حملة حكومية ضد "يوناميد" بالسودان

R/ Nigerian peacekeeping soldiers from the United Nations-African Union Mission in Darfur (UNAMID) patrol in Osha IDP's camp in Nyla, southern Darfur March 17,2009.

قوات يوناميد أثناء دورية بمعسكر للنازحين بغرب دارفور (رويترز-أرشيف)


عماد عبد الهادي-الخرطوم

ما أن أعلن مجلس الأمن الدولي عن تمديد مهمة البعثة المشتركة بين الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في دارفور المسماة اختصارا يوناميد وتوسيع صلاحياتها لتشمل معالجة التوترات في كافة أنحاء السودان، حتى كثفت الحكومة السودانية من حملتها المتحفظة على القرار حينا والرافضة أحيانا.
 
ولم يترك حزب المؤتمر الوطني الحاكم مؤسسته التنفيذية لتجابه القرار وحدها بل دفع بكلياته نحو مجاراة خطواتها بشكل يبدو أكثر شراسة استعدادا للمواجهة كما يقول، مما دفع إلى الاعتقاد بوجود لسانين للحكومة، تعبوي ينادي بالمواجهة وآخر اتخذ جانب الدبلوماسية.
 
فبينما أكدت وزارة الخارجية موافقتها على تمديد بقاء القوات المشتركة في دارفور لعام آخر مع التحفظ على بقية بنود قرار مجلس الأمن الدولي، هدد المؤتمر الوطني باعتبار تلك القوات عدوا أجنبيا إذا أصر مجلس الأمن على تنفيذ بنود القرار.
 
فوزير الخارجية علي كرتي أكد موافقة حكومته على تمديد بقاء القوات "دون أن تختطف لتصبح مهمتها غير ما كانت عليه في دارفور"، مشيرا إلى معارضة الخرطوم لما جاء من بنود القرار الخاصة بتمديد ولاية البعثة لتشمل كافة أنحاء السودان بدلا من دارفور.

حاج ماجد سوار لم يستبعد إعادة فتح معسكرات التدريب للقتال (الجزيرة-أرشيف) 
حاج ماجد سوار لم يستبعد إعادة فتح معسكرات التدريب للقتال (الجزيرة-أرشيف) 

محاصرة
غير أن مسؤول التعبئة السياسية بالمؤتمر الوطني حاج ماجد سوار أكد أن الحكومة ستسعى لمحاصرة القرار سياسيا وشعبيا.

وأضاف أن الحكومة ستجعل -في حال إصرار مجلس الأمن على تنفيذ قراره وفرض أجندته بالقوة- الباب مفتوحا أمام السيناريوهات التي تحفظ سيادة البلاد حتى ولو دعا الأمر لفتح معسكرات التدريب على القتال.
 
وقال في كلمة له أمام ندوة خصصت لبحث آثار القرار الأممي، إن القوات المشتركة ستكون بمثابة العدو الخارجي إذا ما أصروا على تمديد ولايتها في غير دارفور.
 
لكن الخبير القانوني خلف الله الرشيد حذر من مغبة مواجهة المجتمع الدولي "خاصة وأن القرار قد جاء تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة"، داعيا إلى ترك الدبلوماسية لتلعب دورها بعيدا عن إحداث مزيد من التوتر.
 
ورأى أن مشكلة الحكومة السودانية تتمثل في عدم مناقشة الأبعاد الحقيقية لكل ما يتعلق بالبلاد من قرارات ومواقف دولية "كما حدث في نيفاشا"، داعيا إلى إتباع دبلوماسية ناعمة وعدم الدخول في مناكفة مع المجتمع الدولي.
 

خلف الله الرشيد حذر من مغبة مواجهة المجتمع الدولي (الجزيرة نت) 
خلف الله الرشيد حذر من مغبة مواجهة المجتمع الدولي (الجزيرة نت) 

مثالب
وقال الرشيد للجزيرة نت إن الحكومة "مدموغة عالميا بكثير من المثالب وبالتالي فإن مواجهة القرارات بذات السياسة التعبوية السابقة غير مفيد للسودان بعد فصل الجنوب".
 
واعتبر أن مصلحة السودان "تكمن في التصالح الداخلي ومع المجتمع الدولي الذي بيده تحريك بعض الملفات الكبير منها والصغير"، مشيرا إلى أن البلاد مقبلة على مستقبل غير واضح المعالم.
 
أما الخبير السياسي الطيب زين العابدين فلم يستبعد أن تكرر الحكومة موقفها من القوات المشتركة قبل سنوات خلت المتمثل في الرفض ثم القبول، مشيرا إلى أن التهديد بمواجهة القوات الدولية ومناهضة قرار مجلس الأمن "هو للاستهلاك المحلي".
 
وقال للجزيرة نت إن الحكومة ليست في موقف يسمح لها بمواجهة مجلس الأمن الدولي "ولأن من تعتمد عليهم كالصين وروسيا سيخذلونها كما حدث في قرارات أخرى سابقة".
 

الطيب زين العابدين: الحزب الحاكم اعتاد على الهياج ثم التنازل في هذه المواقف (الجزيرة نت)
الطيب زين العابدين: الحزب الحاكم اعتاد على الهياج ثم التنازل في هذه المواقف (الجزيرة نت)

انتهاكات
ولم يستبعد وجود انتهاكات بسبب الحرب من الطرفين كحالة طبيعية لأي مواجهات مسلحة "لكن مجلس الأمن يستهدف الحكومة لأنها يفترض أن تقوم بالحماية وليس المواجهة والملاحقة".
 
وأكد أن الحزب الحاكم "اعتاد على الهياج في مثل هذه المواقف ثم يتنازل مفسحا المجال لكل ما كان يرفضه"، موضحا أن للحكومة من المشاكل ما يستوجب عليها التحاور مع الآخر بنوع من الدبلوماسية.
 
ومن جهته قال المحلل السياسي يوسف الشنبلي إن القوات الأممية عودت الجميع على أن تفتح الباب للتدخل الأجنبي، منوها إلى أن القرار " ربما قصد به الدخول في خلاف مباشر مع الحكومة وبالتالي إصدار قرارات أخرى تسمح بالتدخل الدولي في البلاد".
 
ولم يستبعد في حديثه للجزيرة نت أن تكون حالة الشد والجذب بين السودان والمجتمع الدولي متفقا عليها بين الحزب والدبلوماسية القائمة، موضحا أن قبول القرار من رفضه "مرهون بالتعديل الوزاري القادم في البلاد".

المصدر : الجزيرة