خيارت ألمانيا بعد إغلاق مفاعلاتها

REUTERS/General view of the turbine and generator hall at the nuclear power plant Kruemmel near Geesthacht about 30 km (20 miles) south-east of Hamburg

ألمانيا ستغلق جميع المفاعلات النووية بالبلاد بحلول العام 2022 (رويترز)

تُطرح أمام ألمانيا خيارات متعددة لتغطية النقص الحاصل في إنتاج الطاقة الكهربائية بعد إقدامها على إغلاق سبعة مفاعلات نووية، ويبقى أهم الخيارات خط أنابيب نقل الغاز الروسي إلى ألمانيا الذي تعول عليه برلين لتعويض النقص الحاصل في إنتاج الكهرباء.

هذه الخيارات جاءت في تقرير للمحلل بيتر زهاين نشرها معهد ستراتفور الأميركي للدراسات الاستخباراتية عالجت خبر إعلان الحكومة الألمانية في 30 مايو/ أيار الماضي إغلاق سبعة مفاعلات نووية بعد كارثة مفاعل فوكوشيما الياباني وتأكيدها عدم إعادة تشغيل هذه المفاعلات. مستقبلا.

ويعد هذا الإعلان جزءا من خطة ألمانية تهدف إلى إغلاق جميع المفاعلات النووية بالبلاد بحلول العام 2022 رغم أن ألمانيا تعتمد بشكل كبير على هذه المفاعلات التي تنتج حوالي ثلث ما يستهلكه الألمان من الطاقة الكهربائية.

ومع اقترب الموعد النهائي لإغلاق المفاعلات، تطرح أربعة حلول للتعامل مع الوضعية الجديدة التي ستنعكس على الاقتصاد الألماني ودول المنطقة.

فقد قال المحلل إن الخطة المقترحة تقضي بتعويض الطاقة النووية بالطاقة البديلة، ولسوء الحظ فإن تكلفة هذا الاختيار ليست بالرخيصة.

ويشير زهاين إلى أن تكلفة الطاقة النووية أقل بعشرين مرة من تكلفة الطاقة الشمسية وبالتالي فتعويض ثلث المحطات النووية بأخرى متجددة خلال عشرة سنوات لن يكون مجديا مما يدفع ألمانيا للنظر في الخيارات الثلاثة المتبقية.

ويبدو الفرنسيون -على عكس الألمان- متحمسين لخيار الطاقة النووية، وضمن هذا الإطار تعمل باريس حاليا لبناء أكبر عدد من المفاعلات النووية حتى يتسنى لها تصدير الكهرباء إلى جارتها ألمانيا.

كارثة مفاعل فوكوشيما أثارت المخاوف بشأن المفاعلات النووية (الفرنسية-أرشيف)
كارثة مفاعل فوكوشيما أثارت المخاوف بشأن المفاعلات النووية (الفرنسية-أرشيف)

إغلاق المفاعلات
وعلى خلفية إغلاق ألمانيا لمفاعلاتها السبعة بعد كارثة فوكوشيما، ارتفعت الطاقة الإنتاجية للمفاعلات الفرنسية إلى أقصى حدودها لتستجيب للطلب الألماني من الطاقة الكهربائية. ما يعني دخول فرنسا معترك السباق الحقيقي لتغطية العجز الألماني.

وتأتي بولندا كثاني دولة تهتم بالموضوع، وهي التي تقع بين كماشة قوتين اقتصاديتين عالميتين هما روسيا وألمانيا، وهو ما يمثل تحديا لهذه الدولة التي يتحتم عليها إيجاد موطئ قدم بين العملاقين اقتصاديا وسكانيا.

ويسجل لحساب بولندا توفرها على احتياطات ضخمة من الفحم الذي تناقص إنتاجه تدريجيا في أوروبا، خلال العشرين سنة الماضية.

ولهذا تعتمد بولندا بنسبة 90% على الفحم في إنتاج الطاقة الكهربائية، وعلى عكس المفاعل النووي الذي يتطلب إنشاؤه مليارات الدولارات، ومدة زمنية تترواح بين خمس وعشرة سنوات، يمكن إنشاء مصنع للفحم في غضون سنة أو سنتين بتكلفة أقل.

ومن هذا المنطلق يمكن لبولندا أن تكون الدولة التي تنقذ ألمانيا وتزودها بما تحتاج من الطاقة بالاعتماد على ما تتوفر عليه من فحم على المدى القصير وبتكلفة رخيصة.

بدروها، تعد روسيا لاعبا فاعلا في مجال الطاقة، وقد عملت مع ألمانيا لتأمين شراكة طاقية تمتد لمدة عقود. ويمكن لمثل هذه الشراكة -يقول المحلل- أن تحل لروسيا مشاكل ديمغرافية، اقتصادية وعسكرية.

الرئيس الروسي ديمتري ميدفيدف إلى جانب أنبوب الغاز
الرئيس الروسي ديمتري ميدفيدف إلى جانب أنبوب الغاز "السيل الشمالي" (الفرنسية-أرشيف)

السيل الشمالي
في المقابل، تتوقع الورقة أن تلغي الشراكة الروسية الألمانية البدائل الأخرى المطروحة لألمانيا وستجعل أوروبا ككل تقف موقف المحايد حيث سيكون حينها من الصعب على الولايات المتحدة الأميركية طرح أي نوع من السياسات المناهضة لروسيا في الفضاء الأوروبي، كما لن يكون هناك من يتحمس لذلك.

وتريد واشنطن من برلين أن تتبنى موقفا على الأقل حياديا في علاقتها مع موسكو، خاصة وأن التورط الأميركي في عدد من بلدان العالم الإسلامي (العراق، أفغانستان) يجعل الأميركيين أقل قدرة على مواجهة الروس في كل مناطق العالم بحسب المحلل.

وترى روسيا في ألمانيا شريكا اقتصاديا بامتياز خاصة وأن الأخيرة تعد أكبر مستثمر أجبني في روسيا. ومن ثم فإن الروس يدركون أنهم إذا نجحوا في الارتباط الاقتصادي المتين بالألمان فإن ذلك سيمثل لهم فتح باب جديد على العالم.

ويعد خط أنابيب "السيل الشمالي " الذي يمر عبر كل الدول المتواجدة بين روسيا وألمانيا أهم المشاريع المنجزة بين البلدين والتي تمثل لشراكة إستراتيجية بينها.

وسبيدأ هذا الأنبوب  العمل العام القادم ليصل بشكل تدريجي إلى طاقته القصوى وهي 55 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا ما سيعوض نصف حاجيات ألمانيا الحالية من الطاقة الكهربائية التي تنتجها المفاعلات النووية.

المصدر : الجزيرة