صادق الأحمر.. شيخ مشايخ حاشد الذي أوقف دراسته عدة مرات من أجل القضايا القبلية

Influential Yemeni tribe leader Sheikh Sadeq al-Ahmar attends a demonstration demanding the establishment of a civil governing council, in Sana'a, Yemen, 10 June 2011. Thousands of Yemeni anti-government protesters took to the street across Yemen to continue demanding an immediate end of the 32-year regime of Yemeni President Ali Abdullah Saleh and the creation of a civil governing council to lead the country one week after an attack on the presidential palace in Sana'a in which President Saleh and senior Yemeni officials were injured. EPA/YAHYA ARHAB
صادق الأحمر تنقل خلال مراحله الدراسية بين مصر واليمن للدراسة متأثرا بالمشاكل القبلية (الأوروبية)

صادق عبد الله الأحمر، سياسي وزعيم قبلي يمني، مهدت له مكانته القبلية دخول المعترك السياسي، لكن مد وجزر معارك اليمن القبلية والسياسية أثر في مساره التعليمي وأوقف دراسته أكثر من مرة، تحالف مع الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح وسانده في معاركه، ثم وقف مع الثورة التي أسقطته عام 2011، يعد من أبرز وجهاء اليمن الذين وقفوا ضد جماعة الحوثيين حتى وفاته في السادس من يناير/كانون الثاني 2023.

المولد والنشأة

ولد صادق عبد الله الأحمر في الخامس من أكتوبر/تشرين الأول 1956 في قرية الخمري شمال غرب مدينة خمر التاريخية بمحافظة عمران في أسرة زعامة ونفوذ باليمن، وكان أكبر أبناء الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر.

الدراسة والتكوين

تلقى الأحمر تعليمه الأولي في كتَّاب القرية، وأشرف عليه حسن علي بسيس، وعند قيام الثورة اليمنية عام 1962 وخروج والده من سجن المحابشة بمحافظة حجة خرج مع والده إلى مدينة خمر واستقروا بعدها في صنعاء، وهناك التحق بالمدرسة النظامية، ودرس الصفين الثاني والثالث، ثم بعثه والده إلى مصر للدراسة واستقر في طنطا.

درس في مصر الصفين الرابع والخامس، لكن القاهرة ألغت منحته بعد وقت قصير في ظل اشتداد خلاف والده معها ومع الرئيس اليمني آنذاك عبد الله السلال، فعاد إلى اليمن عام 1966 وأكمل الشهادة الابتدائية في مدرسة "نشوان الحميري"، وفي المرحلة الإعدادية بقي يتنقل بين بلده ومصر للدراسة حتى وصل المرحلة الثانوية فانتقل إلى القاهرة للدراسة في مدرسة "الأورمان"، وتخرج فيها عام 1975.

قرر الالتحاق بالجامعة، لكن تفاقم المشاكل بين والده والرئيس اليمني الراحل إبراهيم الحمدي أدى إلى قطع دراسته الجامعية والعودة لليمن، فاستقر في مدينة خمير حتى عام 1982، حيث انتقل إلى الولايات المتحدة لدراسة الطيران المدني، فحصل على شهادة في قيادة الطائرات المدنية الصغيرة، وعاد لليمن عام 1987.

صادق الأحمر بويع شيخا لقبيلة حاشد عام 2008 خلفا لوالده الراحل الشيخ عبد الله الأحمر (الفرنسية)

التجربة السياسية

دخل صادق الأحمر المعترك السياسي من باب موقعه القبلي، فخلال الفترة التي لازم فيها والده وترك دراسته الجامعية ظهرت قدراته السياسية والاجتماعية، حيث استطاع التعامل مع العديد من القضايا القبلية وفهم الكثير من عادات قبائل اليمن بحكم موقع والده الرفيع الذي سمح له بالتعرف على شيوخ القبائل اليمنية.

وحينما اندلعت الحرب بين شطري اليمن عام 1979 كان على رأس الجيش الشعبي الذي قاتل الجبهة الوطنية المدعومة من حكومة جنوب اليمن في محافظة إب، الأمر الذي مكنه من قيادة العديد من حملات الجيش الشعبي خلال عامي 1981 و1982.

شهد مساره السياسي نقلة نوعية عام 1988، فقد ترشح لعضوية مجلس الشورى في اليمن الشمالي قبل توحد شطري البلاد، وفاز بعضوية المجلس عن دائرة منطقة حوث والعشة، وفي عام 1990 كان أحد الذين صوتوا في البرلمان على إعلان الوحدة اليمنية الذي طبق في مايو/أيار 1990.

خلال الفترة التي كان فيها عضوا في مجلس الشورى كلفه والده بمهام معالجة الخلافات القبلية، الأمر الذي زاد قربه ودرايته بشؤونها.

وفي انتخابات عامي 1993 و1997 فاز بعضوية مجلس النواب في اليمن الموحد، وواصل بناء الأساس التشريعي والقانوني ذي الطابع التوحيدي للدولة الجديدة بالتزامن مع مهامه القبلية، وخلالها قام بالعديد من الزيارات البرلمانية للدول الشقيقة في إطار الوفود البرلمانية لمجلس النواب.

وفي عام 1997 ترشح للدائرة "225" في مديرية حوق، وفاز بعضويتها للمرة الثالثة، وبقي حتى عام 2003.

عام 2005 عين عضوا في مجلس الشورى (الغرفة الثانية)، وبويع شيخا لقبيلة حاشد في 28 يناير/كانون الثاني 2008 خلفا لوالده الراحل الشيخ عبد الله الأحمر.

بدأ يلعب دورا سياسيا مهما مع خلافته لوالده، وزاد من قوة نفوذه اقترابه من المعارضين للرئيس علي عبد الله صالح ولعبه دور الوسيط للتوفيق بين الطرفين في السنوات التي سبقت اندلاع الثورة اليمنية مطلع 2011.

صادق عبد الله الأحمر تلقى علاجه قبيل وفاته في الأردن بتوجيه من ملك الأردن عبد الله الثاني (الفرنسية)

وفي مارس/آذار 2011 أعلن انضمام قبيلة حاشد إلى الثورة السلمية، فأصبح إحدى ركائز المعارضة، وتحول إلى خصم لدود للرئيس علي عبد الله صالح، وإلى جدار يستند إليه المعارضون في كسب ولاء القبائل أثناء مطالبتهم برحيل النظام.

وعلى خلفية موقفه الداعم للثورة تعرض منزله لهجوم من قوات علي عبد الله صالح تزامن مع وجود وسطاء لحل خلافه مع صالح، وأدى الهجوم إلى إصابة بعض الوسطاء ومقتل بعض رجال الأحمر.

وقد استمر القتال بين الطرفين عدة أيام، وأصدر صالح أمرا باعتقال صادق الأحمر وبقية إخوته ومحاكمتهم بتهمة التمرد.

وبعد تنحي صالح وتولي عبد ربه منصور هادي السلطة اندمج صادق الأحمر في المسار السياسي في إطار أحزاب اللقاء المشترك، ودعم مؤتمر الحوار الوطني.

وشهدت سنة 2014 مواجهات عنيفة بين قبيلته وجماعة الحوثيين استطاعت الجماعة خلالها احتلال مدينة عمران مركز نفوذه وموطن قبيلته، قبل أن ينسحبوا منها في إطار اتفاق مع الحكومة، واتهم صادق الرئيس (المخلوع آنذاك) علي عبد الله صالح بمساعدة الحوثيين وتسليحهم.

الوظائف والمسؤوليات

لم يتول الأحمر وظائف حكومية إدارية، ولم يشغل وظيفة عامة باستثناء الوظائف الانتخابية، حيث كان عضوا في مجلسي الشورى والنواب اليمنيين.

الوفاة

في أواخر العام 2022 عرض ملك الأردن عبد الله الثاني على الشيخ صادق الأحمر أن يخضع للعلاج في الأردن تحت رعاية وإشراف الديوان الملكي الأردني، وذلك إثر تعرضه لوعكة صحية، فبقي يتعالج هناك حتى توفي يوم الجمعة السادس من يناير/كانون الثاني 2023 بعد معاناة طويلة مع المرض.

المصدر : الجزيرة