توقعات بانفراج العمل بالحجاب بألمانيا

الجدل حول الحجاب أحذ طابعا متواصلا منذ عام 1998. الجزبرة نت

الجدل حول الحجاب شغل اهتمام الشارع الألماني منذ عام 1998

خالد شمت-برلين

دخلت قضية حظر عمل المسلمات بالحجاب في المدارس والدوائر الحكومية الألمانية منحى جديدا قد يؤذن بإيجاد حل لهذه المشكلة التي شغلت الاهتمام منذ منع ولاية بادن فورتمبرغ للمعلمة الألمانية من أصل أفغاني فريشتا لودين من التدريس في مدارسها الرسمية عام 1998 بسبب ارتدائها الحجاب.

ودعت وزيرة ألمانية وقيادية بارزة في الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض لفتح نقاش جديد حول الحجاب، يتعرض للتصورات السائدة حوله و تأثير حظره في الوظائف الرسمية على اندماج المسلمات في الحياة العامة والمجتمع.

وتزامنت هاتان الدعوتان مع استعداد المحكمة الدستورية العليا للنظر بتظلم معلمتين مسلمتين أمامها من منع ولاية شمال الراين لهما من العمل بمدارسها بسبب غطاء رأسيهما، وتوقع دراستين لباحثين قانونيين بارزين تأييد المحكمة -التي تعد أعلى مؤسسة قانونية ألمانية- لدعوى المعلمتين.

واعتبرت نائبة رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض إيدين أوغوز أن هناك حاجة لفتح نقاش جديد حول الحجاب يتعرض للهدف منه و للتحفظات الكثيرة السائدة حوله في المجتمع الألماني.

وقالت أوغوز -وهي من أصل تركي- إن لديها انطباعا بالتصاق تصورات كثيرة معظمها غير صحيح بمرتديات الحجاب، واعتبرت -في مقابلة مع صحيفة هامبورغر أبند بلات- أن ليست كل مسلمة ترتدي غطاء للرأس لديها أفكار باستخدامه في التبشير بدينها.


ترحيب إسلامي
ووجدت دعوة أوغوز ترحيبا من المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، وقال رئيس المجلس أيمن مزايك إن أغوز وضعت يدها على الجرح في قضية تتعلق بالإسلام وتحتاج إلى تناولها بقدر أكبر من الشفافية والانفتاح بدلا من التعامل معها بعجلة وعصبية مثلما جرى في الماضي.

دعوة إيدين أوغوز نائبة رئيس الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض قوبلت بترحيب من المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا، الذي اعتبر أنها وضعت يدها على الجرح في قضية تحتاج إلى تناولها بقدر أكبر من الشفافية والانفتاح

واعتبر مزايك -في حديث للجزيرة نت- أن ألمانيا لا ينبغي أن يكون فيها أي إكراه للمسلمات على لبس الحجاب، أو قوانين تعمم حظر ارتداء هذا الزي في الوظائف بالمدارس أو المؤسسات الحكومية. واعتبر أن الإكراه والحظر العام في هذه القضية يتعارضان مع مبادئ الدستور الألماني.

ووجهت وزيرة الاندماج بحكومة ولاية بادن فورتمبرغ بيلكاي أوناي دعوة مماثلة لدعوة أوغوز، وقالت في مقابلة مع صحيفة إيسلنغير تسايتونغ إن هناك رغبة داخل حكومة الولاية و الحزب الاشتراكي الديمقراطي -الذي تنتمي إليه ويشارك في هذه الحكومة- بفتح نقاش جديد حول قضية حجاب المسلمات.

ورأت أوناي -وهي ألمانية من أصل تركي- أنه إذا حظر على المسلمات مرتديات الحجاب العمل بالتدريس في المدارس الحكومية، فإن هناك تساؤلا يطرح نفسه هو "ألا يسلب هذا الحظر جزءا كبيرا من حق هؤلاء المسلمات في الاندماج؟".

وجاءت الدعوات لنقاش جديد حول الحجاب قبل نظر المحكمة الدستورية العليا في دعوى معلمة وأخصائية اجتماعية اعتبرتا أن منعهما من العمل بمدارس ولاية شمال الراين يمثل خرقا صارخا لمبدأ الحرية الشخصية المنصوص عليها في دستور البلاد، ومثلت شمال الراين واحدة من ثماني ولايات -نصف ولايات ألمانيا- شرّعت منذ عام 2004 قوانين حظرت ارتداء أي رمز ديني بمدارسها باستثناء الرموز المسيحية التي اعتبرتها من التقاليد الفلكلورية.

وانفردت ولايتا برلين وبريمن من بين هذه الولايات الثمانية بتوسيع هذا الحظر ليشمل منع جميع الموظفين من ارتداء الصلبان أو الحجاب أو القلنسوة اليهودية أثناء العمل.


تفسيرات قانونية
وتوقعت دراسة لأستاذ القانون بجامعة هومبولدت البرلينية فولفغانغ باتيس فصل المحكمة الدستورية لصالح المعلمتين المسلمتين المحجبتين أمامها، وأشارت إلى أن الأدب القانوني الألماني لا يبيح حظرا عاما لحجاب المعلمات ويؤيد الحظر بحالات استثنائية إذا تأكد باختبارات قانونية أن الحجاب يمثل تهديدا كبيرا للسلام الاجتماعي بالمدارس، ولفتت الدراسة إلى أن اعتبار الرموز المسيحية نوعا من الفلكلور لا يميزها على غيرها من الرموز الدينية أو يعفيها من الحظر.

دراسة لأستاذ القانون بجامعة هومبولدت البرلينية فولفغانغ باتيس توقعت فصل المحكمة الدستورية لصالح المعلمتين المسلمتين المحتجتين أمامها

وأيدت دراسة ثانية للقاضي الدستوري السابق أرنست بوكينفوردا ما ذهبت إليه دراسة أستاذ القانون باتيس، واعتبرت أن حياد الدولة الديني -الذي استندت إليه قوانين حظر الحجاب- يمكن فهمه كمتسع ومنفتح للجميع، مما يجعل منع معلمة من ارتداء الحجاب بالمدرسة يمثل تعديا صارخا على حريتها.

وشددت دراسة القاضي الدستوري السابق -وهو كاثوليكي متدين- على أهمية بقاء التقاليد المتسامحة تجاه الأديان الأخرى التي مثلت مصدر فخر لألمانيا وميزتها على دول أوروبية آخرى، واعتبر أن السماح لكل أصحاب الديانات من العيش وفقا لمعتقداتهم يعزز اندماجهم وولاءهم للمجتمع الألماني.

ومن جانبها، قالت وزيرة التربية بشمال الراين سيلفيا لوهرمان -المنتمية لحزب الخضر، وهي التي وصفت قانون حظر الحجاب الذي أصدرته الحكومة المسيحية السابقة في الولاية بالتمييز- إن وزارتها تنتظر حكم المحكمة الدستورية العليا في دعوى المعلمتين المسلمتين.

المصدر : الجزيرة