صعوبات ومشاكل التدوين بالجزائر

المدونون الجزائريون يواجهون الانطواء وضعف الإنترنت
undefined

يسعى المدونون الجزائريون إلى إثبات وجودهم على خريطة "الإعلام الجديد" لكن عراقيل عديدة تقف أمامهم تحول دون إيصال أصواتهم إلى أكبر عدد من المتلقين والتأسيس لحركية اجتماعية سياسية وثقافية تقود نحو التغيير.

وما تزال تجربة التدوين بالجزائر في أولى خطواتها، إذ لم تلق بعد المكانة التي تستحقها بين جمهور متصفحي الإنترنت الذي يزيد عددهم على ستة ملايين مستخدم، رغم أن المدونين شكلوا بمناسبات عديدة "قوة اجتماعية ضاغطة" على السلطة تجاوزت بأطروحاتها ومطالبها الكثير من الأحزاب التي تسمي نفسها معارضة.

وقد سمح سقف الحرية غير المحدود على صفحات الإنترنت للمدون الجزائري بالتعبير عن آماله وطموحاته، حتى أن بعض المدونات تجاوزت منطقة "المسكوت عنه" ولم يعرف المدونون الجزائريون أي مضايقات أمنية أو قضائية، حيث لم يحاكم منذ انطلاق الإعلام الجديد إلا مدون واحد برأته المحكمة من التهم المنسوبة إليه.

ويعقد نشطاء "الإعلام البديل" بالجزائر الرهان في جعل التدوين ملاذا لكل جزائري، من خلال حمل الشباب على التفاعل مع أدوات ووسائط الإعلام الجديد، وجعله فضاء للتبارز بالأفكار والمعلومات بدل التناحر بالأسلحة البيضاء والعصي بالشوارع.

ويؤكد بعض المدونين أن عمر التدوين بالجزائر يمتد إلى ثماني سنوات فقط، وأنه دخل الجزائر متأخراً بعض الشيء مقارنة ببقية الدول العربية. وتشير التقديرات إلى وجود أكثر من 15 ألف مدونة موزعة على مختلف المجالات، لكن العدد الفعلي للمدونات التي يقوم أصحابها بالكتابة فيها بصفة دورية لا يتعدى 2500 مدونة.

وأغلب تلك المدونات بالمجالات الأدبية والتقنية، وتبتعد أكثر عن المسائل والقضايا السياسية الوطنية، مما جعل التفاعل معها قليلاً جداً، لأنها لا تلامس هموم المواطن اليومية، لذلك يقتصر جمهورهم فقط على المختصين أو الأصدقاء والزملاء.

ويعيب المراقبون لحركية التدوين بالجزائر نقص التواصل والتفاعل بين المدونين الجزائريين مقارنة بجسور التواصل التي يربطونها مع نظرائهم بالدول العربية والأوروبية. ورغم المحاولات العديدة لتأسيس رابطة أو تجمع للمدونين بالجزائر، إلا أن المشروع لم ير النور بعد.

المدونون الجزائريون لا يعترفون بفكرة الاتحادات أو التجمعات التدوينية، ويفضلون تشكيل تجمعات افتراضية على شبكة الإنترنت

مشاكل وصعوبات
ويرى صاحب مدونة "الفزاعة" يوسف بعلوج أن العديد من المبادرات لتنظيم رابطة أو اتحاد للمدونين فشلت "لأن المدونين الجزائريين لا يعترفون بفكرة الاتحادات أو التجمعات التدوينية، ويفضلون تشكيل تجمعات افتراضية على شبكة الإنترنت".

ويعتبر عدم الاهتمام بتنسيق هذه المدونات ومحتواها العامل المشترك الذي يجمع الكثير منها، فأغلبها لا تجدد مواضيعها لشهور عديدة، وتحولت جدران بعضها إلى مساحة للصق الأخبار والمواضيع المنقولة من المواقع الإلكترونية المختلفة.

ويرى المدون عبد العالي شبيطة أن المدونين في سباق محموم من أجل الحصول على عدد أكبر من الزيارات والتباهي بالأرقام أمام الأقران، ولذلك تحمل كثير من المدونات أسماء وأماكن مشهورة لتحقيق أكبر قدر من الزيارات فقط،، مشيرا إلى أن أكثر المدونات لا تهتم برصد الأحداث اليومية ولا تعبر عن أفكار أصحابها "الأمر الذي أبعد الجزائريين عن التدوين المحترف".

كما يواجه المدون الجزائري النشيط العديد من الصعوبات والعراقيل، أغلبها تتعلق بالتقنية في الأساس، حيث يشتكى الجميع من "ضعف سرعة الإنترنت".

عن ذلك يقول بعلوج "خدمات الإنترنت في الجزائر سيئة جداً، وزاد الأمر سوءا تأخر منح رخصة (اتصالات) الجيل الثالث الذي يتسم بالسرعة وحرية التنقل" فاتصالات الجيل الثالث تتيح نقل الحدث ساعة وقوعه بسهولة كما تسهل عملية رفع الصور والفيديو على المدونة الأمر الذي يعطي مصداقية أكبر للخبر وللعملية التدوينية. "وهذا الأمر غائب للأسف في الجزائر".

من جانبه يحمل المدون توفيق تلمساني الفئة المثقفة ضعف حركية التدوين فهو يرى أن المثقفين البارزين يعزفون عن الانخراط في هذا الميدان على عكس نظرائهم بدول العالم الذين يملكون مدونات نشطة تساهم في شحن المواطن العادي بالرغبة في ولوج هذا العالم، مضيفا أن "الفئة المثقفة عندنا ما تزال تعيش على وقع الصدمة، وتكتفي بمتابعة ما يحدث من حولها".

ويرى الباحث بالإعلام والاتصال الدكتور نجيب بخوش أن وضع التدوين المتواضع انعكاس طبيعي لحالة الجمود السياسي والثقافي، فلا يجب تحميل المدون وحده حالة الفراغ بسوق الأفكار ومنتديات النقاش، وفق تعبيره.

المصدر : دويتشه فيله