أبعاد اختيار شردون لرئاسة وزراء الصومال

صورة تجمع الرئيس ورئيس الوزراء ورئيس البرلمان الصومالي
undefined

عبد الفتاح نور أشكر-بوصاصو

بعد تعيين عبدي فارح شردون رئيسًا لوزراء الصومال في السادس من الشهر الجاري، بدأت التكهنات تحوم من جديد حول مستقبل نجاح الحكومة المرتقبة المزمع تشكليها في الفترة المقبلة.

ويتساءل المراقبون عن أبعاد اختيار رجل الأعمال وصاحب الشركات التجارية لتولي منصب رئاسة الوزراء، الخطوة التي وصفها المراقبون بأنها سابقة سياسية هي الأولى من نوعها في البلاد، حيث كانت الحكومات المتعاقبة في الفترة الماضية تسند ملف رئاسة الوزراء إما لشخصيات تتمتع بخلفية أكاديمية أو لأخرى لها خبرة في العمل السياسي.

لكن كما يبدو فإن الرئيس حسن الشيخ محمود اختار طريقا مغايرا لما كان يسلكه أسلافه من الرؤساء، والسبب كما يقول النائب في البرلمان الصومالي عبد الله يوسف هو إيجاد كادر صومالي يشترك مع الرئيس في الرؤى والأهداف السياسية.

ويقول يوسف إن تعيين شردون يأتي ضمن مساعي الرئيس في البحث عن الكوادر الصومالية التي عاشت في الداخل طيلة فترة الصراعات القبلية، لتشارك معه في بناء الكيان المتهدم، وذلك لخبرتهم في مكامن الأزمة السياسية، وقدرتهم على السير بالدولة نحو عملية الوفاق الوطني.

‪النائب عبد الله يوسف قال إن الحكومة ستراعي التوازنات القبلية في المجتمع‬ (الجزيرة)
‪النائب عبد الله يوسف قال إن الحكومة ستراعي التوازنات القبلية في المجتمع‬ (الجزيرة)

تشكيلة وعقبات
وحول تشكيلة الحكومة التي سيعكف رئيس الوزراء المعين على إعدادها خلال الفترة المقبلة يقول النائب في البرلمان عبد الله يوسف في حديثه للجزيرة نت إنها ستكون "توافقية" تراعي التوازنات القبلية في المجتمع.

ويرى يوسف أن التشكيلة المرتقبة لن تخرج عن إطار ما اعتاد عليه الصوماليون عند أي تشكيلة لمجلس الوزراء، حيث إن العامل القبلي وإرضاء الحكومات الإقليمية المندرجة تحت مظلة الحكومة الفدرالية سيطغيان على التشكيلة المرتقبة بصورة واضحة. لكنه أوضح أن هذه العوامل المذكورة لن تكون على حساب تشكيل حكومة تكنوقراط تتولى ملفاتها شخصيات مؤهلة تتمتع بالخبرات العملية الضرورية.

بيد أن يوسف أشار إلى أن الحكومة القادمة سيعترض طريقها العديد من العقبات وأبرزها طريقة التعاطي مع ملف الحكومات الإقليمية، التي تعتبر قوة سياسية قد تقوض جهود السلام ما لم يتم إقناعها والسماح لها بالمشاركة في العملية السياسية الجارية.

وذكر يوسف أن إشكاليات المسألة الفدرالية التي انتهجتها الحكومة ستكون شوكة مؤلمة في خاصرتها، متوقعًا سخونة الأجواء السياسية في الفترة المقبلة على خلفية خلافات حول بنود المسألة الفدرالية بين المركز والأطراف.

‪شري قال إن أمام رئيس الوزراء مسؤوليات كبيرة قد لا ينجح في أدائها‬ (الجزيرة)
‪شري قال إن أمام رئيس الوزراء مسؤوليات كبيرة قد لا ينجح في أدائها‬ (الجزيرة)

حلول سحرية
أما أستاذ العلوم السياسية بجامعة شرق أفريقيا ببوصاصو ليبان أحمد شري فيقول إن أمام رئيس الوزراء الجديد الكثير من الملفات السياسية الساخنة، التي تتطلب -حسب قوله- لباقة سياسية وقدرة عالية على امتصاص غضب الأطراف السياسية.

وقال شري إن رئيس الوزراء الجديد ليس بيده حلول سحرية لحل المشكلات الصومالية بالسرعة التي يتوقعها البعض، لأن الأزمة الصومالية عميقة الجذور وأخذت منعطفات سياسية غاية في الخطورة، كما أن إيجاد حلول لمشكلاتها بحاجة إلى وقت طويل، والحكومة الجديدة أمامها فترة قصيرة قد تنتهي دون أن تعالج المشكلات الرئيسية.

وذكر شري للجزيرة نت أن أمام رئيس الوزراء الجديد مسؤوليات كبيرة، قد لا ينجح في أدائها جميعا نظرا للخبرة السياسية التي تعوزه، وعدم معرفته للمكونات السياسية للمجتمع الصومالي، وهذه مشكلة ستؤدي إلى فشل الحكومة المقبلة.

معرفة سابقة
بدوره يرى مدير مكتب مركز الشاهد للدراسات في مقديشو عبد الرحمن محمد تورياري في حديث للجزيرة نت أن أبعاد اختيار رئيس الوزراء الجديد تحكمها عوامل عديدة ومن أبرزها المعرفة السابقة بين الرئيس ورئيس حكومته، وكذلك بحكم انتمائهما لرقعة جغرافية ملتهبة، فكلاهما من مناطق جنوب الصومال.

وأشار تورياري إلى أن تشكيلة الحكومة المقبلة ستختلف عن التشكيلات السابقة، حيث إن رئيس الوزراء الجديد سيجتهد في تقليل عدد الوزارات بما لا يتعارض مع سياسة الدولة الهادفة إلى توظيف كوادر مؤهلة مع ترشيد الإنفاق الحكومي.

وأكد تورياري أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة مفصلية في السياسة الصومالية، لأن الحكومة التي ستشكل ستأخذ في الحسبان حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها، بالإضافة لكون الصومال قد خرج من عصر الحكومات الانتقالية ودخل في عصر جديد في ظل حكومة صومالية رسمية يُتوقع منها تذليل الصعاب، والسعي من أجل بناء كيان قوي خلال السنوات الأربع القادمة.

وأضاف أن "رئيس الوزراء الصومالي الجديد ليس له أي انتماء حزبي يفرض عليه اتخاد قرارات مسبقة بناءً على رغبة التنظيمات السياسية، وهذا أمر جيد لتشكيل حكومة بعيدة عن إملاءات بعض الأطراف السياسية".

المصدر : الجزيرة