بوشهر يرى النور بعد تأخر سنوات

3009 (FILE) A file picture dated 21 August 2010 showing a general view of the nuclear power plant in Bushehr , southern Iran. Reports state that Iranian and Russian officials on 12 September 2011, inaugurated

مفاعل بوشهر سيبقى تحت إشراف روسيا لعام قبل أن يسلم إلى الإيرانيين بشكل كامل (الأوروبية)

فرح الزمان أبو شعير-طهران

بعد أن تأجل الافتتاح عدة مرات، افتتحت إيران اليوم الاثنين مفاعل بوشهر النووي الواقع جنوب البلاد بشكل رسمي، بحضور عدد من المسؤولين الإيرانيين والروس، لكون موسكو هي المسؤولة عن بناء المفاعل وفق عقد موقع بين البلدين.

كما حضر حفل الافتتاح كل من وزير الخارجية الإيراني علي أكبر صالحي، ووزير الطاقة الروسي سيرغي شماتكو.

وتم ربط المفاعل بشبكة الكهرباء الوطنية عبر خطين، بقدرة 400 ميغاواط بشكل مبدئي، على أن تزيد الطاقة الإنتاجية للمحطة تدريجياً، حتى تصل إلى الطاقة القصوى التي تبلغ ألف ميغاواط خلال ثلاثة أشهر، وهو ما أكده رئيس وكالة الطاقة الذرية الإيرانية فريدون عباسي في حفل الافتتاح.

وسيبقى مفاعل بوشهر تحت الإشراف الروسي لمدة عام من الآن قبل أن يسلم إلى الخبراء الإيرانيين بشكل كامل.

كما أعلنت طهران مؤخراً التخطيط لإنشاء المزيد من المفاعلات بالاستعانة بالقدرة الروسية، وهو ما ذكره وزير الطاقة الروسي سيرغي شماتكو خلال مؤتمر صحفي عقد عقب الافتتاح، حيث أعلن تشييد مفاعل جديد خلال سبع سنوات.


رئيس هيئة الطاقة الإيرانية (يسار) في مؤتمر صحفي مع وزير الطاقة الروسي بعد افتتاح المفاعل (الأوروبية) 
رئيس هيئة الطاقة الإيرانية (يسار) في مؤتمر صحفي مع وزير الطاقة الروسي بعد افتتاح المفاعل (الأوروبية) 

أسباب التأخر
وكانت طهران قد وقعت عقدا مع ألمانيا عام 1974 لتشييد مفاعل بوشهر، إلا أنها تباطأت في العمل فيه بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، بعد أن كانت قد أنهت معظم العمل في بناء الوحدة الأولى من المفاعل.

وبعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية، وتضرر المفاعل بشكل كبير إثر قصف تعرض له، وجدت إيران في روسيا البديل المناسب لبناء مفاعلها، فتم الاتفاق بين طهران وموسكو عام 1992، ليبدأ الروس عملهم بعد ثلاثة أعوام من هذا التاريخ، على أن يتم تسليم المفاعل خلال ست سنوات.

لكن بعض المشاكل اعترضت الخطة، فعللت موسكو سبب التأخير بأنه تقني ليس إلا، وجاء هذا التأكيد على لسان الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين خلال مشاركته في قمة رؤساء الدول المطلة على بحر قزوين في طهران عام 2007.

ودار حديث آخر عن عدم تسديد بعض الرسوم المالية المستحقة على إيران لروسيا، وهو ما قوبل برفض إيراني شديد، فضلاً عن تأخر وصول بعض الأجهزة الألمانية الصنع اللازمة لتشغيل المفاعل، الأمر الذي قال عنه بعض المحللين إنه يعود لأسباب سياسية، هدفها الضغط على إيران.

 بهشتي بور: الضغط الأميركي على روسيا أدى لتأخر افتتاح المفاعل
 بهشتي بور: الضغط الأميركي على روسيا أدى لتأخر افتتاح المفاعل

أهم الأسباب
وقال الباحث في مركز الدراسات السياسية الإيرانية حسن بهشتي بور إن أحد أهم أسباب التأخير يكمن في الضغط الأميركي على روسيا، مما أثر على العلاقات بينهما، حسب رأيه، فضلاً عن ضغط روسي آخر على إيران، مؤكداً قدرة روسيا على تسليم المشروع في وقت أقل من هذا.

وفي حديثه للجزيرة نت، رأى بهشتي بور أن روسيا لم تكن تستطيع الاستغناء عن هذا المشروع، لكونه أول مشروع كبير تستلمه بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، فكان فرصة لإثبات قدرتها على الإنجاز، حسب قوله.

واعتبر أن روسيا قد تعاملت مع الموضوع بطريقة سياسية، رغم أن هذا المفاعل لم يكن سبباً في فرض العقوبات على إيران، لكونهم لم يشككوا في سلمية غرضه، ولا يتم فيه أي تخصيب لليورانيوم، ولكون التخوف يأتي من امتلاك إيران لقنبلة نووية.

ومن جهة ثانية أشار بهشتي بور إلى أنه رغم عقد اتفاق بين البلدين، فإن موسكو تأخرت في تأمين الوقود النووي اللازم للمفاعل، فوصلت أول شحنة منه عام 2007، واستمر إحضار الوقود على ثماني مراحل تحت إشراف مراقبين من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، مشيراً إلى ضغط غربي وأميركي آخر.

ثمن النووي
وقد كلف هذا التأخر طهران ثمناً اقتصاديا عالياً، وكان نائب رئيس هيئة الطاقة الذرية محمد أحمديان قد عزا الأمر إلى ضرورة إحضار واستخدام أجهزة ألمانية الصنع، وتأخرها في كثير من الأحيان.

ويشار إلى أن كلفة بناء مفاعل بوشهر الكاملة -التي أعلنت مؤخرا- وصلت إلى مليار و200 مليون دولار، بعد أن كان العقد الأول الذي وقع مع ألمانيا بـ 776 مليون دولار.

محمد مرندي: افتتاح بوشهر قد يغير طريقة تعامل الغرب مع إيران
محمد مرندي: افتتاح بوشهر قد يغير طريقة تعامل الغرب مع إيران

ومقابل هذا، هناك ثمن سياسي إيجابي قد يظهر خلال محادثات إيران المستقبلية مع الغرب، وخاصة أن المحادثات السابقة لم تصل لأي نتيجة تذكر، فهو يؤمن قوة للموقف الإيراني فيما يتعلق بملفها النووي، كما قال أستاذ العلاقات والدراسات الدولية في جامعة طهران  محمد مرندي.

وأضاف مرندي للجزيرة نت أن افتتاح بوشهر "قد يغير طريقة التعامل الغربي وحتى الأميركي مع إيران، فمواقف طهران لم تنل الرضا من قبلهم في البداية، ولكن سياسة إيران دلت على استقلالية".

واستبعد أن يستمر الضغط على طهران مستقبلاً، أو فرض عقوبات أوسع، أو حتى توجيه ضربة عسكرية، مبرراً الأمر بتشتت التركيز الأميركي وحتى الغربي، الذي ظهر بداية مع بدء الأزمة المالية العالمية، وزادته الاحتجاجات في العالم العربي.

يذكر أن إيران تمتلك خمس منشآت نووية تختلف أغراضها وبعضها غير مكتمل، وأعلنت مؤخراً التخطيط لبناء المزيد من المفاعلات.

المصدر : الجزيرة