".

وأضاف "من اليوم الثلاثاء سنصعد الأمور إلى حد الدعوة لعصيان مدني، وسنزحف إلى قصر الاتحادية، وسنعتصم هناك، كما سنطالب بتشكيل لجنة تصوغ دستورا يعبر عن أطياف الشعب، وإن لم تتم الاستجابة لنا فسيرتفع سقف مطالبنا إلى الدعوة لرحيل مرسي عن الحكم".

‪مرسي تسلم مشروع الدستور الجديد ودعا الشعب ليقول كلمته‬ (الجزيرة)
‪مرسي تسلم مشروع الدستور الجديد ودعا الشعب ليقول كلمته‬ (الجزيرة)

وقد أعلن عدد من الأحزاب والحركات السياسية، الانطلاق اليوم في مسيرات إلى قصر الاتحادية، في إطار مليونية "الإنذار الأخير" لرفض الإعلان الدستوري والاستفتاء. كما أعلنت صحف خاصة احتجابها عن الصدور اليوم للسبب نفسه، إلى جانب عدد من الفضائيات الخاصة.

المخالف هدية
في مقابل ذلك، قال القيادي في حزب "الحرية والعدالة" المهندس نشأت محمد نشأت إنه يتناقش مع دوائر الجيران والعمل والنادي من حوله، ويدير نقاشات معهم على "فيسبوك" كأداة للتواصل، لإقناعهم برأيه المؤيد للدستور.

وقال للجزيرة نت "عندما أجد أحدا غير مقتنع أعتبره هدية، وأكون سعيدا بالنقاش معه، مبتعدا به عن لغة الاستقطاب، والأمور غير الحقيقية، كادعاء وجود مواد في الدستور غير موجودة أصلا".

واعتبر أن الإعلام المصري ظلم الدستور "بعدم الإنصاف في عرضه، وتحركه بأجندات خاصة ضده، تخدم معسكرات الفلول وأعداء الثورة، ممن يريدون إفساد تجربة الإسلاميين في الحكم، لأن نجاحهم ليس في مصلحتهم".

وقال أيضا "ليس معنى وجود مادة في الدستور غير قابلة للتطبيق، أو تتعارض مع مصلحة المجتمع، أنه لا يمكن تغييرها في ظل المؤسسات المنتخبة". وأشار إلى أن "الحرية والعدالة" بدأ في تنظيم حملات توعية للمواطنين بالدستور، إذ تدور نقاشات حرة حول مواده، ليس فيها دعاية بل توعية للمصريين، خاصة بعد انتفاضة السبت الماضي، بحسب تعبيره.

المغازي: سنخرج في مسيرات لرفض الاستفتاء(الجزيرة نت)
المغازي: سنخرج في مسيرات لرفض الاستفتاء(الجزيرة نت)

وكان كل من حزبي الحرية والعدالة والنور والهيئة السلفية كثفوا حملاتهم للتوعية بالدستور في سائر القرى والمدن، وبدأ أعضاؤهم في التحرك داخل التجمعات السكانية، وتنظيم حملات طرق للأبواب، لتحفيز المواطنين على التصويت بنعم للدستور، مؤكدين أنه حصيلة توافق مجتمعي استمر ستة أشهر.

ميلاد ديمقراطي
بدوره، اعتبر المحلل السياسي حسن القباني هذه الحالة من التأييد والمعارضة لمشروع الدستور صحية، وأنها تأتي في إطار ميلاد ديمقراطي جديد لبلد لم يعرف طوال 30 سنة الحراك المسبق لأي جولات للاستفتاء أو الانتخاب.

وأشار إلى أن حالة السخونة والجدل اللفظي العنيف التي تكتنف هذه الحملات المتضادة، تتواكب مع حداثة الديمقراطية في مصر بعد ثورة مجيدة، محذرا من اتجاه التيار الإسلامي إلى فكرة "الجنة والنار"، واتجاه القوى الليبرالية واليسارية إلى فكرة "الانتحار والدمار"، مما يمثل انحرافا من الفريقين عن مبادئ الثورة.

ورأى القباني أن الحالة المثالية التي كسبت أرضية شعبية خلال الأيام الماضية، هي تمرير الدستور، بعد الحملات الضخمة لمؤيدي الرئيس المصري، وهو ما سيؤدي إلى زيادة الصراع السياسي من معارضي الرئيس أو إقرار توافق وطني بعد جولات من الحوار، مؤكدا حاجة الوطن إلى هبة شعبية للبناء والعمل، وإقرار مبادئ الثورة.

وكان كل من المجلس الأعلى للقضاء، ومجلس الدولة، أعلن أمس الاثنين الموافقة على ندب قضاة للإشراف على الاستفتاء. كما أعلنت وزارة الخارجية المصرية أن الاستفتاء سيجري في خارج البلاد بدءا من يوم السبت المقبل لمدة أربعة أيام، في جميع سفارات مصر و11 قنصلية رئيسية في العالم، جري التصويت فيها خلال الانتخابات التشريعية والرئاسية الأخيرتين.

المصدر : الجزيرة