جدران ثائرة ضد القذافي

جدران أحد شوارع بنغازي الرئيسية ،وهو شارع جمال عبد الناصر،والتعليق كالتالي: الكتابة على الجدران ساهمت في تأجيج الثورة على ظلم نظام القذافي ( الجزيرة نت).

الكتابة على الجدران ساهمت في تأجيج الثورة ضد نظام القذافي (الجزيرة نت)

خالد المهير-بنغازي

يخوض الليبيون منذ اندلاع الثورة في فبراير/ شباط الماضي قتالا من نوع آخر على جبهة الجدران، فقد تحولت أسوار الكتائب الأمنية وأجهزة الأمن الداخلي والخارجي ومقرات اللجان الثورية إلى وسائل إعلام شعبية تنشر من خلالها أسماء المطلوبين للعدالة والشعارات الوطنية الداعمة لصمود المدن "المحاصرة" والتنديد بأعمال النظام.

تجولت الجزيرة نت في عدة مدن شرقي ليبيا، واستعادت مع الثوار لحظات التعبير عن لحظات الغضب الأولى، وكيف صارت الجدران جزءا من ثورة الشعب على الاستبداد والطغيان والظلم.

سوق الجمعة
يأخذ المعتقل السياسي علي المنصوري الجزيرة نت إلى حديث عن الشعارات المرفوعة ضد العقيد معمر القذافي داخل منطقة سوق الجمعة في ضواحي العاصمة طرابلس، ويقول إنه شاهد عبارات تطالب بإسقاط القذافي إثر خروجه من المعتقل بعد أيام من الثورة.

متطوعون يكتبون شعارات الثورة بمدينة شحات (الجزيرة نت)
متطوعون يكتبون شعارات الثورة بمدينة شحات (الجزيرة نت)

ويضيف أنه اطلع على عبارات عفوية تنفي صفة "الجرذان" عن الشعب، مؤكدا أن أجهزة الأمن قامت بطلاء العبارات لاحقا.

ويؤكد أنه لم يكن يتوقع حينما كان يدعو إلى الخروج في مظاهرات سلمية يوم 17 فبراير/ شباط على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك أن تصل الثورة إلى حد التعبير علانية عن إسقاط القذافي في مدينته طبرق.

وقال "عندما دخلت المدينة عبر الحدود الشرقية، وجدت العبارات تغطي المدينة، كانت لحظة فارقة في حياتي" موضحا أنها تطورت مع استمرار الثورة، وأفرزت مواهب فردية وجماعية واكبت يوميات النضال.

آدم عبد الرازق أحد المتظاهرين الذين كتبوا الشعارات الأولى في شارع فلسطين بطبرق، يقول إنه كتب على حائط مزرعة قريبة من ميدان الشهداء "يسقط القذافي" و"42 عاما من الاحتلال" و"معمر اليهودي" و"عاشت ليبيا حرة" و"لا للقذافي" و"الموت لسيف الإجرام" تعبيرا عن رفضه التام لقتل أبناء بلده في بنغازي على يد الأمن والمرتزقة.

ويضيف الشاب الثائر بحديث للجزيرة نت إن الكتابات ساهمت في تأجيج الثورة على الظلم خاصة بعد قتل المتظاهرين في بنغازي.

وأشار إلى أنه ورفاقه كانوا يكتبون على الجدران، والسيارات تطلق الأبواق احتفالا بسقوط المدينة بيد الثوار يوم 19 فبراير/ شباط، حتى أن أحد المارة أهدى لهم علبة طلاء جديدة.

استمر آدم حتى اليوم في أسلوب التحريض على النظام، وتطورت الكتابة من شعارات التنديد إلى دعم صمود جبهات القتال في مصراتة والزاوية وزوارة والزنتان وطرابلس.

الصحفي أحمد القصبي:
كتابة الشعارات تعكس حجم الكبت الذي كان يعانيه الشعب الليبي طيلة فترة حكم القذافي

روح حماسية
وفي مدن البيضاء وشحات توزعت فرق تطوعية لتهذيب الدعاية الشعبية "الساخطة" من القذافي وعائلته، فإلى جوار الرسومات الساخرة من تهديدات القذافي، هناك عبارات تنادي بالوحدة الوطنية والدولة الدستورية.

أما في بنغازي، معقل الثورة، فدفعت الكتابة من هذا النوع ضريبة ذلك باغتيال أشهر رسام أغضب القذافي، وهو قيس الهلالي، يوم 19 مارس/ آذار أثناء محاولة الكتائب دخول بنغازي.

يؤكد الصحفي أحمد المقصبي خلال حديثه للجزيرة نت أن كتابة الشعارات تعكس حجم الكبت الذي كان يعانيه الشعب الليبي طيلة فترة حكم القذافي.

ويقول إن الشباب كانوا يكتبون ذلك بروح حماسية، ولا يودون ضياع لحظة واحدة من هذه الفرصة التاريخية في التعبير عن الكره لهذا النظام "الفاشي والدكتاتوري" مضيفا أن أجمل العبارات التي اطلع عليها، وما زالت راسخة في ذاكرته، هي أن "القذافي ليس مسلما، ولا ليبيا" مؤكدا أن الجدران أطاحت بصورة البطل الذي لا يُشق له غبار.

مراد قرقوم مصور شاب واكبت عدسته أحداث الثورة، يقول إن أسلوب التعبير على الحائط كان اللسان الناطق باسم شريحة الشباب، مع أنها كانت تصب في هدف واحد هو إسقاط النظام.

ويوضح في تصريح للجزيرة نت أن الكتابة العفوية أطلقت العنان للتعبير عن محاربة الفرد المستبد معمر القذافي، في ذات الوقت كانت تعكس حقيقة واقع "النظام" سابقا، وفق تعبيره.

يُشار إلى أن القذافي دعا شعبه يوما ما إلى الكتابة على الحوائط -في إشارة إلى إطلاق الحريات- لكن شعارات الثورة المطالبة بإسقاطه ومحاسبته لم تكن في حسبانه.

المصدر : الجزيرة