قطارات الصين بين السرعة والسلامة

عزت شحرور-بكين

تمكنت فرق الإنقاذ الصينية من العثور على طفلة لا يتجاوز عمرها عامين لا تزال على قيد الحياة, وذلك بعد انقضاء أكثر من عشرين ساعة على الحادث المأساوي لاصطدام قطار سريع بآخر متوقف وعلى متنهما ما يزيد عن 1600 راكب.

وقد أسفر الحادث عن مقتل 38 شخصاً -بينهم أجانب- وإصابة نحو مائتي شخص بجروح مختلفة.

وقد عثر على الطفلة في العربة الأخيرة من القطار دون أن تصاب بأية جروح، ونقلت وسائل إعلام محلية عن أحد رجال فرق الإنقاذ "أن الطفلة لم تكن تبكي وكانت لا تزال قادرة على تحريك يديها"، بينما أكد عم الطفلة أنها كانت برفقة والديها وأنه لا يعلم مصيرهما بعد.

يذكر أن الحادث وقع مساء السبت على جسر قرب مدينة ونجو في مقاطعة جي جيانغ شرق الصين، عندما اصطدم القطار "دي 301" السريع المتجه من شنغهاي إلى بكين بمؤخرة القطار "دي 3115" المتجه من مدينة خانغو إلى ونجو والذي اضطر للتوقف جراء عطل طارئ في وحدة الطاقة بسبب البرق والعواصف أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتوقف القطار على الجسر.

وقد أدت قوة الاصطدام إلى سقوط أربع عربات من فوق الجسر الذي يبلغ ارتفاعه 15م وخروج عربتين عن خط السكة الحديدية.

وكان الرئيس الصيني خو جينتاو ورئيس حكومته ون جياباو قد طالبا ببذل أقصى الجهود لإنقاذ الركاب، بينما توجه نائب رئيس الوزراء تشانغ دي جيانغ إلى موقع الحادث لمتابعة عمليات الإغاثة والاطلاع على التحقيقات.

" عثر على الطفلة في العربة الأخيرة من القطار دون أن تصاب بأية جروح، ونقلت وسائل إعلام محلية عن أحد رجال فرق الإنقاذ أن الطفلة لم تكن تبكي وكانت لا تزال قادرة على تحريك يديها، بينما أكد عم الطفلة أنها كانت برفقة والديها وأنه لا يعلم مصيرهما "

فصل مسؤولين
وتم الإعلان عن فصل ثلاثة مسؤولين كبار في وزارة السكك الحديدية وإحالتهم إلى التحقيق، بينهم مدير مكتب شنغهاي للسكك الحديدية ومساعده وكذلك سكرتير الحزب, بينما قدم المتحدث باسم وزارة السكك الحديدية وانغ يونغ بينغ تعازيه لأسر الضحايا واعتذاره للمصابين، مؤكداً أن الحادث سيكون درساً لوزارته ومتعهداً باتخاذ كافة الإجراءات للحيلولة دون تكراره.

وذكرت مصادر الوزارة أنه عُثر على "الصندوق الأسود " الخاص بالقطار دي 301 الذي من شأنه أن يكشف تفاصيل إضافية عن ملابسات الحادث، ووعدت الوزارة بالإعلان عنها للرأي العام في أقرب وقت.

كما تم الإعلان فجر اليوم الاثنين عن استئناف الرحلات على الطريق بعد إصلاح الأعطال والأضرار التي لحقت بالسكة الحديدية وأدت إلى توقف 58 رحلة.

ويعتبر الحادث هو الأسوأ منذ عام 2008 عندما أدى تصادم قطارين في إقليم شاندونغ شرق الصين إلى مقتل 45 شخصاً وإصابة زهاء 250 بجروح.

يذكر أن الحكومة الصينية أقرت خطة طموحة لتطوير وتوسيع شبكة السكك الحديدية لتكون الأطول في العالم بعد الولايات المتحدة.

كما دأبت على تطوير القطارات السريعة, ودشنت بداية الشهر الجاري بمناسبة الذكرى التسعين لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني خط قطار بكين-شنغهاي الذي يعتبر من أسرع قطارات العالم ويمتد على مسافة 1300 كلم وبلغت تكلفته أكثر من 34 مليار دولار, لكن القطار سرعان ما تعرض لأعطال متكررة بعد أيام قليلة على افتتاحه.

ويرى مراقبون أن الحادث الحالي لا بد أن يؤدي إلى اهتزاز ثقة المواطن الصيني بشبكة قطاراته ويطرح العديد من الأسئلة وعلامات الاستفهام حول الجدوى من استثمار مليارات الدولارات في بناء شبكات السكك الحديدية وزيادة سرعة القطارات في الوقت الذي يتم فيه تجاهل إجراءات السلامة.

وذكر أستاذ في جامعة بكين للمواصلات للجزيرة نت "أن الحادث أظهر بوضوح حجم الخلل الكبير لدى مؤسسة السكك الحديدية الصينية في التعامل مع الأحوال الجوية والمناخية الطارئة، سواء من الناحية الفنية والتقنية أو الإدارية".

وأضاف أنه لا يتفق مع التوجهات الحالية للحكومة ووزارة السكك الحديدية بتطوير القطارات السريعة نظراً لتكاليفها الباهظة وخطورتها, فهدف الخطوط الحديدية في الأساس خدمة التنمية الاقتصادية وليس تسريع القطارات من أجل تسريع التنمية, وفق رأيه.