زحام قوائم واستئجار مرشحين بانتخابات الأردن

مبنى الهيئة المستقلة للانتخابات.
undefined

محمد النجار-عمان

مع بدء دوران عجلة الانتخابات البرلمانية في الأردن، يبرز حجم التنافس على القوائم الوطنية التي يتنافس مرشحوها على 27 مقعدا من أصل 150، لكن اللافت كان بروز ظاهرة "استئجار المرشحين" في العديد من القوائم.

وقبل ساعات من إغلاق باب الترشيح للانتخابات التي ستجرى في الثالث والعشرين من الشهر المقبل سجلت أربعون قائمة في الانتخابات، يتنافس فيها أكثر من 500 مرشح، في الوقت الذي يتنافس نحو 600 مرشح ومرشحة على 123 مقعدا فرديا أو على الكوتا النسائية (أي الحصة) التي خصص لها 15 مقعدا.

وبالرغم من اللون السياسي الواضح على بعض القوائم التي ترشح فيها حزبيون أو سياسيون وبرلمانيون سابقون فإن الغالبية ضمت شخصيات تدخل لأول مرة العملية الانتخابية وأخرى مغمورة، ظهر أن بعضهم ترشح مقابل مال دفع له.

ويكشف مرشحون حاليون على بعض القوائم التقتهم الجزيرة نت عن أنهم ترشحوا رغم إدراكهم بعدم وجود أي فرص لهم بالفوز، وقال أحدهم -فضل عدم ذكر اسمه- "ترتيبي المتأخر في القائمة واضح بأنني لن أفوز كون التنافس يجري على 27 مقعدا وهناك تزاحم كبير بين القوائم يظهر استحالة فوز كل قائمة بأكثر من عدد محدود جدا من المقاعد".

"مفروشة للإيجار"
وعن ما إذا كان حصل على أموال من رئيس القائمة التي ترشح معها، قال "هذا غير صحيح (..) ما حصل أن رئيس القائمة داعم رئيسي لجمعية أترأسها وقام بالتبرع لها قبيل الانتخابات، كما أن ما صرف من أموال جاء بهدف الدعاية الانتخابية".

غير أن المرشح يكشف للجزيرة نت عن أنه "يعرف رؤساء قوائم يدفعون المال لمرشحين للترشح على قوائمهم"، وأضاف "أعرف مرشحين حصلوا على المال مقابل ترشحهم في مواقع متأخرة وفرصهم مستحيلة بالفوز".

وخلال الأيام الماضية رصد مراقبون حالات عدة لمرشحين انسحبوا من قوائم وانضموا لأخرى، في مشهد ربطه البعض بمزايا أكثر حصل عليها المرشح في قائمة دون أخرى، وفسره آخرون على أنه إعادة نظر بالتحالفات الانتخابية.

وكان محلل سياسي وكاتب صحفي موال للدولة اعتبر أن بعض القوائم "مفروشة للإيجار".

وما يلفت النظر في مشهد القوائم أنه إضافة للطابع السياسي لبعضها، فإن بعضها الآخر طغى عليه الجانب القطاعي، فقد ضمت قوائم ممثلين لنقابات عمالية، في حين خصصت قائمة لذوي الاحتياجات الخاصة.

وكان لافتا أن قائمة حملت اسم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، في حين عزف سياسيون عن تشكيل قوائمهم أمام مشهد الزحام الكبير بين القوائم.

من الحملة الانتخابية بالأردن  (الجزيرة نت)
من الحملة الانتخابية بالأردن  (الجزيرة نت)

تدخلات رسمية
ويشكك مرشحون بارزون بتعهدات الحكومة وأجهزتها بعدم التدخل بالانتخابات، حيث رصد سياسيون اتصالات أجراها رسميون كبار بمرشحين أعلنوا عدم نيتهم الترشح لحثهم على إعادة النظر بقرارهم.

لكن الأخطر -برأي سياسيين- هو ما أكده مرشحون عن تدخلات رسمية بإعادة ترتيب للقوائم، وكشف عدد من المرشحين للجزيرة نت عن قيام دائرة المخابرات العامة باستدعائهم على مدى الأيام الماضية ومحاولة التأثير عليهم في تحالفاتهم الانتخابية ووجودهم في بعض القوائم.

وتحدث أحد المرشحين على إحدى القوائم عن أن تدخل المخابرات "كان ناعما"، غير أنه لم يخف اعتبار هذا التدخل لصالح قوائم على حساب أخرى مما يثير علامات استفهام -مثلما يؤكد المرشح- عن نزاهة الانتخابات المقبلة.   

وبرأي النائب السابق في البرلمان الدكتور ممدوح العبادي -الذي أعلن عدم ترشحه للانتخابات- فإن مشهد التزاحم بين القوائم على عدد محدود من المقاعد "غير صحي ولا يلبي الغاية التي من أجلها جرى التأسيس لها".

وقال للجزيرة نت "كان المأمول أن يتنافس عدد محدود من القوائم ذات البرامج السياسية، أما ما يحدث الآن فهو يفتت الأصوات بشكل سيضر بالجميع".

وبرأي الكاتب والمحلل السياسي ماهر أبو طير فإن مشهد التزاحم الكبير في القوائم الانتخابية يعكس رغبة الكثيرين في الفوز تحت اسم نائب الوطن لا نائب الدائرة المحلية، وقال للجزيرة نت "الإيجابي في هذا التزاحم أنه يخفف الضغط على المقاعد الفردية ويفتح الباب لتحالفات بين المقاعد الفردية والقوائم".

ويرى أن مرشحين لمقاعد فردية قاموا بإنشاء قوائم بهدف تخفيف الضغط عليهم واصطياد منافسين لهم عبر حثهم من خلال أطراف ثالثة على الترشح من خلالها.

وعن التدخلات الرسمية في إعادة ترتيب القوائم، قال أبو طير "سمعت من مرشحين عن تدخلات  ناعمة تجري من خلال إبداء النصح لهم بموقعهم في قوائم". وأضاف "ما أعرفه أن هناك موقفا رسميا حاسما من رفض هذه التدخلات خاصة بعد شكوى مرشحين كبار منها"، لكنه يطالب بالعمل على الحد من المال السياسي بالانتخابات كونه سيدمرها إذا ترك له العنان.

ويذهب مراقبون لاعتبار أن أي تدخلات رسمية بالانتخابات قد يدفع للتشكيك بالعملية برمتها في ظل مقاطعة المعارضة الإسلامية التي تطعن بنزاهتها سلفا، وهو ما سيكون ضارا بصورة النظام الأردني الذي تعهد بأن يكون البرلمان المقبل معبرا عن إرادة الشعب.

المصدر : الجزيرة