أمراض قاتلة تزيد معاناة أطفال الصومال

ساحات مستشفى بنادر تعج بالأطفال المرضى الذين صرعهم الإسهال والحصبة

ساحات مستشفى بنادر تعج بالأطفال المرضى بالإسهال والحصبة (الجزيرة نت)

تتدهور الأوضاع الصحية في مخيمات مقديشو التي تؤوي عددا يقدر بأكثر من مائة نازح فروا من ظروف الجفاف القاسية التي تشهدها مناطق مختلفة في جنوب الصومال، حيث تنتشر بسرعة أمراض معدية تفتك بالأطفال الذين هم أكثر عرضة للأمراض بالمقارنة مع الكبار.

وتحدث المواطن بورو آدم للجزيرة نت لدى زيارتنا لمخيم العدالة للنازحين في مقديشو عن أنه فقد خمسة من أولاده الذين كانت أعمارهم تتراوح بين خمس وعشر سنوات منذ أن نزح من منطقة دينسور في محافظة باي وتوفوا بسبب مرض الإسهال والحصبة وفق كلامه، مشيرا إلى طفل آخر من أولاده ضعيف البنية يعاني من مرض الحصبة.

وقال بورو إن هناك بعض الأسر التي لديها أيضا أطفال مصابون بمرض الإسهال والحصبة، مضيفا "لم نجد من يساعدنا في إنقاذ أطفالنا من هذه الأمراض التي تقتل أطفالنا، حصلنا على بعض المساعدات من الطعام لكن المشكلة الكبيرة التي تواجهنا هنا هي الأمراض التي تصيب أطفالنا وتنتشر بسرعة وتقتلهم، نحن نحتاج إلى الدواء كما نحتاج إلى الطعام".

في حين ذكرت فاطمة الشيخ آدم التي كانت موجودة في مستشفى بنادر للجزيرة نت أنهم فروا من مشكلة الجفاف فوقعوا في مشكلة أخرى قائلة "انتشرت أمراض في مخيم وهلية الذي نعيش فيه فأصيب اثنان من أولادي الصغار بالإسهال، فساعدني البعض في نقلهما إلى مستشفى بنادر، فمات أحدهما على الفور وكان عمره ثلاث سنوات والآخر حصل على علاج غير أنه ما يزال ضعيفا ولا يتناول الطعام بشكل جيد".

رئيسة قسم الأطفال لمستشفى بنادر لولة محمود محمد (الجزيرة نت)
رئيسة قسم الأطفال لمستشفى بنادر لولة محمود محمد (الجزيرة نت)

عوامل التدهور
وساعد في تردي الوضع الصحي للأطفال اكتظاظ عدد كبير من النازحين في مساحات ضيقة مع قلة المراحيض المخصصة لهم مما يدفع البعض إلى اللجوء للممرات الضيقة بين الأكواخ لقضاء حاجتهم، ويضاف إلى ذلك تكاثر حشرات ضارة بسبب الأمطار التي تهطل في مقديشو هذه الأيام الأمر الذي يؤدي بدوره إلى انتقال عدوى الأمراض بسهولة بين الأطفال.

ومما يثير قلق النازحين أنهم لا يعرفون أين يذهبون بأطفالهم المرضى بسبب غياب مراكز طبية في أغلب المخيمات لتقديم الخدمات الصحية، والتعامل مع حالات الأطفال الذين يعانون من أمراض مختلفة أخطرها الإسهال والحصبة دون الحصول على علاج ينقذهم من هذه الأمراض القاتلة.

بينما يتمكن البعض من نقل أطفالهم المصابين بالأمراض إلى مستشفى بنادر الوحيد الذي يستقبل الحالات المرضية للأطفال سواء كانوا من سكان مقديشو أو من نازحي الجفاف الموجودين فيها، ويضيق المستشفى الآن بعدد كبير من الأطفال أغلبهم من النازحين كما أكدت للجزيرة نت رئيسة قسم الأطفال لولة محمود محمد.

وقالت لولة إن قسم الأطفال يضم حاليا 295 طفلا يعانون من أمراض مختلفة من بينها الإسهال والحصبة وأمراض الجهاز التنفسي علاوة على سوء التغذية، وأشارت إلى أنه قد يصل معدل الحالات التي يستقبلها المستشفى يوميا ثلاثمائة حالة في بعض الأحيان أكثرهم مصابون بالإسهال، مشيرة إلى أن الجوع وعدم الاهتمام بالنظافة وقلة المراحيض من العوامل المساعدة في انتشار الإسهال.

وأوضحت أن تسعين طفلا توفوا في المستشفى خلال هذا الشهر وحده، شكل أطفال النازحين النسبة الأكبر منهم، مؤكدة في الوقت نفسه أن المستشفى يتحمل عبئا كبيرا لوجود حالات من مرضى الأطفال تفوق طاقته الاستيعابية.

فحص طبي لطفل بعيادة متنقلة تابعة للهلال الأحمر القطري (الجزيرة نت)
فحص طبي لطفل بعيادة متنقلة تابعة للهلال الأحمر القطري (الجزيرة نت)

عيادات متنقلة
وحاولت بعض المنظمات العربية إقامة عيادات في مخيمات النازحين، وبهذا الخصوص أكد منسق التأهب للكوارث بالهلال الأحمر القطري إيهم إسماعيل السخلي -في حديث للجزيرة نت- أنهم أقاموا ثلاث عيادات متنقلة في ثلاثة مخيمات للنازحين في مقديشو وعيادتين متنقلتين في مخيمات بالمناطق الجنوبية في البلاد يعمل فيها كوادر طبية من أطباء وممرضين من السابعة صباحا وحتى الخامسة مساء تقريبا.

وذكر السخلي، الذي قال أيضا إنهم يديرون مراكز تغذية علاجية بمحافظة باي وشبيلي الوسطى وشبيلي السفلى، أنهم يستقبلون يوميا بعياداتهم المتنقلة بمقديشو أكثر من مائة حالة أكثرهم أطفال يعانون سوء التغذية والحصبة والالتهابات الجلدية وأمراض الجهاز التنفسي، مع أن العدد يتزايد باستمرار، مؤكدا أنه تتم معاينة الحالات المرضية للمصابين قبل توزيع الأدوية المناسبة عليهم.

كما دعا الصحة العالمية والمنظمات الدولية الأخرى إلى دعم جهود الهلال الأحمر القطري في مقديشو وخارجها من المناطق الجنوبية من جانب الاحتياجات الدوائية.

وإضافة إلى عيادات الهلال القطري، أقامت عدة منظمات عيادات متنقلة أخرى من بينها منظمة الدعوة الإسلامية وقطر الخيرية والعون المباشر والتعاون الإسلامي والساعد المحلية. غير أن الجهود التي تبذلها كل هذه المنظمات ليست كافية كونها تركز على بعض المخيمات وتقدم خدمات طبية محدودة.

المصدر : الجزيرة