قوة "ساحلية" لمواجهة قاعدة المغرب

من وحدات مكافحة تنظيم القاعدة التابعة للجيش الموريتاني في صحراء شمال البلاد

 وحدات مكافحة تنظيم القاعدة التابعة للجيش الموريتاني في شمال البلاد (الجزيرة نت-أرشيف)

أمين محمد-نواكشوط

اتفقت دول الساحل والصحراء، وهي مالي والجزائر وموريتانيا والنيجر، على تأسيس قوة عسكرية قوامها نحو 80 ألف عنصر تشكل من جيوش الدول الأربع بهدف تضييق الخناق على تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي.

وجاء القرار في اجتماع عقده وزراء خارجية هذه الدول بالعاصمة المالية باماكو تحت شعار "الأمن والتنمية"، وخصص لبحث قضايا السلم والأمن بالمنطقة وطرق مواجهة تنظيم القاعدة.

كما ناقش المجتمعون سبل توسيع هامش التنمية ومساعدة السكان المحليين بالمناطق التي يكثر فيها وجود التنظيم المسلح بالإضافة إلى تعزيز التنسيق السياسي والعسكري بين الدول الأربع.

وضمن هذا الإطار، تضمنت خريطة الطريق التي أقرها الوزراء أكثر من عشرة بنود تتركز أساسا حول الطرق والأساليب الأمثل لمواجهة القاعدة، والتنسيق مع الشركاء الدوليين في هذا المجال، ولعل أكثر النقاط لفتا للاهتمام هي الاتفاق على تأسيس قوة عسكرية مشتركة قوامها نحو 80 ألفا تشكل من جيوش الدول الأربع.

وسيعهد إلى القوة الجديدة التي ستبدأ عملها في غضون 18 شهرا من الآن، مهمة تأمين منطقة الساحل والصحراء التي تمتد عبر حدود هذه الدول الأربع، وستقوم بدوريات  بالمنطقة وبالتصدي لـ"الجريمة المنظمة العابرة للحدود".

وكانت نفس الدول قد اتفقت العام الماضي على إنشاء قيادة أركان مشتركة تقرر أن يكون مقرها في تنمراست بالجنوب الجزائري، وتشارك فيها قوات برية وجوية تابعة للدول الأربع.

ولكن تلك القيادة ظلت معطلة بحكم الخلافات التي نشبت بين تلك الدول، واختارت بعض جيوش تلك الدول تنفيذ عمليات مشتركة مع الفرنسيين بدلا من تلك القوات المشتركة.

ونظرا لارتباط تلك الدول في حربها على القاعدة بتحالفات خارجية فقد اتفق الوزراء على دعوة شركائهم في مكافحة الإرهاب وخاصة الأميركيين والأوروبيين إلى اجتماع مشترك، سيعقد بعد شهور في الجزائر.

ويخصص الاجتماع لزيادة التنسيق وتفعيل التعاون بمجالات التكوين وتبادل الخبرات، وبشأن المعلومات الأمنية والاستخباراتية.

وألقت التطورات الحالية وخصوصا منها الجارية في ليبيا ومقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن بظلالها على مجريات ونتائج الاجتماع، وساهمت بشكل رئيسي في التفاهمات الحاصلة بين البلدان الأربعة، بعد خلافات ومشاكل عاقت في السنوات الماضية توصلها إلى تعاون ملموس وجاد في محاربة الإرهاب.

وزير الخارجية المالي:
محاربة الإرهاب لا تعني تحويل الساحل إلى منطقة حرب مثل أفغانستان، حيث نرى الجنود وهم في دوريات محملين بعشرات الكيلوغرامات من السلاح على ظهورهم

تحفظات عالقة
ولكن تصريحات الوزراء المشاركين في الاجتماع تشي بوجود بعض التحفظات العالقة بين هذه الدول التي ظلت في السابق تتبنى مقاربات مختلفة وأحيانا متباينة بالتعاطي مع ما يوصف بظاهرة الإرهاب.

وضمن هذا الإطار، حذر وزير الخارجية المالي سومايلو بوباي مايغا دالا من أن محاربة الإرهاب "لا تعني تحويل الساحل إلى منطقة حرب مثل أفغانستان، حيث نرى الجنود وهم في دوريات محملين بعشرات الكيلوغرامات من السلاح على ظهورهم".

وأضاف "إننا نريد القيام بأعمال دائمة ونجعل من الصحراء منطقة استقرار في مجال الأعمال الميدانية والتعاون العسكري".

معلوم أن مالي ظلت طيلة السنوات الماضية تتبنى نهجا غير صدامي مع تنظيم القاعدة، شمل تبادل السجناء معها ودفع الفدى لها، بالإضافة إلى ما يشبه اتفاقا ضمنيا بعدم استهداف الأراضي والمنشآت المالية من قبل التنظيم مقابل حرية أكثر لعناصر التنظيم في الحركة والنشاط داخل الأراضي المالية.

الجزائر شددت على منع تقديم فدية
الجزائر شددت على منع تقديم فدية "للإرهابيين" مقابل إطلاق سراح الأسرى (الفرنسية-أرشيف)

منع الفدية
ولكن الجزائر حرصت بالمقابل على تضمين البيان الختامي فقرة تمنع فدية لـ"الإرهابيين"، كما أن وزير خارجية النيجر ندد بدفع هذه الفدى على اعتبار أنها تمكن "الإرهابيين" من قتل المزيد من الأشخاص.

وفي سياق التدافع نفسه دعت كل من مالي والنيجر إلى إشراك دول أخرى تعاني من "ويلات الإرهاب" في الجهود المنسقة بمنطقة الساحل مثل تشاد وتونس والمغرب، وهو ما تعارضه الجزائر التي لا ترى ضرورة لتوسيع ذلك الإطار خصوصا نحو المغرب غريمتها التقليدية بالمنطقة.

وقد حاولت الجزائر -التي تعتبر القائدة الفعلية لتلك الجهود- في الشهور الماضية زيادة وتفعيل علاقاتها بمالي التي تعتبر حجر الزاوية في الحرب على تنظيم القاعدة، وأعلنت منحها هبة بقيمة عشرة ملايين دولار للمساعدة في بعض المشاريع التنموية في مناطق الشمال التي توجد بها القاعدة.

جدير ذكره أن مالي أطلقت في فبراير/شباط من العام الماضي عناصر من القاعدة في صفقة تبادل أغضبت كلا من الجزائر وموريتانيا اللتين سحبتا سفيرهما من باماكو، قبل أن يعودا مؤخرا لخطب ود الماليين وكسب قلوبهم لدفعهم نحو مزيد من الصرامة تجاه التنظيم.

المصدر : الجزيرة