برلمان ألمانيا يقر التخلي عن النووي

خالد شمت-برلين

صدّق البرلمان الألماني (البوندستاغ) اليوم الخميس على مشروع قرار طرحته حكومة المستشارة أنجيلا ميركل يعدل قانون استخدام الطاقة النووية وإغلاق كل مفاعلات البلاد النووية، والتحول إلى مصادر الطاقة البيئية والمتجددة بحلول 2022.

وصوت على مشروع القرار 513 من نواب الائتلاف الحكومي المكون من الحزب المسيحي الديمقراطي والمسيحي الاجتماعي البافاري الديمقراطي الحر وحزبي الاشتراكي الديمقراطي والخضر المعارضين، وعارضه 79 نائبا معظمهم من حزب اليسار المعارض، فيما امتنع ثمانية نواب عن التصويت.

ووفقا لمشروع القرار ستغلق ثمانية مفاعلات فورا ونهائيا، في حين تغلق تسعة مفاعلات متبقية تدريجيا، على أن يغلق آخرها في 2022.

شبح فوكوشيما
وبالتصويت على مشروع القرار تصبح ألمانيا أول دولة صناعية كبرى تتخلى عن الطاقة النووية.

وجاء التحول بسبب اتساع نطاق المعارضين للطاقة النووية عقب كارثة مفاعل فوكوشيما الياباني منتصف مارس/آذار الماضي.


تظاهرة في ألمانيا للمطالبة بإغلاق المفاعلات النووية (الجزيرة نت)تظاهرة في ألمانيا للمطالبة بإغلاق المفاعلات النووية (الجزيرة نت)
تظاهرة في ألمانيا للمطالبة بإغلاق المفاعلات النووية (الجزيرة نت)تظاهرة في ألمانيا للمطالبة بإغلاق المفاعلات النووية (الجزيرة نت)

وألغى البرلمان بقراره قرارا سابقا أصدره الخريف الماضي مدد العمر الافتراضي للمفاعلات الألمانية لـ14 عاما.

ويتوقع أن يسري القرار بعد اعتماده في 8 يوليو/تموز في مجلس الولايات (بوندسرات) الذي يعد الجهة التشريعية الثانية في ألمانيا.

كما صدق البوندستاغ في جلسته على سبعة قوانين للبدء في استخدام الطاقة المتجددة والبيئية، وخفض معدلات الفاقد في استخدامات المواطنين والمؤسسات للطاقة.

وقال وزير البيئة نوربرت روتغن إن "قرار إغلاق المفاعلات النووية يمثل ثورة جديدة، وهو يوم سعيد أنهى 30 عاما من الجدل.. وجعل ألمانيا قدوة للدول الأخرى"، وذكر بأن بلاده باتت الدولة الصناعية الأولى والوحيدة التي تتطلع عمليا إلى مصادر الطاقة البيئية والمتجددة.

واعتبر زعيم الحزب الاشتراكي الديمقراطي زاغمار غابريل أن  قرار إغلاق المفاعلات محصلة لدعوة حزبه وحزب الخضر قبل عشر سنوات لبدء التحول في مجال الطاقة.

ووصف التوجه الجديد بـ"ووترلو أوروبية جديدة في مجال الطاقة"، في إشارة إلي معركة ووترلو الشهيرة التي انتهت بهزيمة نابليون بونابرت في 1815 على يد عدد من الجيوش الأوروبية المتحالفة.

انتقاد ميركل
وقال رئيس الحزب الاشتراكي إن حزبه وافق على قرار إغلاق المفاعلات لأنه وحزب الخضر كانا أصحاب الفكرة، فـ"حكومة الحزبين المسيحي الديمقراطي والديمقراطي الحر لم تغير موقفها المؤيد للطاقة النووية عن قناعة، وإنما بسبب الرغبة في البقاء في السلطة بأي ثمن".

تظاهرة المعارضين للمقاعلات النووية (الجزيرة نت)
تظاهرة المعارضين للمقاعلات النووية (الجزيرة نت)

وأضاف "أهدت المستشارة ميركل ووزير بيئتها روتغن قبل نصف عام فقط شركات ولوبيات الطاقة النووية هدية ثمينة بتمديدهما عمل المفاعلات النووية لـ14 عاما إضافية".

ودعا غابريل المستشارة ميركل إلى حل حكومتها ومنح البلاد بداية جديدة بالدعوة لانتخابات عامة جديدة.

من جهتها قالت رئيسة هيئة حزب الخضر المعارض ريناتا كونست إنها فخورة بقرار إغلاق المفاعلات لأن حزبها أول من دعا إليه، ووصفته بنصر لحركات معارضة الطاقة النووية، واعتبرت أن رفع معدل اعتماد ألمانيا على الطاقة البيئية والمتجددة إلى 35% لا يكفي.

معارضة اليسار
وكان حزب اليسار المعارض الوحيد الذي رفض الموافقة على قرار إغلاق المفاعلات النووية بحلول 2022.

واعتبر رئيس الحزب غريغور غيزي أن القرار غير صادق ويترك الباب مواربا أمام الحكومة لاستئناف العمل بالطاقة النووية، وطالب بإغلاق شركات الطاقة العملاقة وبتحويل مسؤولية الإمداد بالطاقة إلى الإدارات المحلية في الولايات، ودعا إلى رقابة مشددة على أسعار الطاقة.

من جانبها اعتبرت رئيسة قسم الطاقة في معهد الاقتصاد الألماني البروفسور كلاوديا كيمفرت أن إغلاق المفاعلات النووية يفتح أمام الاقتصاد فرصا واسعة، إذ يزيد تدفق الاستثمارات ويخلق فرص عمل إضافية.

وتوقعت في تصريح للجزيرة نت ارتفاع أسعار الطاقة في ألمانيا بنسبة بسيطة في المنظور القريب، على أن تنخفض بعد ذلك بنسبة أكبر.

وقالت إن الاستثمارات الخاصة في مجالات الطاقة المتجددة ستكون بالمليارات، وسيكون لها مردودها الإيجابي الجم على الاقتصاد والتقنية الألمانيين.

المصدر : الجزيرة