واشنطن وأمن المحيط الهادئ

US Secretary of Defense Robert Gates is pictured on the bridge deck of the USS Missouri battleship during his visit to Hawaii, May 31, 2011
غيتس يتحدث إلى الصحفيين على متن السفينة الحربية ميزوري (الفرنسية)

يشارك وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس في القمة السنوية العاشرة للأمن الآسيوي التي ستعقد في سنغافورة، في إشارة تؤكد الاهتمام الأميركي المستمر بمنطقة المحيط الهادئ، التي تعتبرها الولايات المتحدة منطقة إستراتيجية، يعود في جذوره إلى القرن الـ19.

 
وقبيل مغادرته جزر هاواي متوجها إلى سنغافورة الأربعاء الماضي، كان غيتس -الذي يقوم بأخر جولة خارجية له قبل مغادرته منصبه- واضحا في تصريحاته بأن بلاده تعتبر نفسها دولة بالمحيط الهادئ وبالتالي فالتزامها بأمن وسلامة هذا الحوض الدولي راسخ لا يتبدل.
 
وفي معرض قراءته لتصريحات غيتس وإستراتيجية واشنطن العامة بالمحيط الهادي، أوضح معهد ستراتفور الأميركي للدراسات الاستخباراتية أن تلك التصريحات كانت أكثر من مجرد تطمين لحلفاء الولايات المتحدة بالمنطقة.
 
التزام إستراتيجي
وشدد التقرير على أن وزير الدفاع المنصرف كان يعكس الالتزامات الإستراتيجية التاريخية للولايات المتحدة بالمنطقة باعتبارها قوة اقتصادية ترتبط بعلاقات وثيقة مع ثاني وثالث أكبر اقتصاديات العالم الموجودة بالحوض الهادئ مثل الصين واليابان وكوريا الجنوبية.

 
كما يلفت التقرير إن الولايات المتحدة أعادت ترتيب إستراتيجيتها عبر التركيز الأمني على المياه الشرق آسيوية في استكمال واضح للأهمية القصوى والأساسية التي تمثلها هذه المنطقة بالنسبة للأمن الجيوسياسي الأميركي منذ الحرب العالمية الثانية وحتى الآن مرورا بالحرب الباردة.
 
غيتس يلتقي نظيره الياباني بطوكيو اليوم الجمعة (رويترز)
غيتس يلتقي نظيره الياباني بطوكيو اليوم الجمعة (رويترز)

ويؤكد ستراتفور أن المعنى الأهم في تصريحات غيتس في جزر هاواي الثلاثاء الماضي أنها جاءت من على متن السفينة الحربية ميزوري، وهي آخر سفينة حربية بناها الأميركيون وتحولت إلى متحف بميناء بيرل هاربر بعد أن شاركت في قصف الجزر اليابانية خلال الحرب العالمية الثانية.

 
ويعود التقرير خمسين عاما إلى الوراء قبل دخول السفينة ميزوري إلى الخدمة الفعلية، مستذكرا الخطط التي وضعتها الولايات المتحدة في حينه لاحتواء الخطر الياباني، وما ترافق مع ذلك من جدل سياسي وعسكري حول جدوى وإمكانية الموانئ في جزيرة غوام والفلبين على الصمود أمام أي هجوم بحري ياباني محتمل.
 
تغير الأعداء
أما الآن وقد تغير الأعداء لكن مع بقاء المحيط الهادئ فضاء إستراتيجيا هاما، يعود غيتس إلى المنطقة معبرا عن العودة الأميركية للمنطقة التي أهملتها واشنطن منذ أحداث 11 من سبتمبر/ أيلول 2001 لحساب مناطق مثل العراق وأفغانستان.
 
وتأتي هذه الزيارة في ضوء متغيرات عديدة أهمها -يقول ستراتفور- قيام كوريا الشمالية بتجربة نووية محدودة قبل عامين، وتنامي القدرات العسكرية الصينية بما فيها الصواريخ البالستية المضادة للسفن وحاملات الطائرات القادرة على إصابة أهدافها من على بعد آلاف الكيلومترات.

 
يضاف إلى ذلك أن الوضع المعقد والمضطرب للقاعدة الأميركية بجزيرة أوكيناوا اليابانية أعاد الجدل حول الوجود الأمني الإستراتيجي لواشنطن بالمنطقة، في وقت وصل الاستياء الكوري الشمالي من تجاهل واشنطن للخطر الصيني إلى أعلى درجاته.
 
التاريخ والجغرافيا
ويلفت التقرير الانتباه إلى أن زيارة غيتس لا تعتبر أيضا أمرا طارئا أو تحولا مفاجئا لأن هذه المنطقة تحتل موقعا إستراتيجيا لدى واشنطن منذ القرن الـ19.
 
ويذكر التاريخ جيدا أن الأميركيين هم من أجبروا الإسبان على التخلي عن جزيرة غوان والفلبين بعد الحرب الإسبانية الأميركية بالمنطقة، وسيطروا على هاواي وضموها إلى أراضيهم.
 
وتعتبر منطقة الحوض الهادئ أو الباسيفيكي -يخلص ستراتفور إلى القول-فضاء اقتصاديا شديد الأهمية بالنسبة للولايات المتحدة نظرا لطبيعة العلاقات الاقتصادية الكبيرة والمميزة مع دول المنطقة، فضلا عن وجودها وتحالفاتها العسكرية الممتدة من أستراليا إلى اليابان.
المصدر : الجزيرة