لقاء عمان إحياء للدور الأردني بالمفاوضات


محمد النجار–عمان

يمثل لقاء عمان المرتقب مساء اليوم الثلاثاء بين كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات ووفد إسرائيلي إعادةَ إحياءٍ للدور الأردني في عملية السلام، في حين يتوقف مراقبون عند الأهداف التي يرجوها الأردن من هذا اللقاء.

وسبق اللقاء زيارة للملك عبد الله الثاني لرام الله وصفت بالتاريخية، قبل أن يلتقي عبد الله الثاني الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز في عمّان في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي في إطار ما كشف عنه من وساطة أردنية بين تل أبيب ورام الله لإعادة إحياء المفاوضات المتوقفة منذ أكثر من عام.

وكشفت مصادر سياسية أردنية للجزيرة نت أن الوساطة الأردنية لم تفلح بجمع مسؤولين كبار في السلطة الفلسطينية وإسرائيل، حيث كان الأردن يأمل أن يحصل على تنازلات من الطرفين تقود للقاء بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

فتور
وأظهر الطرفان الإسرائيلي والفلسطيني فتورا حيال لقاء عمّان، حيث أظهرت التصريحات التي صدرت عن الجانب الإسرائيلي عدم تفاؤله بها، في حين قلل عريقات من شأنها واعتبر أنها ليست مفاوضات.


undefined
وسبق اللقاء تصريحات للرئيس محمود عباس أكد فيها أن الفلسطينيين لن يستأنفوا المفاوضات إلا بعد وقف الاستيطان، ولوح بخيارات تصعيدية إذا فشلت اللجنة الرباعية الدولية في إعادة الإسرائيليين للمفاوضات بعد وقف الاستيطان محددا الـ26 من الشهر الجاري تاريخا نهائيا لذلك.

وفي حين حاز اللقاء انتقادات من الفصائل الفلسطينية التي نددت به، لم يحظ بقدر كبير من الاهتمام في الأردن المشغول بالخلافات السياسية بشأن الإصلاح المطلوب لاسيما وسط أجواء الأزمة المتصاعدة بين الحركة الإسلامية وأطراف في الدولة خاصة القصر الملكي وجهاز المخابرات.

الإسلاميون نددوا من جهتهم بلقاء عمان، وأعرب بيان لجماعة الإخوان المسلمين عن استهجانها البالغ له، ووجهت سؤالا للجهات الرسمية الأردنية عن "ثمن" احتضانها لهذا الاجتماع في هذا التوقيت.

ويرى المحلل السياسي ومدير مركز القدس للدراسات السياسية عريب الرنتاوي أن الأردن ينطلق من اندفاعه نحو المفاوضات من اعتباره أن عملية السلام واستمرارها وصولا لحل الدولتين "خيار إستراتيجي وأن قيام الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية هو خط الدفاع الأول عن الكيان الأردني".

وقال للجزيرة نت "الأردن هو المتضرر الأكبر من غياب المفاوضات لاسيما وأن العالم مشغول بقضايا أخرى، فأوروبا مشغولة بأزماتها، وأميركا بانتخاباتها وأزمتها الاقتصادية، وروسيا المشغولة بأزماتها الداخلية وانتخاباتها الرئاسية، وسط غياب للدور المصري، إضافة للتركي الذي قطع صلاته بإسرائيل وبات مشغولا بالملف السوري".

ويلفت الرنتاوي إلى أن الأردن قرر القيام بهذا الدور خاصة وأنه لم يكن متشجعا للخيارات الفلسطينية ومنها توجه السلطة للأمم المتحدة.

غير أنه يرى أن هذا الدور يأتي في "ربع الساعة الأخيرة حيث حدد محمود عباس الـ26 من الشهر الجاري موعدا لإعلان وفاة عملية السلام إذا لم توقف إسرائيل استيطانها وبدأت بمفاوضات تقود للدولة الموعودة".

الرنتاوي أوضح أن عمّان تريد تذكير العالم بدورها في المفاوضات وصرف النظر عن المطالبات بالإصلاح (الجزيرة)
الرنتاوي أوضح أن عمّان تريد تذكير العالم بدورها في المفاوضات وصرف النظر عن المطالبات بالإصلاح (الجزيرة)

جدوى اللقاء
وتابع الرنتاوي "لا يوجد أي توقعات بأن تفضي لقاءات عمان إلى شيء، فالفلسطينيون يشاركون من باب المجاملة للأردن أكثر من قناعتهم بجدية الإسرائيليين في الدخول بمفاوضات حقيقية، والإسرائيليون يريدون تحقيق أهداف عدة من قبول الدعوة الأردنية".

وأوضح أن الإسرائيليين يريدون ترميم علاقتهم الفاترة بالأردن وفك العزلة التي يعانونها، كما يريدون إظهار أنفسهم بمظهر الحريص على السلام بعد أن حمّلهم العالم مسؤولية فشل المفاوضات.

غير أن الرنتاوي يتساءل إن كان الأردن يريد استئنافا حقيقيا لعملية السلام أم يبحث عن تمديد المهل التي وضعها الفلسطينيون.

وأكد الرنتاوي أن عباس والسلطة الفلسطينية سينتحرون سياسيا إن قبلوا استئناف المفاوضات مع التخلي عن شروطهم التي أصروا عليها منذ عام، كما أن وضعهم سيكون صعبا إن قبلوا تمديد المهل التي حددها عباس، ثم إن الإسرائيليين غير مضطرين –حسب وصفه- لتقديم أي تنازلات للأردن، حيث يمكنهم تقديمها لحليفهم الأميركي الذي يقدم لهم الحصانة في كل المحافل.

غير أن الرنتاوي أوضح أن "أخطر ما في تفكير السياسة الأردنية أنها ترفض حتى التفكير في الخطة (ب) وهي خطة اليوم التالي لفشل المفاوضات وموت عملية السلام وتصر على استنفاد الخيار الأول حتى الدقيقة الأخيرة".

ويذهب مراقبون إلى أن أحد أهداف الأردن من إحياء عملية السلام هو التركيز على دوره في هذا المجال وتخفيف الضغوط التي يتعرض لها لتحقيق إصلاحات يراها النظام مكلفة على بنيته السياسية.

ويرى الرنتاوي أن عمان تريد تذكير العالم بدورها في هذا المجال وتوجيه النظر عن المطالبات بالإصلاح المتكررة في البلاد.

المصدر : الجزيرة