توتر بين الإسلاميين والنظام الأردني

أحمد جرار

جانب من مسيرة الحركة الإسلامية في الأردن الجمعة الماضية تطالب بالإصلاح والمحاسبة

محمد النجار-عمان

لا تزال الساحة الأردنية تعيش جدلا متصاعدا وسط التوتر الذي تعيشه العلاقة بين الحركة الإسلامية (جماعة الإخوان المسلمين وجبهة العمل الإسلامي) من جهة، والنظام ممثلا بالقصر الملكي وجهاز المخابرات من جهة أخرى، في وقت تبدو الحكومة الغائب الأكبر عن هذا السياق.

وتزخر الصحف ووسائل الإعلام بالأخبار والتحليلات التي يذهب بعضها نحو التشكيك في نوايا الحركة الإسلامية في مطالباتها بالإصلاح لدرجة دفعت بعض الكتاب للحديث عن أن الإسلاميين يبحثون مرحلة ما بعد النظام الأردني.

في حين يحذر سياسيون ومراقبون من "شيطنة" الحركة الإسلامية والتحذير من أن ما يجري من حالة "تجييش" ضد الإسلاميين في الشارع قد يستهدف الوحدة الوطنية، خاصة وأن كتابا يتحدثون عن أن بعض الأجهزة باتت تذهب نحو حشد "الشرق أردنيين" ضد الإسلاميين الذين يمثلون تاريخيا الكتلة التصويتية للأردنيين من أصل فلسطيني.

ومنذ أحداث المفرق (65 كلم شرق عمان) الجمعة قبل الماضية، التي شهدت اعتداء بالحجارة على مسيرة للحركة الإسلامية وحركات متحالفة معها قبل حرق مقرها في المدينة، عاشت البلاد حالة من التوتر في علاقة النظام بالإسلاميين.

وشهدت الجمعة الماضية مسيرة للإسلاميين شارك فيها نحو 15 ألفا، وفق بعض التقديرات، حملت شعار "طفح الكيل"، وهاجمتها وسائل إعلام رسمية وشبه رسمية وقللت من عدد المشاركين فيها.

واعتبرت وسائل الإعلام المقربة من مطبخ القرار أن ظهور المئات من شباب الإخوان في مقدمتها يسيرون بصفوف منتظمة استعراض للقوة، ووصفت الشبان "بالمليشيات العسكرية للإخوان".

الفلاحات: الحرب على الحركة الإسلامية زادت مع توجه الحكومة لقطف رؤوس الفساد
الفلاحات: الحرب على الحركة الإسلامية زادت مع توجه الحكومة لقطف رؤوس الفساد

عرقلة الإصلاح
بدورها اتهمت قيادات في جماعة الإخوان المسلمين جهاز المخابرات بقيادة خطة تهدف لإنهاء الحراك الإصلاحي خلال ثلاثة أشهر تبدأ بوضع الإسلاميين في مواجهة مع قوى اجتماعية لاسيما العشائر.

ويذهب المراقب السابق لجماعة الإخوان المسلمين سالم الفلاحات لاعتبار أن الخلاف في الأردن ليس بين الإسلاميين وقوى في النظام وإنما بين "ضمير الشارع الأردني المصر على الإصلاح الذي لا تتقدم الحركة الإسلامية عليه ولا تتأخر عنه، والنظام الذي يصر على الالتفاف على هذه المطالب".

وقال للجزيرة نت إنه "رغم حالة الكذب والتزوير التي تشنها وسائل إعلام وصحفيون جاهزون للتأجير للمدح أو الذم فإن الإسلاميين مصرون على سلمية الحراك المطالب بالإصلاح الذي لن يتوقف رغم كل محاولات جرنا إلى مربع الصدام بعد أن عانينا من البلطجة وإذكاء الفتنة بين أبناء الشعب الواحد".

وأضاف أيضا أن من حق أي حركة سياسية استعراض قوتها في إطار القانون والنظام، وذهب القيادي الإسلامي لاعتبار أن "الحرب" على الحركة الإسلامية زادت مع توجه الحكومة لقطف رؤوس الفساد.

وتابع "نقدر توجهات الحكومة في فتح ملفات الفساد، لكن بعضا من الفاسدين الذين يخافون من وصول الحبل لرقابهم تحالفوا مع قوى الشد العكسي داخل النظام لافتعال معارك بين الإسلاميين والعشائر لتخويف الرأي العام وحرف مسار الإصلاح عن مساره".

وأكد الفلاحات أن الأجهزة التي زورت الانتخابات ومارست الفساد السياسي تتحالف مع قوى الفساد من أجل وأد الحراك المطالب بالإصلاح.

عصفور: التصعيد بدأته الحركة الإسلامية لما أحدثته من قلق بتغير خطابها وأساليبها
عصفور: التصعيد بدأته الحركة الإسلامية لما أحدثته من قلق بتغير خطابها وأساليبها

الإخوان وأحداث المفرق
في المقابل يرى رئيس تحرير صحيفة الرأي -الأولى بالأردن والمصنفة بأنها شبه حكومية- مجيد عصفور أن التصعيد بدأته الحركة الإسلامية من خلال ما أحدثته من قلق لدى المجتمع بتغير خطابها وأساليبها.

وأضاف للجزيرة نت أن "أحداث المفرق وما تلاها من بيان لشباب الإخوان يهددون فيه بتكسير الأيدي وغيرها من الألفاظ الغريبة عن أدبيات الإخوان وصولا للاستعراض العسكري لشبابهم في مسيرة الجمعة الماضية يؤشر على حالة انفلات في صفوف شباب الإخوان".

كما انتقد عصفور سلوك الإسلاميين الذين قال إنهم يتعاملون حاليا مع الحكومة الأكثر انفتاحا عليهم والتي اتفقت معهم على التهدئة لإفساح المجال أمامها للسير بالخطوات الإصلاحية ومكافحة الفساد.

وتابع "عندما بدأنا نرى متهمين بالفساد أمام القضاء عاد الإخوان للشارع ومارسوا الحوار من خلاله مما وتر الأجواء من جديد".

وحذر عصفور الإخوان مما سماه "تحريك أعضائهم داخل العشائر لوضعهم في مواجهة الدولة"، داعيا إياهم للمساعدة في تحقيق الإصلاحات بدلا من البحث عن سقوط أول شهيد للإصلاح لممارسة مزيد من التصعيد مع الدولة والمجتمع.

المصدر : الجزيرة