الفساد لتصفية الخصوم بموريتانيا

صورة من أوتوما سوماري رئيس حزب الطلائع في نشاط سابق

أوتوما سوماري رئيس حزب الطلائع يتهم الحكومة بفصله بسبب مواقفه السياسية (الجزيرة نت)

أمين محمد-نواكشوط

أعاد اعتقال المديرين السابقين لشركة الإيراد والتصدير (سونمكس) التابعة للدولة والمسؤولة عن استيراد وتوزيع المواد الغذائية محفوظ ولد آكاط والقيادي المعارض مولاي العربي ولد مولاي محمد، الجدل من جديد حول استغلال النظام حربه المعلنة على الفساد لتصفية خصومه السياسيين.

ومما زاد في الجدل أن أحد المعتقلين وهو مولاي العربي يشغل وظيفة نائب رئيس حزب الطلائع، وهو حزب حديث النشأة عضو في منسقية المعارضة التي تتألف من عدد من الأحزاب والقوى التي ناهضت الانقلاب، ثم استمرت في معارضة نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز بعد الانتخابات.

وبعد اعتقال مولاي العربي تم فصل رئيس الحزب نفسه، جراح الأعصاب أوتوما سوماري من عمله في المستشفى العسكري بسبب ما قال الحزب إنه مواقفه السياسية المناهضة للنظام، في حين أعاده مصدر في إدارة المستشفى إلى عدم تقيده بالنظم، ومجاهرته بمواقفه السياسية أثناء العمل.

وتقول أحزاب المعارضة إن كل تلك الإجراءات تؤكد أن النظام يستغل ما يسميه بالحرب على الفساد لإنهاك وتصفية خصومه السياسيين، وطالبت في بيانات عدة بالإفراج الفوري عن ولد مولاي العربي.

واعتبر رئيس حزبه سوماري أن اعتقال ولد مولاي جاء على خلفية مناهضته لانقلاب ولد عبد العزيز، ومعارضته المستمرة لنظامه.

وقال النائب البرلماني يعقوب ولد امين الذي حقق في القضية التي يتابع فيها الرجل إن كل أجهزة التفتيش المحلية فشلت في توريط ولد مولاي محمد، مما دعا السلطات إلى استجلاب مكتب خبرة فرنسي لإلصاق تهم واهية بالرجل المشهور بـ"النزاهة والأمانة".


ولد حرمة: لم تشهد فترة حربا لا هوادة فيها على الفساد مثل ما يجري حاليا (الجزيرة نت)
ولد حرمة: لم تشهد فترة حربا لا هوادة فيها على الفساد مثل ما يجري حاليا (الجزيرة نت)

الاتهامات
ويتهم القضاء مولاي العربي وزميله محفوظ ولد آكاط بخيانة الأمانة والتحايل، ويقول الادعاء العام في بيان له إن هناك أدلة على ارتكابهما وقائع مجرمة خلال فترة مأموريتهما.

ومن بين هذه الإثباتات -حسب البيان- شراء مواد غذائية بأسعار تتجاوز أسعار السوق العالمية بكثير، واشتراط جهات محددة للشراء دون غيرها بلا مبررات لذلك، وقبول سعر للأوقية مقابل الدولار يتجاوز السعر المقرر لدى البنك المركزي بكثير، ورهن مقر الشركة بصورة غير قانونية ودون مبرر لدى جهة مصرفية وإثقاله بالديون، وتحويل عائدات بيع المواد إلى جهة مصرفية معينة دون البنك المركزي.

ويؤكد الادعاء أنه سيتعامل مع القضية وفق المنطلقات القانونية لا السياسية، وأنه لن يكترث بأي أبعاد أخرى في إشارة إلى ما يقول المعارضون إنه أبعاد سياسية للقضية.

ويرفض الكاتب العام لحزب الطلائع عبد الرحمن ولد محمد الشيخ للجزيرة نت تلك الاتهامات ويعتبرها مسيسة، مشيرا إلى أن مولاي العربي جاء إلى سونمكس وهي في وضعية مزرية بمديونية تقارب ثمانية مليارات أوقية (28985507 دولارات)، وخرج منها برصيد يفوق 14 مليارا (5072463.77 دولارا) بين النقدي والمخزون الغذائي.

وقال إن تسع بعثات تحقيق برأت الرجل من أي فساد، قبل المحقق الأخير الذي استجلب في ظروف مشبوهة ومخالفة لكل الشروط القانونية، لغرض وحيد هو توريط العربي، عن طريق الخلط بين تسييره وتسيير من أدار الشركة من بعده، بسبب معارضته للنظام.


نفي
من جهتها تنفي المفتشة العامة للدولة عيشة فال بنت فرجس في حديث مع الجزيرة نت أي دور أو شبهة سياسية في عمل مفتشية الدولة.

عيشة فال فرجس تنفي أي دور أو شبهة سياسية في عمل مفتشية الدولة (الجزيرة نت)
عيشة فال فرجس تنفي أي دور أو شبهة سياسية في عمل مفتشية الدولة (الجزيرة نت)

وقالت إنها تفتش الجميع موالين ومعارضين وتحيل ملفات المتورطين في قضايا فساد إلى الجهات المعنية إما لإقامة تسويات معهم تضمن تعويضهم للمبالغ التي اتهموا بها، أو لإحالتهم إلى القضاء.

وقالت إن صيغة التعويض بالتراضي التي تنتهجها المفتشية مكنت حتى الآن من استرجاع أكثر من مليار أوقية (362318.84 دولارا) من جيوب المتهمين بالفساد، كما مكنت من تحصيل نحو ملياري أوقية من متأخرات الضرائب التي كانت بعض المؤسسات تتلكأ في دفعها.

وأكدت حصول تراجع كبير في ممارسات الفساد، رغم إقرارها باستمرار وجودها في الإدارة لأن المفسدين لجؤوا إزاء ضغط التفتيش إلى التحايل وتغيير الأساليب، وقالت إن المفتشية ستركز في السنة الحالية على المؤسسات الكبيرة.


حرب شاملة
وضمن الحملة المعلنة على الرشوة والفساد عقد حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم ندوة سياسية حول الوظيفة العمومية وسبل إصلاح الإدارة حضرها العشرات من كبار مسؤولي الدولة.

ويجزم محمد يحيى ولد حرمة نائب رئيس الحزب الحاكم في حديث للجزيرة نت أنه لم تشهد أي فترة من التاريخ الموريتاني حربا لا هوادة فيها على الفساد مثل ما يجري حاليا، حيث أصبح الجميع يرتجفون ترقبا للتفتيش وخوفا من الملاحقات القضائية.

وبخصوص اتهامات المعارضة، يرى ولد حرمة أنها إذا كان ما يجري تصفية حسابات فهي مزدوجة، وإذا كان حربا شاملة ضد الفساد -وهو كذلك كما يقول- فهي أيضا عامة، مشيرا إلى أن ضحايا هذه الحرب في الموالاة أكثر منهم في المعارضة مما يعني زيف ادعاء توجيهها لتصفية الخصوم.

المصدر : الجزيرة