إسرائيل ترفض فتح ملف دير ياسين

بعض شيوخ دير ياسين في حفل إحياء ذكرى المزرة العام الماضي في رام الله

بعض شيوخ دير ياسين في حفل إحياء ذكرى المجزرة العام الماضي في رام الله (الجزيرة نت)

وديع عواودة-حيفا

كشفت الباحثة اليهودية نيطع شوشاني للجزيرة نت أن محكمة العدل العليا في إسرائيل رفضت التماسا تقدمت به لفتح أرشيفات الجيش الإسرائيلي الخاصة بمذبحة دير ياسين التي توافق اليوم الجمعة ذكراها الـ63.

وطالبت شوشاني بإلزام الجيش الإسرائيلي بفتح أرشيفه للاطلاع على صور مجزرة دير ياسين كان التقطها مصور الهاغاناه، وبعد رفضه بحجة الأمن قدمت استئنافا على القرار.

وقالت للجزيرة نت إن المحكمة العليا بهيئة ثلاثة قضاة بحثت الاستئناف وقررت مطلع الأسبوع رفضه بدعوى أن "الجراح لم تلتئم بعد".

وقالت إنه تم التداول بالالتماس دون مشاركتها أو مشاركة المحامية الموكلة من طرفها، في حين شارك مندوبون عن الحكومة والأجهزة الأمنية الذين قالت الباحثة "إنهم عرضوا أمام القضاة صورا مروعة للمذبحة التي راح ضحيتها مائة شخص". ويذكر أن المصادر الفلسطينية تؤكد أن العدد أكبر من هذا.

لائحة بأسماء الشهداء ثبتت في دير ياسين من قبل
لائحة بأسماء الشهداء ثبتت في دير ياسين من قبل " زوخروت" العام الماضي (الجزيرة نت)

فيلم وثائقي
وأوضحت شوشاني أنها وشركة إنتاج فرنسية بصدد إخراج فيلم وثائقي بشأن دير ياسين يتحدث فيه بعض الناجين من المجزرة، إضافة لعدد من الصهاينة شاركوا في عمليات القتل.

وتورد الباحثة شوشاني شهادة للمؤرخ العسكري د. مئير بعيل عن ما شاهده يوم المجزرة في دير ياسين، لكنها قالت إنه حاول ثنيها عن النبش في ما سماها قضية مروعة.

ويقول الحاج عبد القادر زيدان أبو حسن (83 عاما)، وهو من دير ياسين وشارك في حامية القرية في ليلة المذبحة إن نحو ستين من شبابها دافعوا عنها حتى نفدت ذخائرها.

ويوضح أبو حسن للجزيرة نت على مسمع بعض أحفاده أنه في البداية قتل اليهود حراس القرية من الجهة الشرقية فاستيقظ السكان على أزيز البنادق الرشاشة، وعندها هب المسلحون من أبناء القرية وتصدوا لهم بالبنادق.

وأضاف "كنت أحد المدافعين عن القرية وتبادلنا رمي النار مع اليهود من بيت لبيت وخلال ذلك ذبحوا النساء والشيوخ والأطفال".

ويروي أبو حسن وقد بدا وجهه متجهما محتقنا بالقول "وعند وصولنا سوية مع سكان دير ياسين نازحين لقرية عين كارم المجاورة فجعت بسماع نبأ مقتل والدي حسن وشقيقي علي  وعمي مصطفى وزوجته عايدة وأولادهما السبعة وابن عمي موسى زيدان وأولاده الثمانية وابن عمتي عبد الله الذي أسروه ورموه بالنار قبالة والدته ثم أحرقوه بالكاز".

ويقول بصوت مرتجف إنه بكى وقتها حتى جفت الدموع في مقلتيه، مشيرا إلى أن مصيبته كانت جزءا من كارثة أكبر، مما خفف عنه وقع المصيبة.

الباحث المعادي للصهيونية إيلان بابه صاحب كتاب التطهير العرقي في فلسطين (الجزيرة نت)
الباحث المعادي للصهيونية إيلان بابه صاحب كتاب التطهير العرقي في فلسطين (الجزيرة نت)

تضخيم
ومن جهته، يوضح الباحث جميل عرفات للجزيرة نت أن ما جرى في دير ياسين لم يكن المجزرة الفظيعة الوحيدة في فلسطين التي شهدت 74 مذبحة كهذه عام 48، لافتا إلى أن دير ياسين اكتسبت تميزا بسبب حالة الهلع التي سببّتها لدى الفلسطينيين فور انتشار وقوعها.

وقال إن الصهيونية اهتمت بتضخيمها وترويجها بهدف تخويف الفلسطينيين ودفعهم للترحيل، مؤكدا أن هذا الأمر أوضحه مؤرخون إسرائيليون أيضا.

ويشير الباحث المعادي للصهيونية د. إيلان بابه صاحب كتاب "التطهير العرقي في فلسطين" أن المجزرة وقعت ضمن خطة مكتوبة وضعتها الصهيونية مسبقا وتعرف بالخطة "د" وبواسطتها هجروا نحو خمسمائة قرية و11 مدينة.

وبخلاف مؤرخين إسرائيليين كثر، يؤكد بابه للجزيرة نت أن حرب 48 استخدمت من قبل الصهيونية وسيلة لتطبيق خطة التطهير العرقي، نافيا المزاعم الصهيونية التقليدية القائلة إن المساس بالمدنيين هو نتيجة طبيعية لكل حرب.

ولم يبد بابه استغرابه من قرار محكمة إسرائيل العليا بالتحفظ على أرشيف قال إن من شأنه كشف الحقائق الدامغة، معتبرا أن المعركة على الوعي والرواية ما زالت على أشدها.

ترهيب
ويذكر أن المؤرخ الإسرائيلي بيني موريس يوضح في كتابه الأخير (حرب 48) أن الصهيونية سارعت لتهويل مجزرة دير ياسين بهدف ترهيب وتهجير الفلسطينيين، مشيرا لقول بن غوريون بأن دير ياسين -إضافة لمقتل القائد الأعلى عبد القادر الحسيني- ساهمت في سقوط حيفا.

ويتابع موريس بهذا السياق "كانت أسطورة دير ياسين تعادل زيادة ست كتائب لقوة الصهيونية فاستبد الفزع بالعرب".

المصدر : الجزيرة